لهذه الأسباب مسؤولية رئيس الجماعة الحضرية في فاجعة طنجة قائمة ..
محمد اليزناسني
الثلاثاء 9 فبراير 2021 - 20:01 l عدد الزيارات : 25011
محمد اليزناسني
لقد حسم بلاغ ولاية جهة طنجة – تطوان – الحسيمة ملف فاجعة طنجة، التي راح ضحيتها 30 شهيدا وشهيدة غرقا. البلاغ واضح تماما وبالتالي فإن الحديث بالقول “فتح تحقيق لتحديد المسؤوليات” لن يكون إلا شكليا ليس إلا ومن باب تحصيل الحاصل، مادامت السلطة الولائية أقرت منذ البداية أن محل الفاجعة ” وحدة صناعية سرية للنسيج، كائنة بمرآب تحت أرضي، بفيلا سكنية بحي الإناس، بمنطقة المرس بطنجة”.
لنقف عند تراتب الجمل، وحدة صناعية سرية.. ، مرآب تحت أرضي بفيلا .. ، حي الإناس السكني .
إذن هذا بلاغ يمكن اعتباره صك إدانة صريح، إلى كل من رئيس الجماعة، وسلطة الوصاية في آن واحد، وإدانة أيضا لمفتشية الشغل، إذ كيف يعقل لعيون كل هؤلاء التي لا تنام،أن تغفل عما يقع في مرآب فيلا سكنية تحول إلى وحدة إنتاجية في قلب المدينة؟
كيف يعقل ألا يثير توافد أزيد من 120 عامل وعاملة في مقتبل العمر على الحي والفيلا انتباه سلطات الجماعة والعمالة ؟
كيف يعقل أن تصطف سيارات نقل السلع بالمدخل، لنقل المنتوج أو لتفريغ المادة الخام، من دون أن يثار التساؤل عن طبيعة النشاط المزاول في مرآب الفيلا ؟ بالمناسبة لا أستبعد أن تكون لدى مصالح الجماعة شكايات من الجيران في حال كان المرآب يصدر ضجيجا..
فمن قام بالتستر على هذا المعمل السري ؟
سؤال ننتظر من النيابة العامة أن تجيب عنه، وأن يتم تعميق البحث للوصول إلى الفاعلين الحقيقيين، الذين بإهمالهم تسببوا في استشهاد عشرات الأبرياء الذين كانوا يكدون للحصول على لقمة عيش بالحلال، وغالبا أنهم كانوا يشتغلون من دون حقوق، مادام أن الأمر يتعلق بورشة سرية، وفي حال تبث العكس فإن الأمر أخطر بكثير.
ومن يتحمل المسؤولية فيما حدث ؟
لا يمكن الإكتفاء بتقديم أكباش فداءقربانا لطي الملف، لا يمكن الوقوف عند صاحب الورشة، وصاحب الفيلا، والمقدم والقائد، فالورشة أكبر من أن يستجدي صاحبها حماية وتستر مقدم الحي أو قائد المنطقة، نشاط الورشة له امتداد خارج المجال الترابي للملحقة الإدارية، وبالتالي من المسؤول عن هذه الورشات السرية؟
لأجل معرفة المسؤولية التقصيرية لرئيس المجلس الجماعي،والتي هي ثابتة ولا تحتاج إلى بحث أو تحقيق، لابد من الرجوع إلى الميثاق الجماعي والوقوف على الصلاحيات الإنفرادية للرئيس،و المقصود بالصلاحيات الإنفرادية للرئيس تلك الصلاحيات التي يمارسها دون أن تكون موضوع مداولات المجلس.
وتهم هذه الصلاحيات بالخصوص مجال الشرطة الإدارية الجماعية في ميادين الوقاية الصحية، والنظافة والسكينة العمومية، وسلامة المرور، التي يمارسها بواسطة قرارات تنظيمية وتدابير شرطة فردية تتمثل في الإذن أو الأمر أو المنع، بالإضافة إلى إستعمال الوسائل المادية كأسلوب التنفيذ المباشر أو الجبري بواسطة القوة العمومية في حالة رفض المعنيين بالأمر إحترام قراراته ومقرارات المجلس .
فمن مسؤولياته كما هو مبين في الميثاق الجماعي ، سحب رخص استغلال المؤسسات المضرة أوالمزعجة أو الخطيرة، وكل هذا يدخل في صميم صلاحياته، وكذا مراقبة هذه المؤسسات طبق القوانين المنظمة والجاري بها العمل، وأيضا تنظيم الأنشطة التجارية والحرفية والصناعية غير المنظمة، التي من شأنها أن تمس بالوقاية الصحية والنظافة وسلامة المرور، والسكينة العمومية، أو تضر بالبيئة، والمساهمة في مراقباتها، ومن مهامه أيضا اتخاذ التدابير اللازمة للوقاية من الحريق والآفات والفيضانات وجميع الكوارث العمومية الأخرى.
هنا تتضح مسؤولية رئيس المجلس الجماعي، الذي لم يقم بواجبه لتفادي الفاجعة خاصة إذا علمنا أن الأمر يتعلق بمرآب تحت أرضي مساحته 150 متر مربع و عمقه ثلاثة أمتار و نصف، و بأن الوفاة كانت بسبب صعقات كهربائية و بسبب تدفق المياه و عدم تمكن العمال من الخروج.
وفي انتظار أن تتضح الأمور أكثر فأكثر يبقى أن نعلن أننا لانريد أكباش فداء، بل نريد أن تضرب الدولة بحزم على أيدي كل من تسبب من قريب أو بعيد في هذه الفاجعة الوطنية .
تعليقات
0