منتدى الحقيقة والإنصاف يدعو من خنيفرة إلى إحداث آلية وطنية لاستكمال الحقيقة وتنزيل توصيات الإنصاف والمصالحة

أحمد بيضي الثلاثاء 7 مارس 2023 - 00:34 l عدد الزيارات : 21763
  • أحمد بيضي
بمبادرة من “المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف”، و”فاعلين في أحداث 3 مارس 1973″، شهدت مدينة خنيفرة تخليد الذكرى الخمسينية لأحداث 3 مارس 1973، من خلال قافلة نظمها المنتدى، واستجاب لها العشرات من ضحايا هذه الأحداث في لقاء افتتح بمداخلة لرئيس “المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف”، حسن كمون، وأخرى لنجل المناضل محمود بنونة، المهدي بنونة، تلتهما شهادات لمناضلين عايشوا الأحداث، وأخرى لبعض الضحايا وذويهم، على شكل جلسات استماع من أجل الذاكرة، قبل فسح المجال للحاضرين.
اللقاء الذي احتضنته “غرفة التجارة والصناعة والخدمات”، بخنيفرة، عشية السبت 4 مارس 2023، لم يفت فيه رئيس “المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف” وضع الحضور في دلالة وسياق المناسبة المتجلية في وقائع أحداث مارس الرهيبة، والتأكيد مجددا “أن الالتزامات الأساسية لإنهاء الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، هي ترسيخ الحاجة الملحة لضمانات غير قابلة للتراجع، ولقناعات تحترم حقوق الإنسان، وكذا لتربة مستعصية على التكرار”، مع “تحويل وقائع الانتهاكات إلى ذاكرة وتاريخ ودروس قابلة للتحصين والتلقين والتوثيق”.
وفي ذات السياق، أشار رئيس المنتدى لتجربة العدالة الانتقالية بالمغرب، والقريبة من عقدها الثاني، فيما شدد على ضرورة “إحداث آلية وطنية لاستكمال الحقيقة بخصوص الانتهاكات والملفات التي ما تزال عالقة”، وهي “واحدة من مطالب المنتدى وأصدقائه في الطيف الحقوقي، ومن توصيات ورشة حقوقية سبق تشكيلها بغاية إفراز لجنة تعمل على بلورة مذكرة للترافع بها داخل الوطن وخارجه”، دون أن يفوت رئيس المنتدى التذكير بمذكرة قدمها المنتدى لفريق عمل بجنيف والذي قام بدوره بمراسلة الحكومة المغربية في شأنها.
أما الناشط ضمن “الفاعلين في أحداث 3 مارس 1973″، رشيد المانوزي، فتحدث عميقا، في كلمته، عن الوقائع التي أودت بحياة الكثيرين تحت التعذيب، وقادت بالبعض الآخر لحلبة الإعدام، أو للنفي تحت الإكراه، ليؤكد على “ضرورة عدم جعل التاريخ عرضة للنسيان”، علما “أن الضحايا لم يحملوا السلاح إلا بعد استنفاذ صبر الشعب أمام الباب المغلق في وجه أي انتقال نحو الديمقراطية والحرية”، علاوة على “تفشي مسلسل الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وتغول مختلف أشكال الاستبداد وقتها”.
ومن جهته، شارك المهدي بنونة، نجل محمود بنونة (أحد العناصر القيادية المشاركة في أحداث 1973، والمتوفى في خضمها)، حيث أكد المهدي، صاحب كتاب “أبطال بلا مجد”، في كلمته، وقوفه على “مجموعة من الحقائق التي لم تنشر، ومستعرضا حياة والده المعروف بمعارضته لنظام الملك الراحل الحسن الثاني، وبكتاباته القوية”، فيما تحدث عما ما اسماه ب” فترة النهضة القومية”، وب “ظروف اختطاف واغتيال المهدي بنبركة، والصراع الذي دارت رحاه بين النظام الحاكم والحركة الاتحادية”، قبل دعوته لقراءة صفحة الماضي قبل طيها.
وبدوره، حضر اللقاء المناضل إبراهيم أوشلح، أحد الوجوه المعروفين في أحداث 1973، ومن الداعين حينها للثورة عبر أثير الإذاعة الليبية، قبل عودته لبلاده المغرب بعد أزيد من 24 سنة من الاغتراب، حيث لم يفته، في كلمته، التركيز على شخصية محمد أومدة، مقاوما وثائرا ولاجئا، ودوره في أحداث 1973، وفي تنظيم الخلايا المسلحة ببعض البوادي والدواوير، والتنسيق مع التنظيمات السرية، إلى حين بداية الأحداث المؤلمة ولجوء أومدة للجزائر حيث توفي، ذلك قبل مداخلة لمحمد آيت الطالب كواحد من معتقلي السبعينيات.
وجرى تتويج اللقاء، المنظم تحت شعار: “من أجل الذاكرة وجبر الضرر”، بجلسات استماع تضمنت شهادات وآراء هامة لبعض الضحايا، وفي مقدمتهم أحمد بويقبة، أحد العائدين للوطن، عبر عفو صدر في حقه وهو يومها خارج وطنه الأم الذي غادره هربا من الموت، حيث أبرز ضمن شهادته أن “كل  إقليم خنيفرة مارس الكفاح في سبيل تغيير الوضع القائم على القمع والاضطهاد، ومنه آيت خويا”، ومؤكدا “حمله للسلاح، صحبة صهره محمد أومدا، لتحرير البلاد من الاستبداد والخونة آنذاك”، حسب تعبيره، ومتوقفا بحديثه حول ما شهدته المنطقة من اعتقالات عشوائية.
وبعده، انطلق قمر بنسالم، ضمن شهادته، مما عرفته خنيفرة من أهوال الأحداث المروعة، ومن “ضحايا لقوا حتفهم في ظلمات الزنازن والأقبيات السرية، وعناصر استفادت من التعويض عن سنوات الرصاص دون أن يفعلوا شيئا”، فيما لم تفته الإشارة لحالته العالقة والمتجلية في “عدم إعادته لعمله بمؤسسة القرض الفلاحي منذ توقيفه تعسفا خلال أحداث 1973 التي اعتقل فيها، ورغم تبرئته عام 1980″، بينما تناول موضوع جبر الضرر الجماعي بالقول “إن المنطقة كلها في حاجة لذلك، والتأكيد على ضرورة تنزيل توصيات الإنصاف والمصالحة”.
وبعده شهادة فظمة أعساري، أو “فظمة بويقبة”، ابنة محمد أومدا بالتبني، التي حكت، بعيون دامعة، عن الأيام التي تم “الزج بها في الظلمة لمدة تسعة أشهر، وعمرها لا يتجاوز 12 سنة، و”وضعها تحت رحمة زبانية أوفقير وأرزاز ممن أذاقوها كل ألوان الترهيب في محاولة منهم الحصول على أية معلومة من أمها قد تقودهم لمكان محمد أومدا”، ذلك قبل أن يعمدوا إلى نقلها نحو غابة “عاري أوحيدوس” وصلبها هناك على شجرة، فيما تذكرت كل الساعات الرهيبة التي كان فيها الجلادون يعذبون والدتها أمام عينيها.
ومن ضمن باقي الشهادات، استعرض محمد أمزيان حالة أفراد أسرته الذين “اعتقلوا بشكل جماعي، بمن فيهم زوجته وكل أشقائه، وعُذبوا وانتزِعت منهم ممتلكاتهم ومواشيهم بأمر من الكولونيل أرزاز”، وكيف قضت المحكمة العسكرية في حقه ب 20 سنة سجنا نافذة، قضى منها 7 سنوات، قبل أن يصدُر في حقه عفو ملكيّ، دون تفوته، ضمن شهادته، الإشارة إلى المحكومين بالإعدام، وإلى مطالبته بإرجاع ما سلبه منهم الكولونيل المذكور، والقول أيضا ب “عدم وجود أية مصالحة ولا إنصاف، وبأن برنامج جبر الضرر لم يكن في مستوى التطلعات”.  
وبعده، شاركت فظمة أمزيان بشهادتها المؤلمة حول قصة الاعتقالات العشوائية بآيت خويا، والتي لم تستثن حتى ضيوف المنطقة، وحول “ظروف اعتقالها لمرتين، والاستيلاء على كل ممتلكاتها”، و”تعرضها لشتى أنواع التعذيب الجسدي والنفسي، بما فيها التهديد بالتصفية الجسدية”، وهي وقتها حامل، بل وانتزعوا منها طفلتها التي لم يتجاوز عمرها آنذاك ست سنوات، و”في جحيم الاعتقال، الذي دام حوالي 19 شهرا، ما بين مولاي بوعزة وخنيفرة وفاس، وضعت مولودا اختارت له من الأسماء “حفيظ”.
ذلك قبل اختتام “رحلة القافلة” بكلمة لرئيس فرع خنيفرة ل “المنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف”، علي أمزيان، الذي دعا فيها ل “ضرورة تنفيذ توصيات الإنصاف والمصالحة، بما في ذلك العمل على جبر الضرر الجماعي والفردي”، ومذكرا بمنطقة آيت خويا التي “اكتوت بنار ماضي الانتهاكات الجسيمة ولا تزال محرومة من أبسط حقوق الحياة والتنمية، وأقلها فك العزلة”، فيما أعرب عن تأسفه حيال “عدم إيلاء أوضاع المنطقة ما تستحقه من العناية والاهتمام من طرف الرؤساء المتعاقبين على الجماعة”.
وعلاقة بالموضوع، جدد المعني بالأمر مطالبة المنتدى ب “ضرورة إعادة النظر في مخطط الاستفادة من البرامج الاجتماعية والصحية المخصصة لفئة ضحايا ماضي الانتهاكات”، من حيث “أن البطاقة الصحية (كنوبس) التي يتوفر عليها بعض هؤلاء الأخيرين تحرمهم من الاستفادة من البرامج الصحية وبرنامج تيسير”، وبينما أكد تحقق مكاسب مهمة على مستوى هامش الحريات والحقوق، رأى رئيس فرع المنتدى أن الانتظارات ما تزال عالقة بخصوص الحقيقة وجبر الضرر وبضمانات عدم التكرار وتنزيل التوصيات.
تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

السبت 3 مايو 2025 - 23:24

برقية تعزية ومواساة من جلالة الملك إلى أفراد أسرة المرحوم الفنان محمد الشوبي

السبت 3 مايو 2025 - 22:09

طنجة عاصمة طب الأطفال الإفريقي: شراكات علمية وجوائز لدعم التكوين والبحث

السبت 3 مايو 2025 - 21:10

“اتحاد العمل النسائي” يواصل “محكمته الرمزية” من أجل تغيير شامل لمدونة الأسرة بما يضمن كرامة النساء والأطفال

السبت 3 مايو 2025 - 19:43

البيان الختامي لمنتدى البرلمانيين الشباب بمراكش.. دعم للحكم الذاتي وإشادة بمبادرة المغرب الأطلسي بقيادة جلالة الملك ودعوة للعدالة والسلم والتضامن الدولي…

error: