تتويج “الملتقى الوطني للنقد الأدبي”، في خنيفرة، بتوشيح الشاعر صلاح بوسريف وتكريم الإعلامي والحقوقي أحمد بيضي
أحمد بيضي
الأربعاء 1 مارس 2023 - 00:57 l عدد الزيارات : 22299
خنيفرة: أنوار بريس
اختتمت فعاليات الدورة الثانية ل “الملتقى الوطني للنقد الأدبي” (دورة الشاعر صلاح بوسريف)، المنعقدة، بخنيفرة، أيام الجمعة، السبت والأحد 24 و25 و26 فبراير 2023، بجلسة ختامية طرح فيها المشاركون ملاحظاتهم وتوجيهاتهم لتجاوز الاختلالات، وبناء تصوّر مشترك وناضج للدورات المقبلة، ليخلص النقاش إلى مجموعة من التوصيات تم التأكيد فيها على ضرورة “اعتماد لجن القراءة الأولية للنصوص الإبداعية المشاركة، واللجن العلمية وتحديد شروط المشاركة في الجلسات النقدية”.
وفي ذات السياق، شدد المشاركون في أشغال الملتقى، المنظم من طرف “مركز روافد للأبحاث والفنون والإعلام”، على ضرورة “التفكير في تنظيم ملتقى خاص بالثقافة الأمازيغية والقضايا الإبداعية والنقدية المرتبطة بها”، و”تخصيص مباحث محدّدة في الندوات من أجل تغطية مجالات محور الدورة”، مع الدعوة ل “تنظيم مسابقة سنوية للنقاد الشباب”، والعمل على “توثيق أشغال الملتقى في إصدارات ورقية، واستمرار التوثيق الرقمي على طول السنة في الصفحة الرسمية لمركز روافد”.
وعلاقة بالموضوع، اقترح المشاركون العمل على “تخفيف الفقرات المبرمجة في الملتقى، والتحديد المسبق للزمن المخصص للقراءات والمداخلات، والتنصيص عليه في الدعوة الشخصية للمشاركة”، فيما تمت الدعوة إلى ضرورة “اعتماد مقاربة النوع في الندوات النقدية”، و”جعل فقرة التكريمات في آخر محطة من برنامج الملتقى”، إلى جانب “برمجة فقرات خارج القاعات، في شكل رحلات علمية أو إبداعية”، واعتبار المشاركين في كل دورة ضيوفا شرفيين في الدورة اللاحقة”.
وكانت فعاليات الملتقى، التي سجلت مشاركة عدد لافت ومتميز من النقاد والمبدعين والشعراء، قد افتتحت بأجواء ثقافية وازنة من تنشيط الشاعرة ذة. نعيمة قصباوي، وبكلمة للناقد ذ. حميد ركاطة باسم المركز المضيف، “مركز روافد للأبحاث والفنون والإعلام”، التي وضع الحضور عبرها في صميم برنامج الملتقى، وبعده كلمة ترحيبية باسم المركز الثقافي أبو القاسم الزياني، المحتضن للتظاهرة الثقافية التي انطلقت نسختها الأولى (دورة الناقد عبدالمالك أشهبون)، عام 2020، تحت شعار “أحداث الربيع العربي وأصداؤها في الرواية”.
ذلك قبل رفع الستار عن فعاليات الملتقى بقراءات شعرية، من تسيير ذ. عبدالله ودي، ومشاركة عدد من الشواعر والشعراء، مريم بوسفيان، عبدالرحيم سليلي، خديجة بوعلي، موسى أشهبون، لطيفة الصافي، علي وهبي، سعيد الإسماعيلي، وإلى جانب الشاعر قاسم لوباي الذي شارك بلغة موليير، شارك الشاعر محمد الغازولي باللغة الأمازيغية، وبقدر تنويهه بالملتقى لم يفته تسجيل ملاحظته حول عدم تناول الشعر الأمازيغي في الملتقى بالشكل المناسب، وأعرب عن أمله في تدارك الأمر خلال النسخ المقبلة.
وفي اليوم الثاني من “الملتقى الوطني الثاني للنقد الأدبي”، كان الجميع على موعد مع الجلسة النقدية الأولى حول “تمثلات الآخر في التجربة الشعرية للمبدع الشاعر صلاح بوسريف”، والتي جرت بتسيير من الكاتب والناقد ذ. عبدالمالك أشهبون، ومشاركة الأستاذين: عبدالله شريق بمداخلة في موضوع: “الوجود والعدم، الموت والخلود في تجربة صلاح بوسريف الشعرية”، ورشيد طالبي بمداخلة حول “الذات الشاعرة والهوية المتشظية في شعرية الشاعر صلاح بوسريف: ديوان كتاب الليل والنهار أنموذجا”.
ولامست مداخلتي ذ. عبدالله رشيق وذ. رشيد الطالبي جوانب مختلفة من تجربة صلاح بوسريف في الكتابة الشعرية و”تنوع المتخيلات والأشكال والأبعاد بالرؤية الحداثية، وتمثلات الآخر الميتافيزيقي الغائب واللامرئي المرتبط بتمثلات الوجود والعدم والموت والخلود”، ومنها التي “ميزت أعمال بوسريف خلال العقدين الأخيرين باعتبارها تجربة جديدة في الشعر المغربي المعاصر”، فضلا عن تناول “مرجعية الكتابة الشعرية عند بوسريف والتصور الإدراكي مع التدقيق في جملة من المفاهيم، كمفهوم الذات الشاعرة والهوية المتشظية عند هذا الشاعر”.
ولم يفت الفنان التشكيلي ذ. شفيق الزكاري حضور الملتقى لتقديم شهادة جميلة وظريفة في حق صديقه الشاعر صلاح بوسريف، والذي وصفه ب “المنتصر للجبل”، و”المشاكس المدافع عن الشعر والشعراء”، قبل عرضه لجوانب خفية من سيرة هذا الشاعر المحتفى به، الشخصية منها والفكرية والجمعوية، ولتجربته الشعرية الفريدة، و”حفاظ كتاباته الشعرية والنقدية على خطها المعروف بعيدا عن عباءات السلطة، وعن الظلال والقيود الإيديولوجية”، رغم اهتمامه الدائم بكل التحولات الاجتماعية والاقتصادية.
وبعده حرص الشاعر صلاح بوسريف على التقدم بكلمة انطلق فيها من دعوة المبدعين إلى التسلح بما هو إنساني، مشيرا إلى “أنه لم يسبق له أن طلب من أي ناقد الكتابة عنه طالما أن القراءة الحقيقية هي التي تأتي للكاتب من حيث لا يعلم”، ومعتبرا الكتابة “صيرورة وجزء من جروحنا الشخصية”، فيما أكد “أن نفسه الذاتية لا تعنيه بقدر ما سيتركه من نصوص للأجيال القادمة”، قبل توقفه عند تفكيك الفرق بين الشعر والقصيدة، وبين التدوين والكتابة والصوت، دون أن يفوته موقفه من أشعار محمود درويش وسليم بركات وأدونيس.
ذلك قبل افتتاح الجلسة النقدية الثانية التي تناولت موضوع: “الشعر المغربي المعاصر والهوية المنفتحة”، اختير لتسييرها الفاعل الثقافي والناقد ذ. محمد العمراني، وتمت بمشاركة عدد من النقاد، الأساتذة: محمد عياش بورقة حول “جدلية الشعر والهوية: مسارات متحولة وتجليات نصية”، مصطفى داد في موضوع: “هوية الشعر وأشرعة الكتابة المبحرة نحو المستقبل”، ثم أيوب كريم بمداخلة حول “براديغمات الشعر المغربي وسؤال الهوية من العرفانية إلى الحساسية الجديدة”.
ومن خلال مداخلتي ذ. محمد عياش وذ. مصطفى داد تم تشخيص “تطور العلاقة بين الشعر العربي وتيمة الهوية بدء من العصر الجاهلي إلى العصر الحديث،وما عرفته من ابدالات تيماتيكية وجمالية بعدما أصبحت الهوية موضوعا للتفكير مع ظهور النقد الثقافي، وكيف اكتست طوابع متعددة”، فضلا عن تفكيك “هوية الشعر المغربي وإبدالات الكتابة الجديدة من خلال الهوية الجمالية والفنية، والثيمات والموضوعات الكبرى التي تسم سيرورة تطور الشعرية المغربية، وصعوبة تحديد الهوية الحقيقية التي تمتاز بكونها قيد التشكل المستمر”.
وفي سياق آخر، لم يفت الجلسة تشخيص “سؤال الهوية كمفهوم، باعتبار الشعر وجودا كوسمولوجيا، ولا تتصل هويته الطبيعية بجسد النص”، كما جاء في ورقة ذ. كريم أيوب، فيما تم “تتبع سمات الهوية من خلال براديغمات متعددة، أولها البراديغم العرفاني، أو الكلاسيكي، ثم البراديغم الحداثي الذي “يعد تجاوزا لسابقه، وجزأ هويته وعددها بتعدد الأجيال والقضايا التي تدافع عنها، إلى حين كانت الهوية أكثر تحررا في رسم ملامحها المنفتحة، مع أنها عبدت الطريق إلى تشظي النصوص، قبل أن تفرض الهوية الرقمية نفسها”.
وكما كان مقررا، فقد تميزت فعاليات “الملتقى الوطني الثاني للنقد الأدبي”، بحفل تكريم الإعلامي والحقوقي ذ. أحمد بيضي، الذي قدمت في حقه شهادة لكل من الناقد ذ. حسام الدين نوالي الذي استعرض بالتفصيل سيرة المحتفى به الإعلامية والحقوقية والنضالية، والحب الكبير الذي يكنه له الجميع، إلى جانب شهادة الشاعرة ذة. مالكة حبرشيد التي استعرضت فيها شخصية أحمد بيضي الذي “لم يبتعد عن مدينته، ولم يتنكر لها يوما رغم ضغوطات الحياة ومغرياتها، والذي تتوحد عند ذكره كل الشهادات والمواقف والآراء”.
كما رأت فيه الإنسان الذي “لا يختلف بشأنه اثنان في غيرته ووطنيته، وانتصاره للعدل والحق حيثما كان، فوق المنابر، وعلى صفحات الجرائد، حتى صار بيته مفتوحا لكل الناس ومحجا للمثقفين والسياسيين والمبدعين والفنانين على اختلاف توجهاتهم ومشاربهم”، باعتباره “كمواطن غيور على بلده ومدينته ووطنه .. كقيدوم الإعلاميين بالمدينة، حريص على الصدق في الخبر والصورة، وكمثقف مؤرق بهموم وقضايا المجتمع، وكحقوقي يرى أن قوة المجتمع المدني هي العمود الفقري لكل ضغط على سلطة الاستبداد”.
ومن جهته، تقدم المحتفى به، أحمد بيضي، بكلمة شكر فيها عموم المحاضرين والمهنئين، وكل الذين قالوا في حقه أجمل الكلمات الدافئة التي “لن تزيده إلا انفتاحا على باقي الأمكنة المعتمة والاحتمالات الممكنة، بل ومسؤولية مضاعفة على مواصلة الطريق في عباءة سيزيف”، معتبرا تكريمه “تكريما لمدينته ولوطنه ومكوناته المجتمعية، كما هو لحظة نبل وقيمة انسانية رفيعة، ليس بالضرورة اختصارها في شهادة وحفل عابر وهدية رمزية، بل هي من أجل الإنصاف والاعتراف والعرفان في مواجهة الجحود المقيد بالفوضى العارمة التي تتشابه فيها القيم”
وبمناسبة فعاليات الملتقى، حرص أحمد بيضي على “مناشدة المثقفين والشعراء الاستمرار، بالحرف والكلمة، في الحيلولة دون موت الحلم، وفي رفع النقاب عن الجمال المخبوء خلف ليل العالم الحالك، عبر مساعدة الأصوات الحرة على تكريس قيم حقوق الإنسان والعدالة والمساواة والحرية والتضامن والكرامة الاجتماعية وحرية الرأي والتعبير، وعلى بناء قيم المواطنة والتسامح والاختلاف والحقوق اللغوية والمكونات الثقافية ببلادنا، مقابل مناهضة مظاهر الحيف والتمييز والفساد والتطرف والكراهية والشر والعنف.“..
وقد تواصلت فقرات اليوم الثاني بقراءات شعرية تقدم لتسيير فقراتها القاص ذ. عبدالواحد كفيح، وشاركت فيها باقة أخرى من الشواعر والشعراء، فتح الله بوعزة، فدوى الزياني، نعيمة قصباوي، فتيحة واضح، مليكة معطاوي، نبيلة حماني، فاطمة بوهراكة، رشيدة الشائك، عبدالرحمان الوادي، مريم بوسفيان، إيمان الونطدي، ثم الزجال الكبير احميدة بلبالي، ليسدل الستار على فعاليات الملتقى في صباح اليوم الثالث بجلسة خاصة لتقييم الملتقى، وتلاوة البيان الختامي والتوصيات.
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.
تعليقات
0
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي أنوار بريس
مقالات ذات صلة
السبت 3 مايو 2025 - 23:24
برقية تعزية ومواساة من جلالة الملك إلى أفراد أسرة المرحوم الفنان محمد الشوبي
السبت 3 مايو 2025 - 21:10
“اتحاد العمل النسائي” يواصل “محكمته الرمزية” من أجل تغيير شامل لمدونة الأسرة بما يضمن كرامة النساء والأطفال
السبت 3 مايو 2025 - 19:43
البيان الختامي لمنتدى البرلمانيين الشباب بمراكش.. دعم للحكم الذاتي وإشادة بمبادرة المغرب الأطلسي بقيادة جلالة الملك ودعوة للعدالة والسلم والتضامن الدولي…
السبت 3 مايو 2025 - 19:04
لشكر من آسفي.. لا يمكن للاتحاد أن يموت بقرار لأنه لم يولد بقرار ونحن لسنا دولة هشة لنخاف من ملتمس الرقابة…
تعليقات
0