الغارديان: من حق الغرب تقديم المساعدة للمغرب، ولكنه ليس ملزما بقبولها!

119٬691

يعلم العالم الآن، أن المغرب يعمل على التعامل مع الزلزال بشروطه الخاصة، بالرغم من الانتقادات التي واجهها. كانت الرواية الدولية، حول استجابة المساعدات لزلزال المغرب رثة إلى حد ما، وتحدث مسؤولون غربيون (لم تذكر أسماؤهم) عن بطء الرباط في طلب المساعدة من الخارج، مشيرين إلى أن هذا “أعاق جهود الإغاثة” في المغرب.
أما الواقع، مختلف بعض الشيء. يقول “بيتير بومنت “: “في غضون 3 أيام، سافرت عبر جبال الأطلس لتقديم تقرير لهذه الصحيفة (يقصد ذي غارديان)، تمكنت من رؤية حدود الاستجابة للمساعدات، وإنجازاتها، ومقارنتها بالكوارث السابقة التي قمت بتغطيتها. وعلى الرغم من أنه من الإنصاف القول إن هناك مجتمعات تشهد وصول للمساعدات بطيئا شيئا ما، إلا أن استجابة الحكومة المغربية كانت فعالة بشكل معقول”.
ويعقب: “في غضون حوالي 48 ساعة، أعاد المغرب فتح أحد الطرق الرئيسية جزئيا في قلب منطقة الزلزال، وفتح ممرا للمساعدات للوصول إلى الأشخاص الأكثر تضررا، كما حلقت المروحيات العسكرية في البلاد دون توقف منذ أيام، في حين أن الجهد الاجتماعي الهائل المنظم ذاتيا من قبل المواطنين المغاربة قد حشد المساعدة في جميع أنحاء البلاد.
وحيثما كانت هناك مشاكل، أملتها إلى حد كبير طبيعة الكارثة نفسها، التي أثرت على السكان المشتتين على نطاق واسع في مئات القرى المنتشرة على تضاريس جبلية صعبة للغاية، مما يعني أن جهود الإغاثة كانت محدودة بالضرورة بسبب قدرة النقل الجوي المتاحة واللوجستيات القادرة على دعمها.
لا يعني أي من ذلك، أن الرباط يجب أن تكون محصنة من الانتقادات، ليس أقلها التفاوتات الاقتصادية طويلة الأمد بين الجهات والأقاليم والتي ساهمت في قوة أثر الكارثة، لكن لا مفر من حقيقة أن بعض الانتقادات الموجهة إلى المغرب تحمل نفحة من “عقدة المنقذ الأبيض”، هذه الفكرة السائدة بأن الدول الغربية مجهزة بشكل فريد للمساعدة في مثل هذه الظروف من الكوارث والحاجة”.
“إن الفكرة القائلة بأن بعض البلدان الغربية مجهزة بالفطرة وبشكل أفضل للاستجابة لحالات الطوارئ أكثر من غيرها تبدو سخيفة ومتغطرسة”
ويتابع “بيتير بومنت” تحليله للوضع قائلا: “ الحقيقة أن أحد المبادئ الأولى للمساعدات الإنسانية، تكمن في فكرة السيادة في صنع القرار، والتي أجبرت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على التنازل في وقت متأخر.
لا يسلم المغرب، من المشاكل مثله مثل أي بلد آخر، غير أنه على الطرف المقابل يعتبر “دولة فاعلة” في المنطقة وليس “دولة هشة” مثل دول أخرى في المنطقة (ليبيا على سبيل المثال) التي تعرضت لكارثة مروعة هذا الأسبوع. وفي حين أنه من المناسب أن تقدم الدول الأجنبية المساعدة، إلا أن المغرب يرى دعوتها للمساعدة امتيازا وليس حقا، كما يعلم أن المغاربة، وهم أدرى بشأنهم، متى سيطلبون المساعدة من عدمها.
هناك مبدأ ثان أيضا، ينبغي لمن يعرضون المساعدة ويرسلونها أن يتأكدوا منه، ويتعلق بجهودهم وهل تساهم في تحسين جودة وفعالية جهود الإغاثة وهل تستنزف الموارد المحلية القيمة.. فحتى بعد 3 أيام فقط في المغرب، بدا لي أن بعض فرق البحث الأجنبية ليس لديها وظيفة ثابتة للقيام بها أو بروتوكول معين تحتذي به عندما تواجه تفاصيل كارثة شهدت انهيار المباني أو تفككها إلى أكوام من الأنقاض يصعب البحث فيها.
ومع ذلك، هناك مشكلة أوسع هنا، وهي تبني فكرة نمطية، سخيفة ومتغطرسة تقول ب”أن بعض البلدان الغربية مجهزة بالفطرة و بشكل أفضل للاستجابة لحالات الطوارئ أكثر من غيرها”. فبعد أن غطيت آثار إعصار “كاترينا” في الولايات المتحدة، أستطيع أن أقول بأن هذه الفكرة المؤمنة بأن بعض البلدان – بسبب ثروتها أو سياساتها أو مزاياها التكنولوجية – مجهزة بالفطرة للاستجابة لحالات الطوارئ، لا تبدو إلا نظرة سخيفة ومتغطرسة، بالنظر إلى استجابة واشنطن لتلك الكارثة التي انتقدت بسببها على نطاق واسع.
مع فتح طرق المساعدات بسرعة، فإن السؤال الملح هو “كيفية مساعدة المغرب على المدى الطويل على إعادة بناء القرى المدمرة وإعانة الساكنة التي فقدت كل شيء من المنازل والأحباء والماشية وسبل العيش، والتي تهدد التماسك الاجتماعي المغربي لهذه القرى الجبلية الفريدة. سيتطلب ذلك، التزاما جادا من شركاء المغرب الدوليين، الذي قد يتذبذب لدى بعضها بسبب ما تنقله بعض القنوات التلفزية الأجنبية من وجهات نظرها الخاصة عن واقع ما بعد الكارثة في جبال الأطلس”.

error: