وماذا عن الدار البيضاء؟..سكان باريس يصوتون الأحد على مشروع لزيادة المساحات الخضراء

محمد رامي السبت 22 مارس 2025 - 11:38 l عدد الزيارات : 161775

فيما يستعد سكان باريس للإدلاء بأصواتهم حول مشروع يهدف إلى توسيع المساحات الخضراء وزيادة عدد الشوارع المخصصة للمشاة، يبدو المشهد في المغرب مغايرًا تمامًا، حيث يتغوّل الإسمنت على حساب الطبيعة، وتختنق المدن تحت وطأة التمدد العمراني الفوضوي.

 في الدار البيضاء، التي من المفترض أن تكون القلب النابض للاقتصاد المغربي، تحولت مساحات خضراء عديدة إلى مجرد ذكريات بفعل مضاربات عقارية لا تكترث إلا بالأرباح، تاركة المدينة فريسة للاختناق الإسمنتي. 

باسم السكن الاقتصادي أوالاجتماعي، يجري الزحف العمراني بلا هوادة، لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل ما يُبنى اليوم يراعي فعلاً حاجيات السكان، أم أنه مجرد جدران تحاصرهم؟

الفضاءات العامة تتقلص، الحدائق والمتنزهات تغدو قليلة خاصة في الأحياء الشعبية، والتخطيط الحضري يُدار بمقاربة تفضل العقار على جودة الحياة. 

في الوقت الذي تناقش فيه باريس تحويل 500 شارع إلى ممرات للمشاة، تبدو شوارع الدار البيضاء مجرد متاهة ممتدة من السيارات والاختناقات المرورية. بدلًا من تعزيز مفهوم المدينة الصديقة للبيئة، نشهد التهام الأراضي المخصصة للمرافق العمومية لصالح مشاريع إسمنتية، فيما تتسع رقعة الأحياء الهامشية التي تفتقر لأبسط مقومات العيش الكريم، فكيف يمكن الحديث عن تنمية حضرية متوازنة في ظل هذا المشهد؟

وفقًا لمعطيات حديثة، لا تتجاوز نسبة المساحات الخضراء في الدار البيضاء 2% من مساحة المدينة، وهي نسبة ضئيلة جدًا مقارنة بالمعدلات العالمية التي توصي بها منظمة الصحة العالمية، والتي تقترح أن يكون لكل فرد ما لا يقل عن 10 إلى 15 مترًا مربعًا من المساحات الخضراء. هذه النسبة الضئيلة تزيد من حدة التلوث البيئي وتقلل من جودة الحياة في المدينة.

في المقابل، تهدف باريس إلى زيادة مساحاتها الخضراء بشكل كبير، مع تحويل المزيد من الشوارع إلى مناطق للمشاة، مما يعكس رؤية واضحة لمدينة أكثر خضرة وأقل تلوثًا. أما في الدار البيضاء، فإن المشاريع العمرانية الجديدة تفتقر إلى أي رؤية بيئية، حيث يتم استبدال المساحات المفتوحة بمجمعات سكنية ضخمة دون أي اعتبار لتأثيرها على البيئة أو على سكان المدينة.

قد يجادل البعض بأن المغرب يواجه تحديات مختلفة عن فرنسا، وأن الحاجة إلى توفير مساكن تظل أولوية، لكن ما الجدوى من “تنمية” تزيد من بؤس العيش في المدن؟ لماذا لا يُطرح تصور حضري يحترم الإنسان قبل أن يخدم مصالح العقاريين؟ باريس تُخطط لمستقبلها، فيما تستمر مدننا في التمدد العشوائي الذي يقتل روحها ويعزل سكانها في كتل إسمنتية تفتقر إلى الحياة. ألا يستحق المغاربة، على غرار الباريسيين، فرصة لإبداء رأيهم في مستقبل مدنهم؟

تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

الجمعة 2 مايو 2025 - 23:46

حوار خاص مع حميد الدراق: الاتحاد الاشتراكي بتطوان يسترجع قوته والتنمية مسؤوليتنا المشتركة

الجمعة 2 مايو 2025 - 22:11

من منتدى مراكش.. رئيس البرلمان الأنديني يجدد دعمه للوحدة الترابية للمغرب ويشيد بالمبادرة الأطلسية لجلالة الملك…

الجمعة 2 مايو 2025 - 21:23

إدارة الدفاع الوطني تنبه مستخدمي “Mozilla Firefox” من ثغرات أمنية خطيرة

الجمعة 2 مايو 2025 - 21:02

توقيع مذكرة اتفاق بين المجلس الأعلى للحسابات ومنظمة الأفروساي

error: