المجلس الأعلى للحسابات ينتصر للمغاربة في مواجهة إدارة الضرائب

محمد اليزناسني الثلاثاء 15 مارس 2022 - 13:05 l عدد الزيارات : 25881

   محمد رامي

أفاد التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات أن المنازعات الضريبية بين الملزمين وإدارة الضرائب يعود أصلها، في العديد من الحالات، إلى إصدار قوائم الإيرادات وأوامر الاستخلاص  بصورة جزافية ، وإلقاء مهمة إثبات العكس على عاتق الخاضع للضريبة، وتكون النتيجة في كثير من الأحوال رفض المدين لما ذهبت إليه الإدارة.

تقرير المجلس الأعلى يمكن اعتباره انتصارا حقيقيا للمواطن المغربي ولجميع الملزمين بأداء الضرائب سواء، خاصة وأن إدارة الضرائب بالمغرب تتصرف بمزاجية وبتعال بالشكل الذي يجعلها تظهر في عيون المغاربة كمصدر للغبن والظلم والتعالي، والذي يتجسد في الشعار الأزلي الذي ترفعه في وجه الملزمين –   خلص واشكي- مع ما يمثله هذا من عبء على المواطن والمقاولة، وهذا ما أكده التقرير الجريء الأخير للمجلس الأعلى للحسابات، الذي كشف عن اختلالات كبيرة وعن الظلم الممارس على المغاربة.

فبحسب ما تضمنه التقرير، تبين أن بعض الديون التي ادعت إدارة الضرائب أنها مستحقة على الملزمين،  تم إلغاؤها بموجب أحكام قضائية صدرت على مستوى المحاكم الإدارية في مرحلة الاستئناف، وكان التعليل الذي تم على أساسه إلغاء هذه الديون بالنسبة للملزمين المعنيين هو ثبوت غياب مشروعية فرض الضريبة أو وجود عيوب شكلية أو وجود إعفاء قانوني للتحصيل، مع العلم أن المستأنف هو الإدارة الجبائية وليس الملزم بأداء الضريبة، وهذا المعطى الأخير يبين أنه لو لم تقم إدارة الضرائب باستئناف الأحكام لتم تنفيذ أحكام الدرجة الأولى على الملزمين مع ما يشكله ذلك من ظلم في حق الملزمين بأداء الضريبة.

و بناء على دراساته وتحليل بياناته، أوصى المجلس الأعلى للحسابات، في ما يتعلق بالمنازعات الضريبية، بضرورة  استخلاص الديون بناء على أسس مثبتة ومطابقة للواقع، لتفادي خسارة الدعاوى القضائية بسبب الأخطاء في تقدير الضريبة أو وجود عيوب شكلية” . كما أوصى المجلس، بخصوص النظام المندمج للتضريب، “بتدارك نقائص هذا النظام وخاصة فيما يتعلق بالمراقبة والتتبع والتنبيه وكذا تجاوز اختلالاته التي قد تؤثر على صدقية المعطيات والوضعيات المالية والمحاسبية المستخرجة. 

لابد هنا من الوقوف بغير قليل من التأمل لقراءة ما وراء سطور ما أوصى به المجلس الأعلى للحسابات  عندما قال بضرورة استخلاص الديون بناء على أسس مثبتة ومطابقة للواقع، لتفادي خسارة الدعاوى القضائية بسبب الأخطاء في تقدير الضريبة أو وجود عيوب شكلية، فهنا نفهم، بل نتأكد، أن إدارة الضرائب بالمغرب ليست كما تريد أن توهمنا بكون مفتشيها ومراقبيها شبه منزهين عن الخطأ، وبالتالي فمنطق الأداء قبل التشكي والولوج إلى القضاء أصبح أمرا مردودا عليه لكون المواطن والمقاولة يعتبران هما الحلقة الأضعف في مواجهة الإدارة. بل وحتى القول بأن هناك رقابة قضائية على الإدارة الضريبية فهو نهج غير منصف ولا يمكن التحجج به عند احتساب الضريبة وإقرارها..، فاللجوء إلى القضاء نسبي في حالات عديدة، لأن جل المغاربة لا يثقون في القضاء عندما يتعلق الأمر بإدارة الضرائب، فهناك من يعتبر الأمر مضيعة للوقت مع ما يتطلبه ذلك من مصاريف إضافية، فيذعن للأداء ويتقبل الأمر على مضض، وهناك وبالتالي تقوم إدارة الضرائب باستخلاص الأموال من الملزمين من دون وجه حق، و هذا ما جعل المجلس الأعلى للحسابات يسجل بخصوص النظام المندمج للتضريب – وهو برنامج معلوماتي جديد انتقلت إدارة الضرائب للاشتغال عليه لتفادي الإنزلاقات التي سقطت فيها من قبل- أن العملية تمت دون اتخاذ الإجراءات المواكبة والاحترازية اللازمة خلال الفترة الانتقالية، مما أدى إلى مخاطر قد تمس بصدقية المعلومات المستخرجة من النظام المعلوماتي الجديد، وأوصى بالتالي بضرورة تدارك نقائص هذا النظام، وخاصة فيما يتعلق بالمراقبة والتتبع والتنبيه وكذا تجاوز اختلالاته التي قد تؤثر على صدقية المعطيات والوضعيات المالية والمحاسبية المستخرجة “.

هنا لابد من الإشارة إلى أن طرح المجلس الأعلى للحسابات هذه الاختلالات في مجال التضريب واحتساب الوعاء الضريبي يحسب له، لكونه أثار نقطة من الأهمية بمكان، ولطالما أرَّقت الملزمين بأداء الضريبة، ذاتيين أو معنويين، عندما كانت الإدارة تتجبر وتشهر سيف غرامات التأخير والإستقواء على المواطن، وهنا نتساءل، والسؤال حق مشروع، كم من المقاولات المغربية أفلست بسبب انزلاقات إدارة الضرائب، وكم من المغاربة تم حجز ممتلكاتهم بسبب أخطاء الإدارة الضريبية والتي تعتبر بعض مفتشيها ومراقبيها منزهين عن الخطأ…

وفي انتظار تنزيل وترجمة توصيات المجلس الأعلى للحسابات إلى تدابير عملية يبقى المغاربة رهينة إدارة الضرائب وعبارة.. خلص واشكي..

تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

الأحد 4 مايو 2025 - 18:10

العيون تحتضن ندوة علمية كبرى: من أدب التحرر والمقاومة إلى فكر التنمية في إفريقيا

الأحد 4 مايو 2025 - 17:59

“بيت الشعر في المغرب” يحتفي بالشاعر عبد الله زريقة: حفل توقيع إصداره الجديد وعرض مسرحي مقتبس من أعماله

الأحد 4 مايو 2025 - 17:44

العيون تحتضن ندوة علمية كبرى: من أدب التحرر والمقاومة إلى فكر التنمية في إفريقيا

الأحد 4 مايو 2025 - 14:44

مصرع سائحين بريطانيين في حادثة سير باكادير،واصابة سائحين آخرين وسائق السيارة بجروح متفاوتة الخطورة.

error: