توالي ردود فعل دول الاتحاد الأوروبي على حكم محكمة العدل الأوروبية بشأن الاتفاقيات مع المغرب

محمد اليزناسني السبت 5 أكتوبر 2024 - 16:44 l عدد الزيارات : 42563

محمد المنتصر

أثار حكم محكمة العدل الأوروبية الصادر في 4 أكتوبر 2024، حول الاتفاقيات الزراعية والصيد البحري بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، جدلاً واسعاً في الأوساط الأوروبية والدولية. وبينما أعربت بعض الدول الأوروبية عن احترامها للحكم القضائي، فإن هناك إجماعاً على أهمية الحفاظ على الشراكة الاستراتيجية مع المغرب، والتي تعتبر حيوية لكلا الجانبين، خاصة في مجالات الزراعة والصيد البحري.

الشراكة الاستراتيجية محور العلاقات الأوروبية المغربية

أكد أنطونيو تاجاني، نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الإيطالي، في تغريدة أن الشراكة الاستراتيجية بين الاتحاد الأوروبي والمغرب تشكل ركناً أساسياً للتعاون بين الطرفين، خاصة في مجالات الزراعة والصيد البحري. ودعا المحكمة الأوروبية إلى ضرورة مراعاة هذه الشراكة عند إصدار الحكم، مشيراً إلى أن إيطاليا ملتزمة بتعزيز العلاقات مع المغرب، بما في ذلك التعاون في قضايا مكافحة الهجرة غير الشرعية.

في نفس السياق، أكدت وزارة الخارجية البلجيكية التزامها بتعزيز الشراكة مع المغرب، مشددة على دعمها للبيان المشترك الصادر عن أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، وجوزيب بوريل، الممثل الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي. وشدد البيان على أهمية تعزيز العلاقات الثنائية بين الاتحاد الأوروبي والمغرب والحفاظ على الشراكة الاستراتيجية التي تربط بين الجانبين.

من جهتها، أعربت وزارة الشؤون الخارجية الهنغارية عن تأييدها لتوسيع نطاق التعاون مع المغرب، مؤكدة أن هذه الشراكة تصب في مصلحة الطرفين. وشددت على أهمية تعزيز العلاقات الثنائية وتوسيع التعاون ليشمل مجالات جديدة.

انتقادات للحكم الأوروبي

لاقى حكم محكمة العدل الأوروبية انتقادات حادة من بعض الشخصيات السياسية في أوروبا. نيكولا باي، عضو البرلمان الأوروبي، وصف المحكمة بأنها استجابت لمطالب جبهة البوليساريو التي وصفها بـ”الإرهابية”، معتبراً أن القرار لا يضر فقط بالمصالح الاقتصادية لأوروبا والمغرب، بل يشكل انتهاكاً لوحدة المغرب الترابية.

تييري مارياني، عضو آخر في البرلمان الأوروبي، أعرب عن استيائه من الحكم، مشيراً إلى أن “الجميع يعلم أن الصحراء جزء لا يتجزأ من المغرب”، باستثناء محكمة العدل الأوروبية. واعتبر أن الحكم يعزز النزعات الانفصالية التي تدعمها جبهة البوليساريو، مما يشكل تهديداً لاستقرار المنطقة.

مواقف داعمة للعلاقات الأوروبية المغربية

سوزانا سيكاردي، عضوة البرلمان الأوروبي عن حزب “ليغا” الإيطالي، أبدت رفضها للحكم، معتبرةً أن إلغاء الاتفاقيات الزراعية والصيد البحري مع المغرب يمثل خطوة غير مدروسة. وأكدت أن المغرب يعد شريكاً استراتيجياً في منطقة البحر الأبيض المتوسط، داعية إلى تعزيز العلاقات الثنائية بدلاً من إضعافها.

وزارة الخارجية الهولندية، بدورها، أكدت دعمها للبيان المشترك للمفوضية الأوروبية، وشددت على أهمية تعزيز الشراكة الاستراتيجية مع المغرب. وأشارت إلى ضرورة الحفاظ على العلاقات الثنائية بين الطرفين قوية ومستقرة.

تأثير الحكم على العلاقات الثنائية

في الوقت الذي عبرت فيه بعض الدول الأوروبية عن قلقها من تأثير الحكم على العلاقات مع المغرب، أكدت فرنسا على أهمية الشراكة الاستراتيجية دون التعليق المباشر على الحكم. وشددت فرنسا على دعمها لمشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الصحراء المغربية، مؤكدة أن هذه المشاريع تهدف إلى تحقيق مصلحة السكان المحليين.

وبينما أعربت بلدان مثل هنغاريا وبلجيكا عن تأييدها لتوسيع الشراكة مع المغرب، تزايدت المخاوف من أن الحكم قد يؤثر سلباً على التعاون في مجالات حيوية مثل الزراعة والصيد البحري.

الموقف المغربي: رفض قاطع وتحفظات قانونية

رداً على الحكم، أكدت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج أن المملكة المغربية تعتبر نفسها غير معنية بالقرار. وأوضحت الوزارة أن المغرب لم يشارك في أي مرحلة من مراحل القضية التي تخص الاتحاد الأوروبي وجبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر.

وأشارت الوزارة إلى أن الحكم يتضمن “عيوباً قانونية واضحة وأخطاء في الوقائع”، مما يثير التساؤلات حول مدى فهم المحكمة لحقيقة الملف. ووصفت الوزارة الحكم بأنه “انحياز سياسي صارخ”، معبرة عن استغرابها من تجاوز المحكمة للهيئات الأممية المختصة ومواقفها الثابتة بشأن القضية. كما طالبت المغرب المجلس الأوروبي والمفوضية الأوروبية باتخاذ التدابير اللازمة لاحترام التزاماتهم الدولية والحفاظ على المكتسبات التي حققتها الشراكة الثنائية.

فرنسا وأوروبا: تأكيد على دعم التنمية في الصحراء المغربية

في إطار هذا الجدل، أكدت فرنسا مجدداً أهمية تعزيز التعاون مع المغرب ودعمها لمشاريع التنمية في الصحراء المغربية، بما يخدم مصالح السكان المحليين. الموقف الفرنسي يتماشى مع توجّه أوروبي عام يسعى للحفاظ على الشراكة الاستراتيجية رغم التحديات التي يفرضها الحكم.

  الشراكة الاستراتيجية أمام اختبار الحكم الأوروبي:

يضع حكم محكمة العدل الأوروبية العلاقات الأوروبية المغربية أمام اختبار دقيق، حيث يتطلب الموقف موازنة بين الاعتبارات القانونية وتطلعات التعاون الاستراتيجي. ورغم رفض المغرب القاطع للحكم، فإن الدول الأوروبية تواصل التأكيد على أهمية الشراكة الاستراتيجية.

ستكون الفترة المقبلة حاسمة في تحديد ما إذا كانت المؤسسات الأوروبية ستتمكن من تجاوز هذا التحدي، وضمان استمرارية العلاقات الثنائية بما يخدم مصالح الجانبين.

و عكست ردود الفعل الأوروبية إجماعاً على أهمية الشراكة الاستراتيجية مع المغرب، رغم التحفظات الكبيرة على حكم محكمة العدل الأوروبية. ويبقى التحدي الآن في كيفية التوفيق بين الاعتبارات القانونية والحفاظ على التعاون الاستراتيجي.

إن الشراكة الأوروبية المغربية ستظل ركيزة أساسية في العلاقات الثنائية، لا سيما في مجالات الزراعة والصيد البحري. وسيكون من المهم إيجاد حلول تستجيب لمصالح الطرفين وتضمن استمرارية التعاون في المستقبل.

تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram

مقالات ذات صلة

الثلاثاء 1 يوليو 2025 - 23:05

حزب الاتحاد الاشتراكي يطرح مقترح قانون لتجريم الإثراء غير المشروع: معركة تشريعية ضد الفساد

الثلاثاء 1 يوليو 2025 - 22:33

حاجيات تمويل الخزينة بـ 44,6 مليار درهم عند متم ماي 2025

الثلاثاء 1 يوليو 2025 - 22:28

جمعية الشعلة: موسم التخييم 2025 يفتح أبوابه في ربوع المملكة

الثلاثاء 1 يوليو 2025 - 22:21

‬الاتحاد‭ ‬الاشتراكي ‬لا‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬شهادة‭ ‬حياة،‭ ‬لأنه‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬يسلمها‮!‬

error: