تقرير يبرز التحديات المرتبطة بتنظيم مونديال 2030 في المغرب

أنوار التازي الإثنين 4 نوفمبر 2024 - 12:45 l عدد الزيارات : 102394

أكد مرصد العمل الحكومي، أن تنظيم كأس العالم يشكل فرصة استثنائية لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمغرب، موضحا أن هذا الهدف يقترن بتحديات كبيرة تتطلب سياسات ناجعة لتحقيق مردودية مستدامة على المدى الطويل، إذ إن الوصول إلى النتائج المرجوة في ظل منافسة عالمية، خاصة مع دول شريكة مثل إسبانيا والبرتغال، يستلزم من المغرب معالجة بعض التحديات الجوهرية التي تتعلق بالنموذج الاقتصادي للملاعب والبنية التحتية، وضبط معدلات المديونية، وتحديث الخدمات والرقمنة.

و أوضح مرصد العمل الحكومي في تقريره اليوم الاثنين 4 نونبر 2024، حول تنظيم مونديال 2030، أن هناك العديد من التحديات التي يجب رفعها لنجاح تنظيم كأس العالم بالنسبة للمغرب، حيث يشكل أكثر من مجرد حدث رياضي عالمي، إنه فرصة تاريخية لتحقيق عوائد اقتصادية واجتماعية عميقة ومستدامة تمتد لسنوات طويلة بعد انتهاء البطولة.

ومن بين أبرز المكاسب والتحديات، حسب المرصد التي يجب رفعها، نموذج اقتصادي مستدام للملاعب، و تحقيق المردودية بعد انتهاء البطولة، حيث عادة ما تواجه الدول المستضيفة تحديات كبيرة بعد انتهاء كأس العالم، لا سيما فيما يخص استخدام الملاعب والمنشآت الرياضية بطريقة اقتصادية مستدامة، ولتجنب أن تصبح الملاعب استثمارا غير ذي مردود بعد الحدث، يحتاج المغرب إلى تطوير نموذج اقتصادي مبتكر يضمن استدامة الملاعب واستخدامها لتحقيق عائدات مالية مستدامة.

وأشار المرصد في تقريره، أنه يمكن أيضا استغلال هذه الملاعب لإقامة فعاليات محلية ودولية في مختلف المجالات، مثل البطولات الرياضية الإقليمية والمهرجانات الثقافية والمعارض، مما يسهم في تعزيز الاقتصاد المحلي وتوفير فرص عمل مستدامة، وسيكون من الضروري تشجيع الشراكات مع القطاع الخاص وتطوير برامج تمويل مبتكرة تمكن من استدامة الاستثمار وتحقيق عوائد مالية في مختلف الفترات، وبالتالي تجنب عبء الصيانة الباهظة بعد البطولة.

وبخصوص إدارة المديونية وتجنب ضغوط الديون، أكد التقرير، أن تأمين التمويل اللازم لبناء البنية التحتية وتحديثها، يبقى من أكبر التحديات التي تواجه الدول المضيفة لكأس العالم، ويبرز هذا التحدي بشكل خاص بالنسبة للمغرب، حيث سيتعين إدارة التكاليف الضخمة المرتبطة بتمديد شبكات النقل، وبناء المنشآت الرياضية والمرافق العامة، خاصة مع تقدير بعض المشاريع الكبرى بمليارات الدولارات، في هذا السياق، يتوجب على المغرب وضع استراتيجية دقيقة لتمويل هذه المشاريع، مع التركيز على تقليل الاعتماد على القروض الممولة بمديونية مرتفعة، وتجنب ضغوط الديون المستقبلية.

وأشار في هذا الصدد، أنه يمكن للمغرب التوجه نحو تطوير شراكات تمويلية مع مؤسسات دولية مانحة واستقطاب استثمارات القطاع الخاص المحلي والدولي، إلى جانب ذلك، يمكن استغلال بعض الاتفاقيات الثنائية والدعم الدولي في تطوير البنية التحتية، مما يخفف من الأعباء المالية، ويضمن تمويلا مستداما يتماشى مع أهداف النموذج التنموي المغربي.

وشدد التقرير، أن الرقمنة وتطوير الخدمات الذكية، تعد ركيزة أساسية لجعل تنظيم كأس العالم في المغرب تجربة متميزة، فالمقارنة مع إسبانيا والبرتغال، اللتين تتمتعان بمستوى عال بالمقارنة مع المغرب من التطور في الخدمات الرقمية، ستضع ضغطا على المغرب لتحديث بنيته الرقمية، ورفع مستوى الخدمات لجعلها متوافقة مع توقعات الجمهور العالمي، ويشمل ذلك تطوير منصات إلكترونية مدمجة لتيسير حجز التذاكر، وحجز الإقامات، ووسائل النقل، وتحسين تجربة المشجعين من خلال التطبيقات الذكية التي تتيح لهم الوصول إلى المعلومات والخدمات بسرعة وسلاسة. مؤكدا أن هذا التحدي يستدعي تعزيز البنية التحتية الرقمية في مختلف المدن المغربية، وتأمين خدمات الإنترنت العالية الجودة، وتطوير تطبيقات ذكية متعددة اللغات توفر معلومات عن الأماكن السياحية والمرافق العامة، إلى جانب تطوير نظام أمن سيبراني قوي لحماية بيانات المستخدمين وضمان سلامة العمليات الإلكترونية، وسيكون تحسين جودة الرقمنة محورياً في تحسين التجربة العامة للزوار، وجذب المزيد من السياح.

وفيما يتعلق بتحسين جودة الخدمات العامة والسياحيةوالنقل، أكد المرصد أن مستوى جودة الخدمات العامة والسياحية يشكل تحديا أساسياً، خاصة وأن المغرب سيقارن بإسبانيا والبرتغال اللتين تمتازان بتجربة سياحية عالمية، لذلك سيكون من الضروري العمل على تحسين الخدمات السياحية والبنية التحتية بشكل يتماشى مع متطلبات البطولة، ويقدم مستوى متقدما من الراحة للزوار، تشمل توفير مرافق عالية الجودة في الفنادق والمطاعم والمواصلات، وتدريب الأطر والموارد البشرية العاملة في القطاع السياحي على تقديم خدمة احترافية، وتهيئة المنشأت لتلائم الانتظارات العالمية.

وسجل المرصد، أنه ينبغي تطوير شبكات الطرق والمواصلات بحيث تكون قادرة على استيعاب الأعداد الكبيرة من الزوار، مع تحسين وسائل التنقل داخل المدن وبين المناطق السياحية، حيث لا يمكن ان نستمر في ظل منظومة نقل تقوم على الريع و على الاعتماد المطلق على منظومة “التاكسي” بدون أي اصلاح او تحديث ، مع ضرورة الانفتاح على تجربة التطبيقات الذكية و إيجاد الصيغ القانونية لإدماجها في منظومة النقل الشرعية، مع ضرورة توعية  السائقين المهنيين فيما يتعلق بضوابط التسعيرة و التعامل الجيد مع الزوار، ما يتيح لهم تجربة مريحة تساهم في تحسين سمعة المغرب كوجهة سياحية متطورة.

كما أشار تقرير المرصد، إلى أنه في ظل التوجه الدولي المتزايد نحو تحقيق الاستدامة، فإن تنظيم بطولة عالمية بهذا الحجم يشكل تحديابيئيا يستدعي من المغرب وضع سياسات بيئية مستدامة، تشمل إدارة الموارد الطبيعية، وخفض استهلاك الطاقة والمياه، وتقليل النفايات والانبعاثات الضارة، إذ يمكن استغلال هذه الفرصة للترويج لمشاريع الطاقات المتجددة، واستخدام الملاعب والمنشآت بطرق تتيح تحقيق مردودية اقتصادية مع الالتزام بالمعايير البيئية، ويجب على المغرب وضع مشاريع لإعادة تدوير الموارد، وتشجيع استخدامها الذكي، لضمان تراكم بيئي إيجابي للبطولة.

ومن جهة أخرى، شدد التقرير، أن الأمن يمثل ركيزة أساسية في أي حدث عالمي، إذ إن تأمين كأس العالم يتطلب من المغرب اعتماد استراتيجية شاملة تشمل إجراءات صارمة لضمان سلامة الزوار والمنشآت، في هذا السياق، من الضروري تطوير خطة تنقل متكاملة تشمل وسائل النقل العام، وأماكن الإقامة، والمسارات السياحية لتجنب الاكتظاظ وتوفير تجربة آمنة ومريحة للجميع.

وأشار إلى أن تعزيز الجانب الأمني يتطلب البدء منذ الان في توعية وتحسيس المغاربة بأهمية تنظيم كاس العالم، وبالفرص التي يوفرها للمغرب في مساره التنموي ومدى انعكاساته الإيجابية عليهم، وبضرورة انخراطهم الواعي والمسؤول في إنجاح هذه التظاهرة، فالمغاربة يجب أن يكونوا جزء لا يتجزأ من إنجاح هذا المشروع، ولن يتأتى هذا الامر الى عبر مقاربة تشاركية يكون من خلالها للمجتمع المدني دور بارز في التواصل والتعبئة والتكوين لفائدة عموم الشباب المغاربة.

وخلص التقرير، إلى أن العوائد المالية المباشرة وغير المباشرة لهذا الحدث، تقدر ما بين 8 و10 مليارات دولار، تشمل الإيرادات السياحية، الاستثمار الأجنبي، عائدات البث، والرعاية التجارية. ومن المتوقع أن يعزز هذا الحدث مكانة المغرب كوجهة سياحية عالمية، حيث سيجذب ملايين الزوار من مختلف أنحاء العالم، ويترك إرثا دائما من البنية التحتية الحديثة التي تخدم المواطنين والزوار على حد سواء.

وذكر بأن تطوير البنية التحتية هو أحد أبرز المكاسب، حيث سيتيح كأس العالم للمغرب فرصة تحسين شبكة النقل العام، بما في ذلك تمديد شبكة القطار الفائق السرعة من الدار البيضاء إلى أكادير، وتطوير الطرق والمطارات والمرافق العامة. هذا التطوير سيخدم المغرب طويلا بعد البطولة، ويحقق سهولة التنقل وتعزيز الروابط الاقتصادية بين مختلف مناطق البلاد. كما سيسهم الاستثمار في البنية التحتية في تقليل التفاوت بين المدن الكبرى والمدن الأقل تطورًا، مما يعزز من توازن التنمية على الصعيد الوطني.

وعلى الصعيد الاجتماعي، يتيح الحدث حسب المرصد فرصا لتعزيز التوظيف وتوفير آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، سواء في مرحلة البناء أو خلال فترة البطولة. حيث سيتم تشغيل آلاف الشباب في قطاعات البناء، السياحة، والخدمات، ما يعزز من الدخل القومي ويساهم في تقليل البطالة. كما أن الحدث سيفتح المجال أمام برامج تدريبية وتطوعية للشباب في مجالات التنظيم، الضيافة، وإدارة الأحداث الدولية، مما يسهم في تأهيلهم واكتسابهم مهارات جديدة تعزز فرصهم في سوق العمل المحلي والدولي.

إلى جانب الفوائد الاقتصادية والاجتماعية، سيترك كأس العالم أثرًا ثقافيًا طويل الأمد، حيث سيتيح للمغرب فرصة تعزيز الهوية الثقافية المغربية، وإبراز التنوع الثقافي والتراثي للبلاد أمام ملايين المشاهدين حول العالم. وسيعزز هذا الحدث من انفتاح المجتمع المغربي على العالم، وينشر قيم التعاون والتسامح والتفاهم بين مختلف الثقافات.

وختم المرصد أن تنظيم كأس العالم في المغرب يتماشى تمامًا مع رؤية المغرب التنموية الجديدة التي تسعى إلى تحقيق تنمية شاملة ومستدامة تلامس كافة فئات المجتمع، عبر هذه الرؤية، يسعى المغرب إلى تحويل هذه الفعالية إلى منصة لتحقيق التغيير الإيجابي، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وتوفير فرص حياة كريمة لجميع المغاربة. بهذا المعنى، فإن كأس العالم ليس مجرد حدث عابر، بل هو خطوة نحو بناء مستقبل أكثر ازدهارًا واستقرارا، يؤكد قدرة المغرب على تحقيق إنجازات عالمية واستدامة تنموية شاملة.

تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

الجمعة 4 يوليو 2025 - 14:57

وسيط المملكة يترأس أشغال اللقاء الأول للمنتدى الوطني حول الوساطة المؤسساتية

الجمعة 4 يوليو 2025 - 12:34

إلغاء نحو ألف رحلة بفرنسا في ثاني يوم من إضراب المراقبين الجويين

الجمعة 4 يوليو 2025 - 11:13

بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء سلبي… وإليكم أسعار صرف أهم العملات الأجنبية

الجمعة 4 يوليو 2025 - 10:06

أبرز عناوين الصحف اليومية الصادرة اليوم الجمعة 4 يوليوز

error: