أكد النائب البرلماني حميد الدراق باسم الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية بمجلس النواب، أن الحديث عن استقبال المغرب ل 17,4 مليون سائح سنة 2024 يستوجب بعض التفصيل؛ حيث إن الحكومة في تحليلها لهذا المنجز تقفز على مكون أساسي، والمتعلق بحضور مغاربة العالم سواء في الشق المرتبط بعدد الوافدين أو في عائدات السياحة، مشيرا إلى أن مغاربة العالم يمثلون أكثر من 47 في المائة من عدد السياح الوافدين كما فاقت تحويلاتهم المالية عتبة 110 مليار درهم طوال الثلاث سنوات الأخيرة، فيما تمثل عمليات صرفهم للعملة الصعبة ركيزة أساسية في مداخيل السياحة التي تعلنون عنها دوريا، وهذه الأرقام تظل دون مستوى تطلعات المنافسة الإقليمية والدولية، ودون رقم 041 مليار درهم التي الواردة في استراتيجية ”رؤية 2020″.
وسجل حميد الدراق في تعقيبه باسم الفريق الاشتراكي، على جواب رئيس الحكومة خلال جلسة المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة الاثنين 27 يناير 2025 ملاحظتين أساسيتين، الأولى، أن العدد الصافي للسياح الوافدين على المغرب دون احتساب المغاربة، يبقى دون الطموح الذي حددته الاستراتيجيات المختلفة للسياحة. أما الثانية، فتتعلق بضرورة اعتماد الحكومة لسياسات عادلة ومنصفة لمغاربة العالم نظرا لمساهمتهم الكبيرة في المجهود التنموي للمغرب.
وشدد على أن الوضعية الحقيقية للسياحة المغربية عرفت تراجعا في التصنيفات العالمية، وهو ما يهدد مكانة المملكة كوجهة سياحية رائدة على مستوى إفريقيا وحوض البحر الأبيض المتوسط. وتزداد المخاوف في ظل التراجع الأخير للمغرب في تصنيف ”مؤشر تنمية السياحة والسفر لعام 2024″، حيث احتل المرتبة 82 من بين 119 دولة، مسجلا انخفاضا بواقع 12 مركزا مقارنة بعام 2019، وهو ما يبرز أن شعار الانضمام إلى كوكبة الوجهات السياحية الـ15 الأكثر جاذبية عالميا ما زال بعيد المنال.
وأكد النائب الاتحادي، أنه إذا كانت بلادنا تسعى إلى استقطاب 26 مليون سائح موازاة مع إعداد 150.000 ألف سرير لتعزيز الطاقة السياحية الإيوائية في أفق 2030 ، إلا أن الاستراتيجيات الوطنية للتنمية السياحية، لم تحقق أهدافها سواء تعلق الأمر بمضاعفة حجم القطاع السياحي من خلال توفير 200.000 سرير فندقي جديد، أو ما تعلق بمضاعفة حصة المغرب من الأسواق الأوربية التقليدية أو جذب مليون سائح من الأسواق الناشئة أو رفع عدد الأسفار الداخلية إلى ثلاث أضعاف. متسائلا عن كيفية تحقيق هذه الأرقام الحالمة والحكومة لم تعمم البنيات التحتية الكبرى على كل مناطق المغرب مثل الطرق السيارة والقطارات، ولنا في تطوان خير مثال التي لم تصلها إلى اليوم الطريق السيار أو القطار علما أنها أصبحت تعرف ازدحاما خانقا في حركة المرور.؟
وأضاف الدراق، أن الحكومة تكرر نفس الأخطاء التي حالت دون تحقيق الأهداف المسطرة في الرؤيتين الاستراتيجيتين السابقتين وبالتالي التخلف عن موعد التنمية السياحية.
وتابع الدراق مخاطبا رئيس الحكومة، ” يبقى السؤال الجوهري الذي له ارتباط بانعكاسات الأرقام السياحية على العيش الكريم للمواطن المغربي من قبيل: ماذا عن فرص الشغل المباشرة وغير المباشرة التي كان على النشاط السياحي خلقها؟ ماذا عن البطالة التي أصبحت تنخر النشاط السياحي؟ وماذا عن مساهمة السياحة وتموقعها كعامل أساسي في الاقتصاد الوطني؟”
وشدد النائب البرلماني على أن الحكومة مطالبة بالاجابة أيضا على سؤال محوري لا يقل أهمية عن سابقيه: لماذا تستمر الحكومة في تغييب البعد الجهوي في استراتيجياتها السياحية؟ حيث إن 4 جهات فقط هي التي التزمت بتنزيل جزئي لعقد البرنامج بين الدولة والجهات؟ وحيث إن الميثاق الوطني للاتمركز الإداري لم يتعدَّ معدل إنجازه 36٪ إلى غاية أكتوبر الماضي! مشيرا أن نتيجة إحصائيات المكتب الوطني المغربي للسياحة تشير إلى وجود تركيزٍ قويّ للنشاط، أيْ 60 في المائة من المَبيتات، في مدينتيْن اثْنتيْن هما مراكش وأكادير.
وخلص المتحدث، إلى أن تطوير مناطق سياحية جديدة لم يمكّنْ منْ تطوير أقْطابٍ سياحية أخرى أو مدن سياحية كبيرة، على الرّغم من البرامج المنفذة. كما يتبين اليوم، أن تركيز الحكومة والموارد المالية وتعزيز خطوط الربط الجوي و التسهيلات الإدارية كلهم موجهون إلى تأهيل وتنمية وِجهة سياحية واحدة (مراكش) على حساب الجهات السياحية الأخرى؛ وهو أمر ينطوي على خطورة آنية ومستقبلية تهدد في نفس الآن التوازن البيئي والإيكولوجي لهذه الجهة، كما تكرس هشاشة العرض السياحي في المناطق الأخرى للمملكة.
وذكر حميد الدراق، أن النشاط السياحي يرتبط بالطّابَع الموسمي لليالي السياحية، وهو ما يؤدّي إلى عدم استقرار سوق الشّغل والدّخل على المستوى المحلي، كما يؤثّر سلبًا على مردودية الاستثمارات السياحية على المستوى الجهوي. وهو ما يقتضي مراجعة نموذج التنمية السياحية، بحيث يكون أكثر قدرة على الصمود أمام التقلبات، وذا بعد ترابي، وقادراً على توفير أنشطة أكثر استدامة وفرص شغل أكثر استقرارا طوال السنة.
تعليقات
0