مخططات سياحية وروحية وإيكولوجية في الذكرى 101 لاستشهاد موحى وحمو الزياني بخنيفرة

أحمد بيضي الثلاثاء 29 مارس 2022 - 01:31 l عدد الزيارات : 15184
  • أحمد بيضي
بعد توقف الاحتفال بذكرى استشهاد موحى وحمو الزياني جراء ظروف جائحة كورونا التي فرضت، السنة الماضية، تخليد الذكرى، عن بعد، وهي السنة التي حملت شعار “سنة موحى وحمو الزياني”، عادت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، يوم الاثنين 28 مارس 2022، لاستئناف تخليد الذكرى، والتي تجاوزت هذه السنة القرن من الزمن، أي 101 سنة، وتميزت كالعادة بأهازيج فولكلورية ومشاركة تلاميذ المؤسسات التعليمية، ومؤسسة الإبداع الفني والأدبي، بوصلات موسيقية وغنائية وطنية، وزيارة رسمية جماعية لضريح الشهيد موحى وحمو الزياني بتملاكت، مع إعطاء الانطلاقة لعملية غرس وتشجير محيط ضريح موحى وحمو الزياني بشجر الأرز.
وبينما سجلت السنة الماضية إطلاق اسم “المقاومة” على الطريق المؤدية إلى تملاكت (ضريح موحى وحمو الزياني)، انطلاقا من الطريق الإقليمية 7306، وإطلاق اسم موحى وحمو الزياني على المدرسة الجماعاتية بأجدير، تم هذه السنة اطلاق اسم “الشهيد” على غابة تقع تافشنة الجنوبية على مستوى المنطقة، مع الاطلاع على مشروع لتهيئة ضريح موحى وحمو الزياني على مساحة 2,5 هكتار بكلفة إجمالية قدرها 13.674.606,00 درهم، ويشمل إحداث مدرسة قرآنية ومركز للذاكرة الجماعية المشتركة وممرات للراجلين ومواقف للسيارات ومناطق خضراء ومناطق للملتقيات السنوية.
بينما تميزت محطة هذه السنة من ذكرى استشهاد البطل موحى وحمو الزياني بتقديم مجموعة من المشاريع، منها أساسا مشروع “تصميم تهيئة مركز جنان اماس”، الذي يعد مركزا ذي حمولة تاريخية وثقافية، ويزخر بمؤهلات طبيعية متعددة، حيث تم اختياره كنموذج ل “قرية إيكولوجية” على مستوى إقليم خنيفرة، في أفق “جعله وجهة سياحية بيئية تتوفر على البنيات التحتية الضرورية، وتعتمد أساسا على الطاقات المتجددة، وقد خصصت الدراسة المنجزة، من طرف الوكالة الحضرية لخنيفرة، ما يناهز 28 هكتارا من أجل احتضان هذا الأخير لمنتجعات وأنشطة سياحية مستقبلا”، وفق بلاغ جرى تعميمه في الموضوع.
كما تم الاطلاع على مكونات مشروع “مدار للسياحة الروحية”، ويشمل مواقع بالإقليم لها رمزيتها على مستوى المقاومة والعيش والثقافة والانتاج المحلي والرأسمال المادي واللامادي، فضلا عن مشروع “مدار التسامح” الذي يهم المناطق ذات التراث التاريخي والثقافي، وذات الآثار الدينية، الاسلامية، المسيحية واليهودية، والمواقع والزوايا التاريخية، قبل انتقال الجميع لموقع الاحتفال بذكرى استشهاد رمز المقاومة المسلحة بقبائل زيان والأطلس المتوسط، وقائد معركة لهري الخالدة التي تعتبر ملحمة بطولية في مواجهة قوات الاحتلال الفرنسية والتصدي لمخططاتها الاستعمارية.
ومن جانبه، أعطى المدير الإقليمي للمياه والغابات بشروحات مستفيضة حول المجال الغابوي بالإقليم، الممتد على  مساحة  235185 هكتار، الذي يتميز بمنتزه وطني معروف بتنوعه البيولوجي وموارده المائية ومناطقه الرطبة المصنفة دوليا، بحيث يشكل غطاءه النباتي على التوالي 35 و25 بالمائة على مستوى الإقليم، وجهة بني ملال خنيفرة، فيما لم يفت مسؤول القطاع الغابوي تقديم معلومات حول غابة تافشنا الجنوبية الواقعة فوق تراب جماعة أكلمام ازكزا، مساحتها 621 هكتارا 87 أر و12 سنتيار، حيث أطلق عليها اسم “قسم الشهيد موحى وحمو الزياني”، ورفع الستار رسميا على لوحة قائمة بهذا الإسم.
 وقد انطلقت فعاليات تخليد الذكرى، بمنتجعات تملاكت بخنيفرة، في حضور المندوب السامي لقدماء المقاومين وجيش التحرير، الدكتور مصطفى الكثيري، وعامل إقليم خنيفرة، محمد فطاح، إلى جانب شخصيات قضائية ومدنية وعسكرية وإدارية ومنتخبة، وفعاليات جمعوية وثقافية وسياسية وتربوية وإعلامية، وحشد من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، حيث تم تنظيم مهرجان خطابي تم افتتاحه بكلمة النائب الاقليمي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير وبعده رئيس جماعة أكلمام أزكزا الذي ذكر بمعاني ودلالات الاحتفال بذكرى الشهيد، وما تكتسيه في وجدان ساكنة المنطقة، ومدى شعور الساكنة بالفخر بإحياء هذه الملحمة التاريخية.
ومن خلال كلمته، انطلق المندوب السامي من بطولة الشهيد موحى وحمو الزياني في معركة لهري التاريخية التي خاض غمارها المجاهدون والمقاومون في 13 نونبر من سنة 1914، ومذكرا بحياة هذا البطل، إلى حين تعيينه، حوالي سنة 1886، قائدًا على قبائل زيان من طرف السلطان المولى الحسن الأول، ودعمه بثلاثمائة جندي مخزني لإخضاع القبائل المناوئة لسلطته، حيث تمكن من إخضاع القبائل الزيانية وتوسيع نفوذه ليشمل عدة قبائل بما فيها التي كانت تحت نفوذ القائد المخزني “أقبلي”، ووصل امتداد نفوذه الترابي شرقا وغربا، وجعل من مدينة خنيفرة عاصمة للقبائل الزيانية ومركزا لسلطته.
واستعرض المندوب السامي لقدماء المقاومين وجيش التحرير طبيعة الفعل الجهادي لدى المقاومين، بقيادة موحى وحمو الزياني، والذي “لم يقتصر على منطقة نفوذ القبائل الزيانية، بل تعداه إلى عموم جهات، إذ ما إن زَحَفَت جَحَافِل القوات العسكرية الفرنسية لبسط نفوذها على منطقة الشاوية، واتجهت أنظارها للزحف نحو مدينة تازة لاحتلالها، حتى سارع البطل موحى وحمو الزياني إلى حمل السلاح، والدعوة للتعبئة العامة في صفوف قبائل عالية نهر أم الربيع والقبائل المجاورة، والنزول لسهول الشاوية لمناصرة ومؤازرة أهاليها”، حيث جابه قوات الاحتلال الفرنسي في معركة مديونة سنة 1908.
وفي ذات السياق، لم يفت المندوب السامي، الدكتور مصطفى لكثيري، التذكير بانتقال موحى وحمو الزياني ورجاله لخوض غمار المعارك والمواجهات مع القوات الفرنسية، بكل من سهول سايس وهضاب زمور وزعير، ذكر منها معركة “تافودايت” بآيت أوريبل بإقليم الخميسات، في أبريل من سنة 1912، ثم معركة “اكوراي” بكروان جنوب مكناس في ماي من نفس السنة، ومعارك “عين الزحيليكَة” و”قطب العبد” و”سيدي قاسم الأخضر” بمنطقة زعير ومعركة “سيدي عبد السلام” بمنطقة بني مطير في يونيو 1912، ومعركة “وارغوس” بمنطقة وادي زم في 25 مارس 1913.
وبعد أن تمكن المستعمر الفرنسي من ربط شرق المغرب بغربه، عبر ممر تازة في ماي 1914، يضيف المندوب السامي، اتجهت أنظار الإدارة الاستعمارية نحو منطقة الأطلس المتوسط، وبالضبط إلى مدينة خنيفرة لتطويقها وكسر شوكة مقاومتها، في أفق فتح الطريق بين الشمال والجنوب، عبر هذه القلعة الصامدة التي شكلت إحدى المناطق التي اتخذها المقاومون مركزا لمواجهة قوات الاحتلال والحيلولة دون دخولها وإحكام قبضتها على المنطقة، حيث عمد موحى وحمو الزياني إلى تغيير استراتيجية مقاومته وإخلاء المدينة، التي دخلتها القوات الفرنسية بقيادة العقيد “هنريس” في 12 يونيو 1914.
وفور اعتصام المجاهدين بالجبال، وبالضبط بقرية لهري، وشنهم لهجومات مركزة على مراكز القوات الاستعمارية، أسرعت القيادة العسكرية الفرنسية إلى تدبير خطة لمباغتة المجاهدين بهذه القرية، في 13 نونبر 1914، وقام الجنود، بأمر من الكولونيل “لافيردير” بمهاجمة القبائل المحيطة بالقرية، وما أن اشتدت المعركة حتى انضمت إلى صفوف المجاهدين مختلف قبائل زيان والقبائل المجاورة الحليفة للزعيم موحى أوحمو الزياني، حيث قامت بمحاصرة جيوش العدو ومهاجمة فلوله ومرتزقته، وواصل المندوب السامي كلمته إلى تاريخ استشهاد موحى وحمو، في 27 مارس 1921، بمعركة ازلاك نتزمورت بجبل تاوجكالت أثناء مواجهة قوات الجنرال بوميرو.
وما ان استشهد موحى وحمو الزياني، حتى استمرت قبائل زيان، والقبائل المجاورة لها، في خوض معارك ضارية ضد قوات الاحتلال الأجنبي، كمعركة “البقريت” في يونيو 1921، معركة “آيت يعقوب” في يونيو 1929 ومعركة “تازيزاوت” في غشت 1932، وذهب المندوب السامي بكلمته إلى انتفاضة 20 غشت 1953، وانخراط المقاومين في خلايا المقاومة وفي تنظيمات جيوش التحرير بشمال الوطن وشرقه وجنوبه، ومستحضرا المظاهرات الشعبية العارمة التي شهدتها مدينة خنيفرة وأحوازها أيام 19 و20 و21 غشت من سنة 1955 والتي سقط على إثرها عدد كبير من الشهداء والمعطوبين والجرحى والمعتقلين،
وعرف حدث تخليد الذكرى 101 لاستشهاد البطل موحى وحمو الزياني تكريم 7 أفراد من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير المنتمين للإقليم (بينهم متوفون)، قيلت في حقهم كلمات خاصة ذكرت ببطولاتهم وتضحياتهم وإسهاماتهم في معركة التحرير والكفاح الوطني، لينتقل الجميع للحظة توزيع اعانات مالية ومساعدات اجتماعية على 11 مستفيدا من افراد اسرة المقاومة وجيش التحرير، بغلاف مالي اجمالي بلغ 23000 درهم، في انتظار عقد لقاءات تواصلية مع المستفيدين الاخرين، وعددهم 84 شخصا،  خصص لهم غلاف مالي اجمالي قدره 84000 درهم، وتزامنا مع الحدث تم الإعلان عن ندوة فكرية من تنظيم النيابة الاقليمية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير.
تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

الأحد 11 مايو 2025 - 21:54

منظمة النساء الاتحاديات تعقد مجلسها الإقليمي التأسيسي بالعرائش: محطة تنظيمية في مسار التمكين السياسي للمرأة

الأحد 11 مايو 2025 - 20:41

بسبب زيادات ضريبية مفاجئة: أرباب المقاهي والمطاعم بالهرهورة يعلنون الإغلاق احتجاجاً على قرارات المجلس الجماعي

الأحد 11 مايو 2025 - 18:59

الكتابة الإقليمية الاتحادية بأزرو تدين سلوك رئيس جماعة أزرو خلال جلسة دستورية

الأحد 11 مايو 2025 - 16:44

مركز روافد بخنيفرة يحتضن ملتقاه الوطني حول التراث لمناقشة التراث المعماري العسكري في زيان وتادلة

error: