كشف المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، عن تواصل ارتفاع معدل البطالة في المغرب مع ما ينطوي عليه ذلك من مخاطر على الصعيدين الإقتصادي والإجتماعي، حيث وصل معدل البطالة سنة 2023، حوالي 13 في المئة، وتم تسجيل هذا الارتفاع في نسبة البطالة، الذي يطال بشكل أكبر الشباب وحملة الشهادات، رغم الانخفاض البنيوي في معدل النشاط، والذي يؤثر على النساء والرجال معا، وتزداد حدة البطالة جراء التدهور الملموس في معدل الشغل، الذي انخفض من 42 في المائة سنة 2017 إلى 38 في المائة سنة 2023.
وتثير هذه الأرقام والتحليلات التي قدمها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أعطاب السياسة الحكومية المتبعة في مجال التشغيل وخاصة البرنامج الحكومي الذي تعهد بإحداث مليون منصب شغل، كما تكشف زيف الوعود الانتخابية لأحزاب التحالف الثلاثي المتغول التي وعد بها المغاربة، بتوفير فرص عمل كافية ولائقة للشباب المغاربة حاملي الشهادات، في ظل حكومة ترفع شعار الدولة الاجتماعية.
وسجل المجلس في تقريره السنوي لعام 2023، أن معــدل البطالــة المسـجل علـى المسـتوى الوطنـي يظـل أعلـى مـن المعـدل المسـجل علـى صعيـد البلـدان ذات الدخـل المتوسـط الأدنـى، وبلـدان منطقـة الشـرق الأوسـط وشـمال إفريقيـا، ومن شأن استمرار تدهور مؤشرات سوق الشغل، لا سيما الارتفاع المستمر لمعدل البطالة، أن يولد انعكاسات سلبية كبيرة مستقبلا على المستوى الاقتصادي، بما في ذلك الضغط القوي مستقبلا على ميزانية الدولة بسبب ارتفاع النفقات المرتبطة بالتعويض عن فقدان الشغل، والدعم الاجتماعي المباشر، بالاضافة إلى التأثير على أنظمة الحماية الاجتماعية. ومن جهة أخرى، قد لا تتمكن بلادنا من الاستفادة الكاملة من مؤهلات ساكنتها الشابة وإمكانات إسهامها في النمو الاقتصادي، في أفق انغلاق نافذة الامتياز الديمغرافي سنة 2040.
وأكد التقرير، أن التداعيات المقلقة قد تتجسد بالأحرى في تأثير البطالة على المستوى الاجتماعي. ذلك أن تحليل التوجهات والترابطات على المستوى الدولي، يبين أن البلدان التي تسجل أعلى معدلات البطالة تشهد في الآن ذاته معدلات مرتفعة في مؤشرات الفقر متعدد الأبعاد، والجريمة، وانتشار المشاكل المرتبطة بالصحة العقلية، من قبيل الاكتئاب. وبالإضافة إلى ذلك، فإن ارتفاع معدلات البطالة طويلة الأمد قد يشجع على الهجرة. أما بالنسبة للأشخاص الذين يختارون البقاء في بلدانهم، فإن هذا الوضع يضعف من موقفهم التفاوضي في سوق الشغل ويدفعهم في كثير من الأحيان إلى قبول وظائف هشة. مشيرا إلى أن بطالة الشباب تثقل كاهل أسرهم وتنهك ميزانياتها علمــا أنهــا تعانــي أصلا مــن ارتفــاع كلفــة المعيشة، كما تولد البطالة لدى الأشخاص العاطلين شــعورا بعــدم الجــدوى داخــل المجتمــع وإحساسا بالاحباط وفقدان الأمل ممــا يؤثــر علــى توازنــات الاســتقرار الاجتماعــي.
وشدد المجلس الاقتصادي والاجتماعي، أن ضعــف أداء ســوق الشــغل، المتســم بضعــف ديناميــة إحــداث مناصــب الشــغل وبانتشــار معــدل البطالــة، يعزى إلى مجموعة من العوامل المتعلقة بمكوني العرض والطلب والإطار المؤسساتي، حيث يجد الاقتصاد الوطني صعوبة في إحداث ما يكفي من مناصب الشغل الكفيلة باستيعاب تدفقات الأشخاص الوافدين سنويا على سوق الشغل، أو في تقليص أعداد العاطلين بشكل ملموس. ويزداد هذا الوضع حدة جراء التباطؤ شبه المستمر في متوسط معدل نمو الاقتصاد وتراجع محتوى النمو من مناصب الشغل على مر السنوات. كما يحول ضعف قدرة المقاولات متناهية الصغر على التطور لتصبح مقاولات ذات حجم متوسط دون تشغيل عدد أكبر من العاملين. بالاضافة إلى أن تركز دينامية خلق الثروة والمقاولات في بعض الجهات يؤدي إلى تعميق التفاوتات المجالية على مستوى توفر فرص
الشغل.
وأوصى المجلس، بالنهوض بدينامية إحداث مناصب الشغل من خلال تكثيف دينامية إحداث المقاولات وتعزيز فعاليـة وتوسـيع نطـاق البرامـج الحاليـة الموجهـة لدعـم إحـداث المقـاولات، مـع التركيـز علـى المواكبـة فـي مرحلـة مـا بعـد الاحـداث، وتجنـب وضـع برامـج جديـدة تأتـي لتنضـاف إلـى سـابقاتها دون قيمـة مضافـة حقيقيـة، وتحســين منــاخ الاعمــال وتجــاوز الصعوبــات التــي تحــول دون إحــداث المقــاولات.
كما دعا المجلس، إلى النهوض بدينامية إحداث مناصب الشغل غير المباشرة من خلال تشجيع النمو المكثف ورفع إنتاجية المقاولات، وتشـجيع الاندمـاج الصناعـي المحلـي بيـن المقـاولات العاملـة فـي مختلـف الفـروع مـن أجـل إحـداث أكبـر عـدد ممكـن مـن مناصـب الشـغل غيـر المباشـرة، والعمل بشكل قبلي على تشجيع الشباب على خيار »المبادرة المقاوالتية« للاندماج في سوق الشغل.
تعليقات
0