القنب الهندي “الكيف”.. عائداته الاقتصادية وفوائده الصحية و”وضعه” الاجتماعي

أنوار بريس الأربعاء 17 مارس 2021 - 13:44 l عدد الزيارات : 22733

أنس معطى الله

صادق المجلس الحكومي المنعقد يوم الخميس 11 مارس 2021، رسميا على مشروع قانون رقم 13.21 يتعلق بالإستعمالات المشروعة للقنب الهندي “الكيف”. وحظي مشروع القانون المذكور، الذي قدمه وزير الداخلية، بالتوافق داخل المجلس الحكومي، و تم الإتفاق على تمريره.

وقد شكلت المصادقة على مشروع القانون، نقطة تحول في تعامل الدولة مع موضوع القنب الهندي، من نبتة كانت تعتبر تهديدا للمجتمع والسلم الاجتماعي إلى مادة تساعد في شفاء المرضى وتحقق تنمية مجالية بالإضافة إلى تحقيق عوائد مادية مهمة للدولة.

الجانب الاقتصادي

كشفت دراسة لمكتب الدراسات “بروهيبيشن بارتنرز” بلندن، أنه من المتوقع أن يجني المغرب رواجا ماليا يتراوح بين 7.1 و10 مليار دولار بحلول عام 2023، وذلك من عائدات التجارة المشروعة للقنب الهندي، وبأفق عَمالة يفتح فرص شغل تصل إلى حوالي 100 ألف منصب شغل، لاسيما وأن المناخ في المغرب وجودة الأراضي الزراعية والعمالة منخفضة التكلفة توفر فرصًا هائلة لتحقيق إقلاع اقتصادي لافت.

وبحسب تقديرات المكتب العالمي المتخصص في دراسات القنب الهندي، والذي واكب عدة ورشات بالمغرب حول تقنين زراعة هذه النبتة، منذ عام 2017، فإن المغرب يعتبر واحدا من أهم الأسواق الإفريقية وأهم منتجيه، مشيرا إلى أنه سيكون سباقا إلى تقنينه في حين ما يزال غير قانوني في معظم البلدان الأفريقية، في وقت تحرص فيه العديد من الدول على تبني الزراعة القانونية كوسيلة لتعزيز اقتصاداتها.

في هذا الإطار، أوضح المهدي الفقير، المحلل الإقتصادي، أن المغرب أتى بالقانون بعد اعتراف دولي بامكانية استغلال نبتة القنب الهندي لأغراض طبية، مضيفا أن المغرب في طريق سعيه لتقنين هذه المادة التزم بمصداقية الدولة عن طريق إحداث وكالة وطنية يعهد إليها تسويق هذا المنتوج وتحويله وتثمينه وتصديره.

وأضاف الفقير في تصريح لجريدة “أنور بريس” الالكترونية، أن هذه العملية سيكون لها أثر على المستوى المجالي، حيث تستفيد مناطق زراعته من فك العزلة “التي فرضت عليها بسبب تعامل البعض معها بطرق غير مضبوطة”، مضيفا أن هذا القانون سيمكن المستثمرين المحليين من الاستثمار في هذه النبتة ما سيشكل فرصة لترقية المجال الترابي في مناطق زراعة القنب الهندي.

وأشار المتحدث عينه، إلى أن الدولة المغربية ستستفيد من هذه العملية، من خلال العائدات الضريبية، مثلا العملة الصعبة في حالة التصدير، وهو ما سيجعل المغرب يستفيد من هذه النبتة بطرق قانونية، مؤكدا في الآن ذاته أن خروج القانون لحيز الوجود جاء في توقيت مدروس واستراتيجي، وكذا وجود الضمانات الدولية التي تمكن من اعتماد المقاربة السيادية وذات المصداقية.

الجانب الصحي.

قال البروفيسور جعفر هيكل، أستاذ الطب الوقائي بجامعة محمد السادس للصحة بالدار البيضاء، إن القنب الهندي “الكيف” يتوفر على العديد من المكونات، منها مكونين أساسيين، والذي يتم استعمالهما طبيا وصيدليا، وهما “CDD” و”THT”، هذا الأخير الذي يمكن أن يكون فيه سلبيات، غير أن “CDD” يتميز بالعديد من الايجابيات في إطار الاستعمال الطبي.

وأوضح هيكل في تصريح لجريدة “أنور بريس” الالكترونية، أن الاستعمال الطبي يمكن أن يكون في الآلام الناتج عن مرض السرطان أو أمراض مزمنة أخرى، مشيرا إلى أن الأخصائيين في التخدير أن العديد من الأدوية لا تستطيع مداواة المرضى، في حين تستطع هذه المادة معالجتهم.

وأضاف المتحدث ذاته، أنه من بين الفوائد نجد كذلك علاج أمراض الجهاز الهضمي، مثل القولون، والتي تنتج العديد من المشاكل أثناء التكفل بها، مضيفا أن هناك أمراض أخرى كالأمراض النفسية، والتي بينت مواد القنب الهندي فعاليتها في إطار الاستعمال الطبي، وبكمية معينة من إعطاء الفعالية المرجوة.

وأكد المختص في الطب الوقائي، أن استعمال القنب الهندي لن يكون استعمالا ترفيهيا بقدر ما سيكون طبي بكمية معينة وفي نسب محددة وكذا أمراض معينة، مؤكدا أن المغرب يمكن أن يستفيد من خلال علاج العديد من المرضى، وكذا استفادة الصناعة الصيدلانية بالمغرب من خلال صنعها للأدوية من مستخرجات القنب الهندي، وكذا يمكن تصديره لدول أخرى.

وحول استعمال القنب الهندي لمعالجة المدمنين، قال هيكل، إن أول الشروط يتمثل في الاستعمال الطبي العلاجي، مضيفا أن هناك سلبيات خطيرة للقنب الذي يتم تدخينه، مؤكدا في الآن ذاته، أن المستخرجات تتم صناعتها في إطار زيوت وأقراص طبية، والتي يتم بيعها في الصيدليات أو أماكن معنية، تحت مراقبة الجهات المختصة.

الجانب الاجتماعي

من جانبه، أبرز المصطفى شكدالي، أستاذ باحث في علم النفس الاجتماعي، أن تقنين القنب الهندي خاضع لمجموعة من النصوص والتشريعات، من الناحية القانونية، أما من الناحية الاجتماعية، فالقنب الهندي والمعروف بـ”الكيف”، فهو على مستوى الفهم الاجتماعي وتداوله الاجتماعي والإدراك الاجتماعي كذلك، يفهم بطريقة خائطة، موضحا أنه في أذهان الناس يعتبر هذا المنتوج “محظورا” على أساس أنه ينتمي إلى المنتوجات التي تدخل في إطار ما يسمى “المخدرات”.

وأضاف شكدالي في تصريحه لجريدة “أنور بريس” الالكترونية، أنه بين التقنين والفهم الاجتماعي، هناك مشكل يتجلى في التضراب بين المستويين القانوني والاجتماعي، خاصة أن ما يصل من معلومات عبر وسائل الاعلام وكذا مواقع التواصل الاجتماعي المتعددة، يشير إلى وجود تقنين مادة القنب الهندي في “غياب أي وضوح حول حيثيات تقنينه” أو أجرأته.

وأبرز المتحدث ذاته، أنه يتم تسجيل عدة مداخلات وتخوفات من مختلف الأطراف، كما يتم تسجيل تخوفات من جانب الفلاحين المشتغلين في هذا الحقل، مضيفا أن هذا جعل الموضوع يعرف “خلطا” على مستوى الفهم، بين منتوج ظل محظورا لسنوات حتى وإن كان متداولا وبين تقنين في صيغة معينة.

وأكد الأستاذ الباحث في علم الاجتماع، على دور وسائل الإعلام في البحث عن المعطيات الدقيقة حول الموضوع، بالنظر لوجود غموض لدى الادراك الاجتماعي لمختلف الفئات المجتمعية وهو ما تعكسه تصريحات العديد من المواطنين.

وحسب المذكرة التقديمية لمشروع القانون تتوفر الجريدة على نسخة منه، فإن هذا المشروع، يندرج في إطار مسايرة التدرج الذي عرفه القانون الدولي من منع استعمال نبتة القنب الهندي إلى الترخيص باستعمالها لأغراض طبية وصناعية، في ظل ما جاءت به الاتفاقية الوحيدة للمخدرات، وتفعيلا للتوصيات الجديدة التي قدمتها منظمة الصحة العالمية بشأن إعادة تصنيف هذه النبتة، وذلك بالشكل الذي يتلاءم مع المستجدات العلمية التي أظهرت على أنها تتوفر على مزايا طبية وعلاجية، و علاوة على الاستعمالات المختلفة المرتبطة بميادين التجميل و الصناعة.

وبموجب المذكرة التقديمية، فإن العديد من الدول لجأت إلى تغيير مقاربتها بشأن نبتة القنب الهندي من خلال تبني قوانين تروم تقنين زراعتها وتحويلها وتوزيعها واستيرادها وتصديرها وتنظيم مجالات استعمالاتها المختلفة. وأوضح المشروع أن بلادنا كانت سباقة لوضع إطار قانوني ينظم استعمال المخدرات لأمراض طبية من خلال الظهير الصادر في 2 دجنبر 1992 الموافق ل 12 ربيع الثاني 1341. غير أن ظهير 24 أبريل 1954 وضع حدا لزراعة القلب الهندي في كافة الأنشطة المشروعة.

و يذكر أن اللجنة الوطنية للمخدرات المنعقدة في 11 فبراير 2020، اعتمدت توصيات منظمة الصحة العالمية، لاسيما تلك المعنية بإزالة القنب الهندي من الجدول الرابع للمواد المخدرة ذات الخصائص الشديدة الخطورة والتي ليست لها قيمة علاجية كبيرة.

وكشف مشروع القانون المذكور، أنه تم إنجاز دراسات حول جدوى تطوير القنب الهندي وطنيا لأغراض طبية و تجميلية و صناعية، وخلصت إلى عدة استنتاجات، تتمثل أساسا، في أن السوق العالمي للقنب الطبي يعرف تطورا متزايدا، حيث بلغ متوسط توقعات النمو السنوي 30 بالمئة على المستوى الدولي و60 بالمئة على المستوى الأوروبي، مما حدا بالعديد من الدول بالإسراع بتقنين القنب الهندي، وذلك من أجل الاستحواذ على أكبر الحصص من السوق العالمية.

ومن بين الخلاصات المسجلة، أن المغرب يمكن له، وفي هذا السياق، أن يستتمر هذه الفرص التي تتيحها السوق العالية للقنب الهندي المشروع بالنظر لمؤهلاته البشرية والبيئية، علاوة على الإمكانات اللوجستيكية والموقع الاستراتيجي للمملكة القريب من أوروبا التي تعد الأكثر إقبالا على منتوجات القنب الهندي. بالإضافة إلى أن تطوير الزراعات المشروعة للقنب الهندي كفيل بتحسين دخل المزارعين وحمايتهم من شبكات التهريب الدولي للمخدرات، وسيحد لا محالة من الانتكاسات السلبية التي تفرزها انتشار الزراعات غير المشروعة على الصحة والبيئة.

ويرتكز مشروع القانون المتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي مطابق أساسا على إخضاع كافة الأنشطة المتعلقة بزراعة وإنتاج وتصنيع ونقل وتسويق وتصدير واستيراد القنب الهندي ومنتجاته لنظام الترخيص، و خلق وكالة وطنية يعهد لها بالتنسيق بين كافة القطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية والشركاء الوطنيين والدوليين من أجل تنمية سلسلة فلاحية وصناعية تعنى بالقنب الهندي مع الحرص على تقوية آليات المراقبة، بالإضافة إلى فتح المجال للمزارعين للانخراط في التعاونيات الفلاحية، مع إجبارية استلام المحاصيل من طرف شركات التصنيع والتصدير، وسن عقوبات من شأنها ردع المخالفين لمقتضيات هذا القانون.
ونص المشروع، على أن الوكالة الوطنية يناط بها، منح الرخص وتجديدها وسحبها، و السهر على تطبيق أحكام هذا القانون بتنسيق مع السلطات العمومية المختصة، و مسك وضعية مخزون القنب الهندي وموافاة الهيئة الدولية المختصة بالتقييمات والمعلومات المطلوبة مراعات للإلتزمات الدولية للمملكة المغربية، وذلك بعد التشاور مع مختلف السلطات الحكومية المختصة.

كما تختص الوكالة بمراقبة القطع الأرضية المزروعة وكذا معدات تصنيع وتحويل القنب الهندي ومخازنه و التأكد من مدى احترام مقتضيات هذا القانون، والتنسيق بين القطاعات الحكومية والمؤسسات المعنية بهدف مواكبة وتأطير وتقديم الاستشارة للقطاع العام والمهنيين المعنيين بسلاسل الإنتاج، في مجال تقنيات وتدبير الاستغلاليات وإنتاج وتثمين وتسويق القنب الهندي، لاسيما عن طريق البحث عن الأسواق الوطنية والدولية. وإعداد دفاتر التحملات والممارسات الفضلى، والتتبع الميداني بجميع العمليات المتعلقة بالقنب الهندي.

ونص مشروع القانون المذكور على عقوبات زجرية وغرامات مالية في حق المتلاعبين والمخالفين لمقتضيات القانون، تبتدئ من 5000 درهم وتصل إلى سنتين حسبا.

تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

الإثنين 5 مايو 2025 - 11:37

خمس جهات تستحوذ على أغلبية السكان النشيطين في المغرب…

الإثنين 5 مايو 2025 - 11:14

مطالب بالتحقيق في أضرار مصحة خاصة على الساكنة بمكناس

الإثنين 5 مايو 2025 - 10:59

توقيف عنصر بشبكة للتهريب الدولي للمخدرات

الإثنين 5 مايو 2025 - 10:55

افتتاح أشغال ندوة حول موضوع “البرلمان المغربي وقضية الصحراء المغربية: من أجل دبلوماسية موازية ناجعة وترافع مؤسساتي فعال”…

error: