يبدو أن وزارة السياحة، في استعداداتها لاستقبال المغرب لبطولتي كأس إفريقيا وكأس العالم، قد استيقظت فجأة لتقرر “الارتقاء بمعايير الضيافة”، وذلك عبر تقنية “الزبون السري”.
فكرة جديدة؟ لا، بل هي وسيلة تقليدية شائعة في الدول التي تعيش على السياحة وتولي أهمية لجودة خدماتها.
وزارة السياحة المغربية قررت أخيرا أن تدخل عصر “الزبون السري”، في خطوة أثارت استغراب الكثيرين، ممن كانوا يظنون أن مراقبة جودة الفنادق وتصنيفها كان يتم بآليات أكثر حداثة وشفافية. لكن لا، فحسب الوزيرة المحترمة، فإن الجودة ستتحقق اليوم عبر عميل خفي يتسلل إلى الفنادق بجانب لجنة جهوية ليمنح النجوم بناءً على معايير لا يعلمها إلا الله و”الزبون السري”.
لكن يبدو لي أنه ،حسب الوزيرة المحترمة، السيدة فاطمة الزهراء عمور، أن هذه الفكرة “الرائعة” ستُطبق لأول مرة في المغرب!
هنا يبرز السؤال الكبير: كيف كانت تقيم الوزارة الفنادق وتوزع عليها النجوم بسخاء قبل هذا الاكتشاف العجيب؟
كيف كان يُمنح هذا التصنيف أو ذاك لبعض الفنادق التي يعرف مرتادوها جيداً أن “نجومها” تتلألأ فقط على الورق؟
ألم تكن الوزارة على علم بوضعية هذه الفنادق، التي تكشف التعليقات والملاحظات بوضوح عن خدمات متواضعة ومستويات متدنية؟ أم أن التقييم كان يتم بناءً على “العين المجردة” أو علاقات خاصة بعيداً عن عين “الزبون السري”؟
ببساطة، نهمس غي أذن السيدة الوزيرة، لسنا بحاجة إلى “زبون سري” يزور الفنادق متنكراً، بل بحاجة إلى فتح تحقيق علني لكشف المستور..
فإذا كانت الوزارة صادقة في سعيها لتحسين مستوى الضيافة، فالأولى أن تبادر بفتح تحقيق علني يكشف المستور، ويعيد النظر في تصنيفات الفنادق التي تحظى بنجوم لا تعكس الواقع. أما “الزبون السري”، فلا نحتاجه إلا إذا كان الغرض إبقاء الوضع على حاله، مع إيهام الجميع بأن تغييراً قادماً.
قد تكون هذه الخطة الجديدة للوزيرة خطوة إيجابية، ولكن يبقى السؤال الكبير: أين كانت الوزارة طوال هذه السنوات؟
عملية مراقبة وتصنيف الفنادق تعتمد على مجموعة من المعايير والمعايير التي يجب على الفنادق تلبيتها، وتشمل هذه المعايير الخدمات المقدمة، جودة الغرف، المرافق، مستوى النظافة، الأمن، والتجهيزات العامة، فهل اعتمدتها الوزارة أم أن السيدة عمور لم تكن تهتم للجودة ولحقيقة النجوم الموزعة إلا بعد أن بلغ إلى علمها بأن هناك رقابة خارجية في الطريق قد تكشف المستور فاستبقت الأمر وأعلنت عن إطلاق عملائها السريين لإعادة النظر في التصنيف..
وللحديث بقية…
تعليقات
0