لم يتمكن طلبة كليات الطب والصيدلة الذين حجّوا إلى العاصمة الرباط أول أمس الاثنين من مدن مختلفة من تنظيم مسيرتهم بالشكل الذي قرّروه، والتي جاءت لتأكيد تشبثهم بموقفهم من قرار الحكومة بتقليص سنوات التكوين الطبي من سبع إلى ستّ سنوات، حيث تحوّل الأمر إلى تجمع احتجاجي شارك فيه الطلبة الذين كان عدد منهم مرفوقين بآبائهم وأمهاتهم، الذين حضروا إلى جانبهم للتعبير عن مساندتهم الكاملة لهم في هذا المسار الاحتجاجي الذي ارتفعت حدّته منذ شهر دجنبر الفارط.
وعرفت «الوقفة» التي شارك فيها الآلاف من طلبة كليات الطب رفع لافتات ورسومات ومجسّمات تنديدية بما يراه المحتجون استهدافا لمستقبل التكوين الطبي في المغرب، وهو ما عكسته كذلك الشعارات التي جرى ترديدها على ألسنتهم، في رسالة وجّهها المحتجون إلى وزير التعليم العالي والبحث العلمي ومعه وزير الصحة والحماية الاجتماعية ومن خلالهما إلى الحكومة، مشددين في تصريحات مختلفة استقتها الجريدة، على أنهم لم يكونوا يرغبون في أن تستمر فصول هذا الصراع والشد والجذب، محمّلين مسؤولية ما يقع للمسؤولين الذين عوض أن يؤسسوا لحوار حقيقي ومسؤول يتم من خلاله الإنصات إليهم وإلى تخوفاتهم وإيجاد حلول عملية، تبنوا خطابات شكلية لا أثر لها في الواقع، وفقا لتصريح أحد الطلبة، الذي شدد على أن ما يطالب به الطلبة هو توفير تكوين طبي يساهم في خدمة المنظومة الصحية ويضمن الارتقاء بصحة الموطنات والمواطنين.
وأكد العديد من الطلبة لـ «الاتحاد الاشتراكي» أن رسائل عديدة تعبّر عن حسن النية تم بعثها للحكومة، ومن بينها تأجيل مسيرة 25 أبريل، للتأكيد على أنه لا يوجد هناك من يسعى للوصول إلى سنة بيضاء، مشددين على أن المسؤولين المعنيين تجاهلوا هذه الخطوة وواصلوا اعتماد التعنت موقفا في تدبير هذا الملف. وشدد مجموعة من الطلبة بمعيّة آبائهم على أن حماية التكوين العمومي، في مختلف مستوياته، هو أمانة في أعناق الجميع، ويجب بذل كل الجهود لكي تواصل «المدرسة العمومية» المساهمة في إنتاج خريجين في مجالات متعددة يتوفرون على الكفاءة الضرورية لخدمة الوطن.
وكان الطلبة قد دخلوا في مسار احتجاجي انطلقت فصوله بمقاطعة الدراسة والتداريب التطبيقية، قبل أن يتم الانتقال إلى مقاطعة الامتحانات، ثم تسطير مجموعة من الأشكال الاحتجاجية التي اتسعت رقعتها وزادت حدتها بعد ندوة «نقطة الصفر» وعقد المجالس التأديبية في حقّ عدد من ممثلي طلبة كليات الطب، ليتم الانتقال إلى تنظيم وقفات مركزية والدعوة لمسيرات غاضبة، إضافة إلى الإضراب الذي تقرر يومي 6 و 7 ماي على مستوى التداريب الاستشفائية بالنسبة لطلبة السنة السادسة والسابعة، وهي الأشكال الاحتجاجية التي تجعل الكثير من المتتبعين يدعون الجميع إلى التحلي بالحكمة والتبصر لتفادي سيناريو السنة البيضاء ووقف هذا الاحتقان الذي تتطور فصوله يوما عن يوم.