مندوبية التخطيط ترسم “صورة قاتمة” عن الاقتصاد الوطني

أنوار التازي الثلاثاء 8 أكتوبر 2024 - 11:50 l عدد الزيارات : 32277

التازي أنوار

كشفت المندوبية السامية للتخطيط، أنه من المنتظر أن تنخفض القيمة المضافة للقطاع الفلاحي بنسبة 4,1 في المئة خلال الفصل الثالث من 2024 على أساس سنوي، وذلك بعد انكماش بنسبة 4% خلال النصف الأول من السنة.

وأوضحت المندوبية، في مذكرة لها حول “موجز الظرفية الاقتصادية للفصل الثالث من 2024 والتوقعات بالنسبة للفصل الرابع”، أنه من المرجح أن ينجم هذا التراجع، الذي سيعيد النشاط الفلاحي إلى مستواه المتوسط المسجل قبل أربع سنوات، عن تباينات في تطور الإنتاج النباتي والحيواني، مشيرة أنه على الرغم من الظروف المناخية غير المواتية، يرتقب أن تعرف محاصيل الخضروات الموسمية تحسنا خلال الفصل الثالث من 2024، سيساهم في انخفاض أسعار الخضر وارتفاع صادرات الطماطم والبطاطس والخضر الصغيرة. بينما ستشهد المحاصيل الأخرى ومعظم فروع الإنتاج الحيواني تراجعا خلال نفس الفترة.

وسجل المصدر ذاته، أن قطاع الدواجن سيعرف على وجه الخصوص تحولا نحو الانخفاض خلال الفصل الثالث من 2024، حيث سيسجل إنتاج لحوم الدواجن تقلصا بنسبة 3,3%. على الرغم من ارتفاع أسعار الأعلاف المركبة، أظهر القطاع مرونة خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2024، مكنت من دعم الإنتاج الحيواني الذي يتأثر للسنة الثانية على التوالي بالانخفاض المهم الذي يعرفه إنتاج اللحوم الحمراء بسبب محدودية العرض من الماشية المحلية المخصصة للذبح.

وأشارت المندوبية، أن القطاع عرف ابتداء من شهر يونيو الماضي بشكل خاص تراجعا في العرض من الكتاكيت، على خلفية انخفاض الإنتاج الوطني مقترنًا بارتفاع صادرات أعدادها، مما سيساهم في نقص انتاج الدجاج الموجه نحو الاستهلاك. وفي ظل هذه الظروف، ستشهد أسعار بيع الدواجن زيادة تقدر بنسبة 27,6% على أساس سنوي. كما سترتفع أسعار اللحوم الحمراء، وذلك على الرغم من زيادة واردات الحيوانات الحية بأكثر من النصف خلال نفس الفترة.

وذكرت المندوبية في توقعاتها خلال الفصل الرابع من 2024، أنه يرتقب أن تواجه الأنشطة الفلاحية استمرار تراجع الإنتاج الزراعي، وانخفاضًا أقل حدة على مستوى إنتاج الفروع الحيوانية. وستشهد تكاليف الإنتاج المرتبطة بالوقود والأسمدة والأعلاف المركبة المصنوعة من الذرة والمبيدات انخفاضًا طفيفًا، بينما ستظل تكاليف أعلاف الماشية والغاز مرتفعة. بناءا على ذلك، ستعرف القيمة المضافة الفلاحية انكماشا بنسبة 4,4% على أساس سنوي، بمساهمة سلبية 0,4 نقطة من النمو الاقتصادي الإجمالي. موضحة أنه ستظهر صعوبات في بعض القطاعات، ولا سيما الصناعات الغذائية التي تمر بظرفية صعبة ناجمة عن ضعف العرض الفلاحي المحلي والتكاليف المترتبة بالنسبة لصناعات تحويل اللحوم والحبوب والحليب. مما سيساهم في تباطؤ القيمة المضافة للصناعات التحويلية، حيث ستحقق زيادة محدودة ستصل إلى 2,7% خلال الفصل الرابع. وفي ظل هذه الظروف، يرتقب أن يعتمد تنامي النشاط باستثناء الفلاحي بشكل أساسي على ديناميكية البناء والخدمات، ليصل نموه إلى 3,2% خلال الفصل الرابع من عام 2024.

ومن جهة أخرى، شددت المندوبية، على أنه من المتوقع أن يشهد معدل التضخم ارتفاعًا طفيفًا خلال الفصل الثالث من 2024، عقب عدة فصول من التراجع، حيث سيبلغ 1,2% عوض 0,8% خلال الفصل السابق.  وسيعكس هذا الارتفاع زيادة أسعار المواد الغذائية بنسبة 0,7%، بعد انخفاض بنسبة 0,3% خلال الفصل السابق، وتراجع أسعار المنتجات غير الغذائية إلى 1,4+% مقارنة بـ 1,6+% خلال الفصل الثاني. أما بالنسبة للتضخم الكامن، الذي يستثني أسعار المواد الخاضعة لتدخل الدولة والمنتجات ذات الأسعار المتقلبة، فسيشهد، بدوره، ارتفاعًا طفيفًا سيصل إلى 2,4% مقارنة بـ 2,3% في الفصل السابق، مدفوعًا بزيادة في مكونه الغذائي مع تراجع تدريجي في أسعار المنتجات المصنعة واستقرار نسبي في أسعار الخدمات.

وسيعكس ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل كبير تصاعد أسعار اللحوم، وذلك بسبب استمرار تزايد أسعار اللحوم الحمراء مقترنًا بارتفاع كبير في أسعار لحوم الدواجن خلال الفترة الصيفية. كما يعزى توجه أسعار المواد الغذائية نحو الارتفاع، وإن كان بدرجة أقل، إلى تصاعد أسعار الفواكه الطازجة (0,4 نقطة) والأسماك (0,3 نقطة). بالمقابل ستشهد أسعار الخضروات الطازجة انخفاضا بمساهمة ستبلغ 0,7- نقطة، وذلك بالموازاة بشكل أساسي مع تعافي العرض المحلي.

أما بالنسبة لأسعار المنتجات غير الغذائية، فيعزى تباطؤ وتيرتها إلى تراجع أسعار الطاقة (4,2% مقارنة بـ 5% في الفصل السابق)، بسبب انخفاض أسعار المنتجات البترولية بنسبة 2,3% مقارنة بزيادة بنسبة 6,1% خلال الفصل الثاني، وذلك على الرغم من ارتفاع أسعار الغاز. كما ستتباطأ أسعار المنتجات المصنعة، بوتيرة طفيفة مقارنة بالفصل السابق (0,5%+ بعد 0,6%+)، متأثرة بانخفاض أسعار الأجهزة المنزلية الكبيرة.

وبخصوص المبادلات الخارجية، سجلت المندوبية، استمرار المساهمة السلبية للمبادلات الخارجية في النمو الاقتصادي الاجمالي، حيث ستصل الى 2,6- نقطة خلال الفصل الثالث من 2024. وعلى الرغم من انتعاش الصادرات (11,3%+ مقارنة بـ 7,8%+ خلال الفصل السابق)، من المتوقع أن يشهد حجم الواردات ديناميكية، استجابة لزيادة الطلب الداخلي.

أما من حيث القيمة، يرجح أن ترتفع صادرات السلع بنسبة 14,6% حسب التغير السنوي خلال الفصل الثالث من 2024، مدعومة بشكل أساسي بمبيعات الفوسفاط ومشتقاته التي ساهمت بنسبة 4,4 نقطة في هذا التحسن، في اعقاب تحسن الطلب الخارجي، ولا سيما من دول أمريكا الشمالية وأفريقيا. كما ستساهم مبيعات صناعة النسيج والجلود، خاصة صناعة الملابس، بعد عدة فصول من التطورات المتباينة، في دعم تطور الصادرات الإجمالية (+2,6 نقاط)، بالإضافة إلى مبيعات المنتجات الغذائية (+2,3 نقاط) والطيران (+1,8 نقاط) وبنسبة 0,8 نقطة لمبيعات السيارات.ومن جهتها، ستشهد قيمة واردات السلع ارتفاعا بنسبة 12,7% حسب التغير السنوي.

وحسب المذكرة، ينتظر أن تعرف مشتريات السلع الصناعية تحسنا ولا سيما الأجهزة الخاصة باستخراج السوائل أو الغازات، وأجهزة التبديل والتوصيل الكهربائية، والآلات لمعالجة المطاط والبلاستيك والسيارات التجارية في زيادة الواردات الإجمالية، بمساهمة ستصل الى 5,5+ نقاط، متبوعة بمشتريات المنتجات شبه المصنعة، بمساهمة قدرها +3 نقاط، مدفوعة بشكل خاص بمشتريات المنتجات الكيميائية والألمنيوم الخام وشبه المنتجات الحديدية أو الفولاذية والأوراق. كما ستتأثر فاتورة المواد الغذائية بشكل أكبر بمشتريات الحبوب والحيوانات الحية والفواكه، في سياق نقص الإنتاج الفلاحي المحلي، وسيستمر تنامي فاتورة الطاقة مدفوعة بشكل أساسي بمشتريات الديزل والوقود والغاز البترولي. وستساهم دينامية المبادلات الخارجية للسلع من حيث القيمة خلال نفس الفترة في تحسن معدل التغطية بمعدل نقطة واحدة خلال الفصل الثالث من 2024 حسب التغير السنوي، ليصل إلى 56,3%.

كما توقعت المندوبية، تسارع نمو الكتلة النقدية والقروض الموجهة نحو الاقتصاد خلال الفصل الثالث من 2024، حيث ستسجل زيادة بنسبة 5,5% مقارنة ب 4,6%+ في الفصل السابق على أساس سنوي. ولا يزال الطلب على السيولة من قبل البنوك مرتفعًا بالموازاة مع تسارع تداول النقود الائتمانية، مما سيدفع بنك المغرب الى زيادة حجم تمويلاته للبنوك. كما يرجح ان تتباطأ وتيرة نمو الاحتياطات من العملة الصعبة بشكل ملحوظ لتصل الى 1,4%. كما ستستمر القروض الموجهة للإدارة المركزية في الارتفاع، مما سيعكس زيادة في المديونية النقدية للخزينة بنسبة 8.2%.

 وبدورها، ينتظر أن تحقق القروض المقدمة للاقتصاد زيادة تقدر بنسبة 4,6% خلال الفصل الثالث من 2024 على أساس سنوي، مقارنة بـ 3,7% في الفصل السابق. ويعزى هذا التطور بشكل خاص إلى استئناف نمو القروض الخاصة بتسهيلات الخزينة بالنسبة للشركات وتسارع قروضها المخصصة للتجهيز. وتجدر الإشارة إلى أن بنك المغرب حافظ على سياسته النقدية دون تغيير خلال الفصل الثالث مع الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي عند 2,75%، بعد خفض معدله بـ 25 نقطة أساس خلال الفصل الثاني. وستسقر أسعار الفائدة في السوق بين البنوك عند مستوى سعر الفائدة الرئيسي، مسجلة انخفاضًا قدره 25 نقطة أساس عن متوسطها السنوي. بينما يرتقب أن تعرف أسعار الفائدة انخفاضا مهما في سوق مزادات سندات الخزينة، حيث ستتراجع أسعار الفائدة لأجل 5 و10 سنوات بنسبة 65 و66 نقطة أساس على التوالي.

ومن ناحية أخرى، لا يزال تأثير خفض سعر الفائدة الرئيسي الأخير خلال الفصل الثاني محدودا على أسعار الفائدة على الودائع التي يرتقب أن تشهد، بخلاف ذلك، ارتفاعا بنسبة 10 نقاط أساس في المتوسط. أما على مستوى سوق الصرف، يرجح أن يرتفع الدرهم بنسبة 1,1% و1,5% مقابل اليورو والدولار الأمريكي على التوالي خلال الفصل الثالث من 2024.

وسجلت المندوبية، أنه من المرجح أن يعرف نمو النشاط غير الفلاحي تسارعًا خلال الفصل الثالث من 2024، ليصل إلى 3,6% حسب التغير السنوي، حيث ستشهد جل القطاعات الثانوية انتعاشًا متزامنا في نشاطها، لترتفع بنسبة 4,4% عوض 8,3% خلال الفصل السابق. وفي هذا الإطار، يتوقع ان يستمر تنامي الصناعات الاستخراجية بنسبة 15,4% حسب التغير السنوي، مدفوعًة بارتفاع صادرات المنتجات الخام وزيادة الطلب من الصناعات التحويلية المحلية. ومن المنتظر أن يساهم الزخم الذي تعرفه صادرات الفوسفاط ومشتقاته، في ظل ظرفية تتسم بخفض الصين لإنتاجها الموجه للتصدير للفصل الثالث على التوالي ودخول قدرات إنتاجية جديدة من ثنائي فوسفاط الأمونيوم وثلاثي سوبر فوسفاط حيز الاستخدام على المستوى الوطني، في زيادة الطلب الصناعي المحلي الموجه للفوسفاط الخام وتحفيز إنتاجه بنسبة 18,9% حسب التغير السنوي.

وبدورها، يرتقب أن تحقق الصناعات التحويلية ديناميكية ملحوظة خلال الفصل الثالث من 2024، مما سيرفع مساهمتها في النمو الاقتصادي الإجمالي ب 2,0 نقطة. وستعرف أنشطة النسيج وبعض فروع الصناعات الغذائية تحسنا ملحوظًا، مدفوعة بتوجه ايجابي لمبيعاتها الخارجية بعد عدة فصول من الانخفاض. كما يرجح أن يستمر نمو الصناعات الكيميائية بنسبة 9,7% خلال نفس الفترة، في ظل تنامي صادرتها وانخفاض أسعار المواد الخام المستوردة، لا سيما الكبريت والأمونيا، بينما ستشهد قطاعات تصنيع المعدات الكهربائية والنقل ضعفا في ديناميكية مبيعاتها على مستوى الاسواق الأوروبية.

وعلى نفس المنوال، يتوقع أن تعرف القيمة المضافة لقطاع البناء تحسنًا بنسبة 4,8% خلال الفصل الثالث من 2024، مقارنة بـ 3,6% خلال الفصل السابق، حيث سيعرف نشاط التشييد تحولا نحو الارتفاع بالموازاة مع تكثيف الأشغال العمومية، وذلك في ظل استقرار أسعار الإنتاج. وتؤكد بحوث الظرفية التي تنجزها المندوبية السامية للتخطيط في هذا الصدد التوجهات الإيجابية للقطاع، حيث أظهرت النتائج ارتفاعًا في استخدام الأسمنت والحديد والخرسانة وتحسنًا في التوقعات بشأن دفاتر الطلبيات الموجهة نحو القطاع بنسبة 12 نقطة على أساس سنوي خلال الفصل الثالث من عام 2024.

بالمقابل، يرجح أن يستمر تباطؤ وثيرة نمو قطاع الخدمات الذي بدأ منذ منتصف 2023، حيث سيبلغ نمو القيمة المضافة للقطاع الثالثي 3,4%، على أساس سنوي، خلال الفصل الثالث من 2024، مقارنة بـ 5,8% في المتوسط خلال الفترة بين عامي 2022 و2023. وستحافظ أنشطة السياحة والنقل على أدائها وذلك بعد التعافي في الإنتاج والتشغيل الذي شهدته بعد جائحة كوفيد 19، بينما يرجح ان تعرف أنشطة التجارة والخدمات المالية والاتصالات خلال عموم سنة 2024 مرحلة تباطؤ ظرفي، وذلك في ظل تراجع الطلب الموجه نحوها.

تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram

مقالات ذات صلة

الأحد 4 مايو 2025 - 13:06

كيف أحرقت الجزائر ثرواتها في وهم الانفصال

الأحد 4 مايو 2025 - 13:02

ثورة علاجية وصحية بالمغرب في مواجهة أكثر السرطانات فتكا بالرجال فوق 50 عاما

الأحد 4 مايو 2025 - 12:25

6 مليارات دولار قيمة صفقات خليجية – أفريقية في مجال الطاقة

الأحد 4 مايو 2025 - 12:22

باحثون وأكاديميون وفاعلون مدنيون يلتئمون في ندوة وطنية بجهة بني ملال خنيفرة لتشخيص تحديات تكوين أطر التدريس

error: