في لقاء صحفي مفتوح، نظم يوم الأربعاء 26 مارس 2025، بمقر الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بالرباط، استعرض الكاتب الأول للحزب، إدريس لشكر، رؤيته للأوضاع السياسية بالمغرب، مسلطا الضوء على قضايا عدة شملت “التغول الثلاثي”، الانتخابات المقبلة، الحصيلة الحكومية، والمعارضة البرلمانية.
وقد انتقد لشكر التسابق المحموم نحو “حكومة المونديال”، معتبرا أن هذا الجهد كان الأولى أن يُسخر لخدمة الوطن ومعالجة قضايا الشعب فالمغرب، كدولة ديمقراطية ناشئة، شهد محطات إصلاحية هامة في تاريخه السياسي، كتعديل المدونة واللوائح الانتخابية وضمان النزاهة، مشددا على أن الإحصاء العام للسكان والسكن أظهر تغييرات ديموغرافية تستدعي مراجعات انتخابية على أسس عادلة وشفافة، فبل أن يبدي أسفه لهيمنة منطق “التغول” بين الأحزاب داخل الحكومة الحالية، معبرا عن مخاوفه من غياب الشفافية بشأن التحضير للانتخابات المقبلة، خصوصا فيما يتعلق بالتقطيع الانتخابي والتحديد الإداري، ، قائلا :” القيام بمعركة انتخابية يتطلب ان نكون على قدم المساواة، أن نعرف معرفة موعدها مسبقا، وألا يتفق فقط التغول فيما بينه حولها، وأن التحديد الإداري والتقطيع الانتخابي يتم التداول بشأنه كما جرت العادة.. المخيف هو أننا لا نعلم ما يجري خلف كواليس هذا التغول السياسي”، مطالبا الحكومة بتحمل مسؤوليتها في هذا الشأن، خاصة مع اقتراب الانتخابات.
وبعد تأكيده على أنه ليس هنالك حزب سياسي لا يصبو إلى تنفيذ برنامجه السياسي من خلال التواجد في الحكومة، اعتبر لشكر أن الحكومة الحالية كانت محظوظة، إذ جاءت بعد جائحة كوفيد-19 لتجد توجيهات ملكية واضحة، خاصة في ما يتعلق بالورش الاجتماعي، لكنه انتقد طريقة تقديم الحكومة لحصيلتها عبر “وصلات إشهارية”، مشيرا إلى أن هذا الأسلوب يُعبّر إما عن نية الحكومة التحضير لانتخابات سابقة لأوانها أو أنها تمارس العبث في السياسة، مبرزا أن المشاريع الكبرى التي وعدت بها، مثل خلق مليون منصب شغل، أصبحت “مهمة مستحيلة”.
أما بخصوص ملتمس الرقابة، أوضح لشكر أن الهدف منه لم يكن إسقاط الحكومة، بل فتح النقاش أمام الشعب المغربي من خلال النقل المباشر لجلسات البرلمان، بعيدا عن استحواذ رئيس الحكومة وأغلبيته على أغلب الوقت المخصص للمداخلات، مؤكدا أن المعارضة كانت تأمل في نقاش عميق وواضح، إلا أن المبادرة لم تحقق أهدافها.
وفيما يتعلق بكون الاتحاد الاشتراكي تسبب في البلوكاج كي لا يتمكن رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران من تكوين حكومته، قال لشكر:”حرصت على السكوت عن الترهات، خاصة من طرف رئيس الحكومة السابق، الذي كان يعطي الصلاحية لنفسه من أجل أن يقول كل شيء إلا الحقيقة”، مذكرا بالحوارات التي جمعت حزبه ببنكيران في مرحلة تشكيل الحكومة السابقة، مبرزا أن الأخير أظهر عداء تاريخيا للاتحاد الاشتراكي ليضيف بالقول:” في بيتي تم التوافق على البيان الشهير للسيد رئيس الحكومة، حيث تمت دعوته للتحاور معنا بشكل جماعي.. ووقتها أصبح من الصعب عليه أن يشكل أغلبية دون أن يخاطب الاتحاد الاشتراكي لكنه خرج يقسم بالإيمان الغلاظ، كأنه هو من يعين الحكومة، وكأنه لا يعرف دستور البلاد.. وقد كان هدفنا هو إفشال المؤامرة التي كان يقوم بها وقتها، واستطاع الاتحاد الاشتراكي أن يشارك في الحكومة واعتبرنا أننا اجتزنا مرحلة كان المستهدف فيها هو الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية”.
كما تحدث القيادي الاتحادي عن عدم المشاركة في الحكومة الحالية قائلا:” السياسة لا ود فيها، لأن هذه شؤون البلاد والعباد وقضايا وطن وشعب، وتحليلي لعدم انضمامنا للحكومة الحالية، يعود إلى أن الإجراءات الاجتماعية القوية التي كانت ستدخل فيها هذه الحكومة كانت تستدعي من طرف الحزب القائد لها، وهو حزب ليبرالي، أن لا يكون من ضمن حلفائه من سيحسب له تاريخيا أمر هذه المكاسب الاجتماعية التي عرفها الشعب المغربي”، قبل أن يشيد المتحدث بالفريق الاشتراكي بكل من محلس النواب والمستشارين لنجاحهم في تمثيل الحزب عبر القيام بالدور الذي فرض عليه، وهو دور المعارضة.
وشدد إدريس لشكر على أن ما يحدد المواقف هو خدمة ومصلحة الوطن مذكرا بالمواقف المتباينة لأطراف هذه الحكومة قائلا:” قبل الانتخابات الأخيرة التي أفرزت هذا التغول الثلاثي، طرفا هذا التغول توجها إلى رئيس الحكومة السابق بنكيران، يشتكيان من التجمع الوطني للأحرار ومن أمور كثيرة حوله.. وصرحا حينها أنهما لن يكونا يوما ما في تحالف معه، لهذا أنا لا أسبق الزمن لكي أقول أنني سأكون مع هذا أو آخر، ونحن في السياسة لا نشتغل بالثأر، وما يحدد مواقفنا هو كيف يمكننا أن نخدم مصلحة البلاد.. وكأس العالم، الذي اعتبره هؤلاء هدفا، هو محفز لتطوير الشعب المغربي وبنياته”.
في ذات السياق وجه الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي، انتقادات حادة للحكومة الحالية، لعجزها عن الوفاء بتعهداتها التي تضمنها برنامجها الحكومي، خاصة مشروع “مليون منصب شغل”، الذي أصبح، وفق تصريحات من داخل الحكومة نفسها، “مهمة مستحيلة”، وأن الحكومة اختارت دعم الفلاحين في الخارج على حساب دعم الكساب المغربي في البوادي والقرى، معتبرا أن هذا التوجه يعكس عجز الحكومة عن تقديم حلول تنموية حقيقية للشعب المغربي.
وشدد لشكر على أن هذه الحكومة محظوظة بوجود معارضة مسؤولة وغير شعبوية، مستغربا من مواقف بعض المسؤولين الحكوميين الذين يخرجون للشكوى كما لو كانوا مواطنين عاديين، ليضيف متسائلا: “عندما يخرج مسؤول موكول له تطبيق القانون واتخاذ إجراءات قانونية ويشتكي كباقي المواطنين، أليس هذه دعوة للمواطن للخروج إلى الشارع؟” مؤكدا أن الاتحاد الاشتراكي ضد الخروج غير الغير مسؤول إلى الشارع، داعيا إلى ضرورة تنظيم الاحتجاجات وفق القانون، حيث يمكن للمتضررين اللجوء إلى القضاء أو الاستفادة من الدعم الاجتماعي بدل الانجرار نحو الفوضى، خاصة في ظل وجود متربصين وخصوم خارجيين، معتبرا أن محاسبة المسؤولين تتم من خلال صناديق الاقتراع، وأن هذا هو السبيل الوحيد للمحاسبة الفعالة، محذرا في الوقت نفسه من أن الحكومة الحالية تتبع سياسة “التغول”، وهيمنة أحزاب الأغلبية على المشهد السياسي، مما قد يؤدي إلى القضاء على الحزبية في المغرب وتهديد الاستقرار الديمقراطي في البلاد.
كما دعا المسؤول الحزبي الحكومة إلى تحمل مسؤولياتها وتوضيح تاريخ الانتخابات المقبلة، مشددا على ضرورة إشراك كافة الأحزاب في مناقشة التقطيع الانتخابي، قبل أن يتطرق لشكر إلى ما اعتبره استغلالا سياسيا للموارد مثل قفف الإحسان، مشيرا إلى أن الحملة الانتخابية بدأت مبكرا بالنسبة للحكومة، وهو ما يعتبره الحزب خرقا لروح النزاهة والشفافية، محملا رئيس الحكومة مسؤولية استدعاء قادة الأحزاب السياسية لعقد حوار شامل حول هذه القضايا، وكذلك مراقبة سير العمل في الإدارات العمومية، ومطالبا النيابة العامة باتخاذ الإجراءات اللازمة بشأن المخالفات الانتخابية في بعض الأقاليم والمقاطعات.
تعليقات
0