أحمد بيضي
تم، يوم الثلاثاء 17 يوليوز 2018، ببلدية خنيفرة، تقديم كتاب جماعي، حول تاريخ وحاضر إقليم خنيفرة، والحامل لعنوان “خنيفرة إقليم متفرد” Khénifra une province singulière، من تأليف وإخراج جماعي، وانتاج المصورة رولاند ألين Rolande allene ، والذي طبع منه 4000 نسخة، وجاء تقديمه في اللقاء بحضور عدد من الإعلاميين والجمعويين وممثلي الجمعيات الثقافية، ويخصص الكتاب، الواقع في صفحات من الطباعة الملونة، فقرات تعريفية لكل مجال بالإقليم، عبر اعتماد منهجية تسعى إلى تسليط الضوء على الحياة التاريخية، الاجتماعية، الاقتصادية، البيئية، مع مجموعة من المعطيات والخرائط والصور والوثائق المستقاة من مصادر متنوعة، ورغم ذلك ما يزال الكتاب يثير المزيد من الجدل بسبب السرية المضروبة على مصاريف طبعه في إقليم منسي ومهمش، وعلى مصادر تمويله وظروف تأليفه في بضع صفحات وصفها البعض ب “ألبوم صور” لا غير.
اللقاء الذي غابت عنه منتجة الكتاب، عرف مجموعة من التساؤلات المطروحة من لدن الحاضرين، جلها ظل عالقا دون جواب، ومنها ما يتعلق بعدم إشراك المهتمين والمثقفين المحليين والفاعلين المختصين في الاستشارة والإعداد قبل إنجاز الكتاب؟ وبسيرة منتجته الأجنبية؟ وحقيقة تكلفته المالية الباهظة التي أثارت الكثير من الجدل والتعاليق المتضاربة؟ وهل يجري التفكير في ترجمته؟ وما معنى قفزه على ذكر بعض المعالم مثل مدينة فزاز والزاوية الدلائية وديور الشيوخ وساحة أزلو والقناطر الشهيرة؟ وعلى المراحل المهمة من تاريخ الإقليم ومعارك المقاومة المسلحة ومعالمها بلهري مثلا؟ والساهمين في بناء تاريخ الإقليم ثقافيا؟ مع تساؤل: هل هو موجه للمغاربة أم للسياح الأجانب؟ وهل الصور المضمنة به مرخصة أم لا؟ في حين اكتفى بعض الحاضرين بالحديث عن أهمية الكتاب في سد الفراغ.
ومن خلال تقديمه الكتاب للحاضرين، انطلق الجامعي، ذ. لحسن شيلاص، من تأكيده على أن الكتاب “يعد الأول من نوعه”، و”ليس كباقي الكتب الكلاسيكية”، و “لا يحتوي على نصوص للبحث بل هو عبارة عن إشارات ورسائل لها دلالاتها ورمزيتها، ويأخذ على عاتقه دعم خزانة التوثيق والسياحة”، مضيفا أن الكتاب “ليس كتاب تاريخ أو علم اجتماع بل هو محاولة لنوع من استراتيجية التواصل”، من حيث تعريفه للحياة العامة للإقليم، إن على مستوى المؤهلات الطبيعية التي يزخر بها الإقليم، والتراث المادي واللامادي، ومحاولا إبراز جانب التنمية المستدامة، والبعد الاجتماعي البيئي، الاقتصادي، الثقافي، التاريخي للإقليم، إضافة إلى جانب الأمن الروحي من خلال ما يوجد من الزوايا والأولياء.
وإضافة إلى تركيز الكتاب بشكل أساسي على الخصوصيات، والجوانب المتعلقة بالثروة الغابوية والحياة الزراعية والفلاحية والخيول الأصيلة، يرى ذ. شيلاص، أن الكتاب يحتوي على “وثائق نادرة كانت ستظل مطمورة لولا فرصة الكتاب”، ومنها “وثائق وظهائر قديمة تم العثور عليها في زيارة ميدانية لمنطقة سيدي بوعباد”، كما أن الكتاب يوثق بالتالي ل “مآثر مهددة بالتلاشي وتحتاج للحفاظ عليها في صور ومعطيات”، إلى جانب “خرائط قديمة تتعلق بقبائل انقرضت أو في طريقها للانقراض”، ول” عادات وتقاليد وحفلات” و”معارك تاريخية” و”معالم أثرية تنتظر إنقاذها بالترميم”، مع سعيه إلى تكوين فكرة دقيقة عن الأنشطة الاقتصادية التي يرتكز عليها الإقليم في ما يتعلق بالصناعة التقليدية وتربية المواشي وأسواق الزرابي التي هي أصلا محط جذب السياح والزوار.
ومن بين ما وقف عنده محتوى الكتاب، حسب ذ. لحسن شيلاص، ما يتعلق بالمناطق الفقيرة للماء للشروب، ومعاناة ساكنتها مع هذه الأزمة في إقليم غني بثروته المائية، ثم المرأة الأمازيغية ودورها في الحياة اليومية خلف الشعاب الجبلية والقروية، علاوة على واقع التمدرس بالعالم القروي، وخصوصية شجر الأرز والبحيرات والوحيش، في حين لم يفت الكتاب “تناول ما يميز الإقليم كمنطقة جبلية استثنائية أو مجال جبلي بامتياز”، وتخصيصه زاوية منه للمعهد السوسيو ثقافي والرياضي المقرر إحداثه بمنطقة أجدير الشهير ب “خطاب أجدير” الذي تم فيه الإعلان عن إحداث المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية وتأكيده على أن الأمازيغية تشكل مكونا أساسيا من مكونات الثقافة والهوية المغربية.
وبينما لم تخل صفحات ذات الكتاب، حسب ذ. شيلاص، من الإشارة للجانب الثقافي والفني الأمازيغي، ذكر باستحضار الكتاب لعدة فنون لا تقل عن أحيدوس، وبعض الأعلام من قبيل الفنان موحى والحسين أشيبان ومحمد رويشة، والمعالم التي لا تقل عن قصبة موحى وحمو الزياني والقنطرة الاسماعيلية، وبعض الرواسب الثقافية التي أغنت مسار تشكل المجتمع الخنيفري، وفي الوقت ذاته لم يفت مقدم الكتاب الإشارة إلى عمل يجري إنجازه من طرف فريق برنامج “أمودو”، حول إقليم خنيفرة، بتمويل أطراف منتخبة، في أفق عرضه، في حوالي ربع ساعة، على القناة التلفزية، ويسعى إلى تسويق الإقليم من أجل تشجيع الاستثمار والسياحة الجبلية.
لا يتحدث عن خنيفرة أي كتاب لا يأتي على ذكر قلعة فزاز والزاوية الدلائية ومعركة الهري موقعا وحدثا وأبطالا. لذلك فهذا الكتاب المتفرد عن ختيفرة المدينة المتفردة يجب أن تبحثوا له عن عنوان آخر لا علاقة له بخنيفرة.
والعنوان الحقيقي لهذا الأطلس من الصور هو “غرائبيات جبال غريبة بعيون غريبة”. لماذا ؟ لأن الكتاب تحدث وركز على المرأة والفتاة الأمازيغية بين الجبال والشعاب وعلى مسألة التمدرس بالعالم القروي ونحن على يقين أن صاحبة الكتاب/المصورة ستكون “زينت” ألبوم كتابها بصور فتيات ترعين الغنم أو تحملن دفترا وقوارير المياه مادامت هذه هي الصورة المغلوطة التي يروجها الغربيون عنا وتبعهم كثير من إعلاميينا لأنهم لم يفهموا ولم يدرسوا الواقع. هو كتاب غرائبيات وعزف على أوتار حساسة.
أما أخونا الجامعي سي شيلاص فأقول له إن الوثائق المطمورة ومسألة نشرها هي علم قائم الذات لا يتطفل عليه أي كان ولا يمكن نشرها مع ألبوم للصور وكتاب تم إعداده لتسلية الآخر وإلا فإن الأمر يشبه تدريس فيورباخ وسبينوزا وأرسطو لتلامذة السادسة ابتدائي.
ما على مسؤولي خنيفرة من حرج، فقد سبقهم العامل السابق لمديتة الجديدة إذ ترك جهابدة الباحثين والمفكرين المقيمين بالجديدة ومنح عشرات الملايين لشخص أجنبي قيل إنه صحفي متقاعد وذلك لتأليف كتاب نفيس (غالي) تحدث عن إقليم الجديدة جاءت فيه كثير مت النواقص وكثير من الغرائبيات. لكنه في المحصلة النهائية يبدو أنجح من هذا الألبوم/الكتاب عن خنيفرة التي تحتاج كتابا في محلدات وليس كثير من الصور الغرائبية وشح في أسطر شحيحة في معلوماتها وعلمعا. تحية عالية إلى كل خنيفرة بكل تاريخها ومعالمعا وأعلامعا ونسائها ورجالاتها.
الأطلس يستحق اكثر وأجمل.
المغرب يفتح ذراعيه للأجانب