في يوم، مثل هذا، مضت عليه 49 سنة، قام المناضل الجزائري محمد لبجاوي، المؤسس لجبهة تحرير المغرب العربي، بزيارة للفقيد عبد الرحيم بوعبيد، في خضم الأجواء المفعمة بروح التحرير.
وذكرت »المحرر »التي نقلت الخبر، أن المناضل الجزائري الراحل هدف من وراء هاته الزيارة دعم نضال وكفاح الشعب المغربي لاسترجاع الصحراء وإتمام عملية التحرير الوطني، وقد جاء من أجل المشاركة في «المسيرة الشعبية التي بلورت إجماع الشعب المغربي على استرجاع صحرائه المغتصبة.
والأستاذ لبجاوي من المجاهدين الأوائل الذين قادوا الكفاح التحريري ضد الاستعمار الفرنسي في الجزائر، وهو مؤسس “رابطة الجزائريين بفرنسا وأوربا”، والرئيس السابق لـ”اتحادية جبهة التحرير في فرنسا”، وعضو في أول مجلس وطني للثورة، هذا بالإضافة إلى أنه من الكتاب المعروفين، وقد صدرت له عدة مؤلفات نخص بالذكر منها «”حقائق حول الثورة الجزائرية»”، “موقعة الجزائر”»، ومؤلفه الأدبي الشاعري “«قطعة من القمر ونجمه في لون الدم»”، عن دار أدفارسار.
لبجاوي زار عبد الرحيم بوعبيد، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي وقتها، »حيث تبادلا وجهات النظر حول تطور قضية الصحراء، وما يهم قضية إتمام التحرير في مجموع أقطار المغرب العربي»، المغرب الكبير اليوم.
ومعلوم أن لبجاوي كان قد حل ببلادنا في إطار المبادرة النضالية التي اتخذها بسويسرا باعتباره مناضلا جند نفسه لدعم الكفاح التحريري الموجه ضد الاستعمار خصوصا في الصحراء وبقية أجزاء المغرب التي لا تزال خاضعة للاستعمار.
ولبجاوي، شارك في مؤتمر الصومام، في 20 غشت 1956، ومن مؤتمر الصومام، أرسل عبان رمضان، الذي تم اغتياله في الناظور من طرف جماعة هواري بومدين، محمد لبجاوي إلى فرنسا، من أجل توعية المهاجرين لمراقبة الإضراب لمدة 8 أيام تحت رعاية جبهة التحرير الوطني الجزائرية.
وفي عام 1957، حاول إحياء اتحاد جبهة التحرير الوطني عندها اعتقلته الشرطة الفرنسية وسجنته (1957-1962)، عند الإفراج عنه، فضل محمد لبجاوي الانضمام إلى تحالف وجدة، وهو قريب من الرئيس بن بلة، ولعب دور الوسيط، وساعد في وضع حد للتمرد الذي بدأه حسين آيت أحمد.عارض الانقلاب العسكري الذي وقع في 19 يونيو 1965، والذي اعتبره غير شرعي وظل موالياً للرئيس السابق أحمد بن بلة، وأعلن عن إنشاء «الحركة المسلحة للقوات الديمقراطية الجزائرية» في مارس 1976. وتبنى القضية المغربية حول الصحراء .وسيعود إلى المشهد السياسي بعد أكتوبر 1988 إلى جانب الرئيس السابق أحمد بن بلة، ويرأس لجنة التحضير لعودة الرئيس السابق إلى الجزائر، ثم سيستقيل من جميع الأنشطة السياسية..
كان لبجاوي من الأوائل الذين فضحوا النوايا العدوانية للنظام الجديد في مقابلة أجرتها معه جريدة (لاسويس) في 3 يناير 1976 حيث قال: “الأخبار التي تصلني من الجزائر تكاد تؤكد أن الكولونيل بومدين بصدد التحضير لحرب ضد الشعب المغربي الشقيق وتحت ذريعة تحقيق السعادة لخمسة وسبعين ألف صحراوي؛ بومدين مستعد للتضحية بمئات الجزائريين والمغاربة والموريتانيين في حرب بين الإخوة؛ إنه يواصل تصعيده الحاقد والمستفز بترحيل عشرات الآلاف من الأشقاء المغاربة المقيمين بالجزائر»”.
المنظمة التي أسسها دعا للمشاركة فيها كل المستعدين من أبناء ليبيا، تونس، الجزائر، المغرب وموريتانيا، وهدف هذه الجبهة، كما نشر ذلك في جريدة «”لاسويس”»، هو تسخير كل الإمكانيات لخدمة الأمة المغربية، وذلك بالمساهمة، بكل الوسائل، في تحرير الأراضي التي لا تزال محتلة من طرف الاستعمار الإسباني، ولاسيما سبتة ومليلية والساقية الحمراء ووادي الذهب.
كما ستسهر الجبهة على إزالة الخلافات الموجودة داخل أقطار المغرب العربي، والحيلولة دون كل مواجهة، من أي نوع كانت، وتعبئة كل الطاقات الجزائرية والمغربية والموريتانية والتونسية والليبية ضد عدو المغرب العربي المشترك الاستعمار الفرنكاوي، ذلك أن أي وطني مغاربي وأي مناصر للحرية في العالم، لا يمكن أن يقبل الدفاع عن أطروحات فرانكو.
وقبل هذا البيان الذي نشر في الصحافة السويسرية، سبق للسيد لبجاوي أن أدلى بحديث خاص إلى صحيفة “لاسويس»”، وذلك بتاريخ فاتح أكتوبر 75، عقب الإعدامات التي قام بها الحكم الفرنكوي ضد الشباب المناهض للفاشية…… شرح فيه أسباب تظاهر إسبانيا بأنها” صديقة للعرب”، حيث أكد أن من أهم هذه الأسباب، حرصها على أن تظل محتفظة بمستعمراتها بشمال إفريقيا، وأنهى حديثه بأن طالب جميع الذين وقفوا ضد الفرنكوية، أن يقوموا بواجب مساندة المعركة التي ترمي إلى استكمال تحرير المغرب الكبير.
وقبل أن يلتحق محمد لبجاوي بالمغرب مشاطرا الشعب المغربي في كفاحه، أدلى بتصريح قال فيه:”إن مئات الآلاف من المغاربة يستعدون للقيام بمسيرة سلمية من أجل انتزاع الصحراء من الاستعمار الإسباني لكون الصحراء جزءا من الوطن المغربي.
وأن الاستعمار الإسباني يرد على هذه المسيرة بالتهديدات للفتك بالمواطنين المغاربة الذين يسيرون من أجل تحقيق مطلب مشروع هو تحرير وطنهم، وأمام هذه الإرادة المتعنتة من حكومة مدريد، فإن كل الخلافات الموجودة داخل أقطار المغرب العربي يجب أن تنتهي.إن من الواجب على الجزائر وموريتانيا وتونس وليبيا أن تُعبر عن تضامنها الكامل مع الشعب المغربي.
وإنه لواجب ملح وذي صبغة أولية مفروض على جميع الدول العربية وكل الدول الإفريقية، وكذلك دول العالم الثالث بصفة عامة، أن يعلنوا تضامنهم مع الشعب المغربي.وفي النهاية، وبصفتي رئيسًا لجبهة المغرب العربي للتحرير، قررت أن ألتحق فورا بالمغرب لأشارك في المعركة التي تتخذ عدة واجهات ضد الاستعمار الفرنسي، وأشاطر إخواني المغاربة في مصيرهم”..
لقد كان لبجاوي واحدا من القادة والمناضلين الصادقين في الجزائر، والذين كانوا ينعتون أحيانا بـ«”اللوبي المغربي» في الجزائر”، والذين أعلنوا قناعاتهم المغربية بوضوح وقوة.. قبل أن يقل عددهم، للأسف، فمن منكم يعرف لبجاوي أيها الجزائريون؟؟
تعليقات
0