“الدبلوماسية الموازية: الاتحاد الاشتراكي نموذجًا لتعزيز المصالح الوطنية على الساحة الدولية”

أنوار بريس الخميس 1 مايو 2025 - 08:22 l عدد الزيارات : 19488

فدوى الرجواني

في ظل التحولات الجيوسياسية العميقة التي يعرفها العالم، أصبحت الدبلوماسية الموازية ركيزة أساسية لتعزيز الحضور الدولي للدول التي لم تعد مقتصرة على القنوات الرسمية لحماية مصالحها على الساحة الدولية وتحسين علاقاتها السياسية والتجارية والثقافية والتأثير في القرارات الدولية.
وفي هذا الإطار، يبرز الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية كفاعل بارز يعتمد استراتيجية منتظمة ونشيطة للدبلوماسية الحزبية، منسجما مع مبادئه التقدمية والتزامه بقضايا الشعوب.
هذا الدور القديم والمتجدد للاتحاد الاشتراكي يتجسد بوضوح عبر عضويته الدائمة في عدد من الهيئات والمنظمات الدولية كان آخرها انضمامه للملتقى الدائم للأحزاب السياسية في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي ليصبح أول حزب من خارج القارة الأمريكية يحظى بعضوية هذا المنتدى السياسي المهم.
إن قدرة الاتحاد الاشتراكي على بناء علاقات قوية مع أحزاب اشتراكية واشتراكية ديموقراطية عبر العالم ومن كل القارات أتاحت له فرصا كبيرة للترافع والدفاع عن القضية الوطنية وتصحيح المفاهيم الخاطئة حولها في محافل دولية مختلفة كما سمحت له بتعزيز صورة المغرب كنموذج للديموقراطية وحقوق الإنسان وهو ما يتماشى مع رؤية جلالة الملك لتعزيز الديبلوماسية الحزبية وتشجعيها، في هذا السياق واستمرارا في لعب أدواره الريادية في هذا المجال جاءت مشاركة الكاتب الأول للحزب، الأستاذ إدريس لشكر، في أشغال اجتماع مجلس التحالف التقدمي المنعقد مؤخراً في الهند. هذه المشاركة لم تكن مجرد حضور شكلي، بل كانت مناسبة نوعية عبر خلالها الحزب عن مواقفه المبدئية وتمسكه الراسخ بمبادئ التضامن الأممي واحترام سيادة الدول وتعزيز دور دول الجنوب في صياغة السياسات العالمية، ففي كلمته أمام مجلس التحالف التقدمي، أثار الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي القضايا الحقيقية التي تؤرق شعوب الجنوب، منتقدا بجرأة سياسات الهيمنة والتدخل في الشؤون الداخلية للدول، مؤكدا أن الطريق نحو عالم أكثر عدلا وسلاما يمر عبر احترام سيادة الشعوب واختياراتها الديمقراطية
وأن الفجوة الاقتصادية والإجتماعية بين الشمال والجنوب لا تزال تتسع بسبب غياب سياسات دولية عادلة، وأن التحالفات التقدمية يجب أن تتحمل مسؤوليتها الأخلاقية والسياسية في الدفاع عن حق دول الجنوب في التنمية المستقلة، وفي مواجهة كل أشكال الاستغلال والاستعمار الجديد الذي أبانت الأزمات العالمية، سواء المتعلقة بالتغير المناخي أو الأوبئة أو الهجرة، بوضوح هشاشته وعجزه عن تحقيق الإنصاف بين الشعوب. لذلك اضحى من الضروري إعادة بناء نظام عالمي أكثر توازنا، يرتكز على مبادئ العدالة، التضامن، واحترام الخصوصيات الوطنية.

الزيارة وإن كانت بالنسبة للاتحاد الاشتراكي عملا روتينيا دءب على القيام به وفرصة جديدة لتعزيز علاقات الحزب مع الأحزاب التقدمية عبر العالم، وفتح آفاق للتعاون السياسي وبناء شبكة تضامنية قوية تدافع عن قيم الحرية، المساواة، والكرامة الإنسانية، إلا أنها
تؤكد أن الدفاع عن المصالح العليا للبلاد ليس، ولا يجب أن يكون، حكرا على العمل الرسمي التقليدي، بل يتطلب تعبئة شاملة لكل الفاعلين السياسيين والمدنيين لإسماع صوت البلد في المحافل الدولية الكبرى، وأن الدبلوماسية الموازية للأحزاب السياسية، متى توفرت على رؤية استراتيجية وخبرة حقيقية، يمكن أن تلعب دورا محوريا في دعم القضايا الوطنية، وفي بناء صورة إيجابية للمغرب كدولة ديمقراطية وحديثة وهو ما يعتبره الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، واجبا تاريخيا ومهمة وطنية، عبر الانخراط الفعال فيها، مؤسسا بذلك لمدرسة حزبية تؤمن بأن النضال من أجل الديمقراطية داخليا يجب أن يوازيه دفاع عن المبادئ ذاتها على الصعيد الدولي، وفي عالم تتداخل فيه المصالح والتحديات، تظل مثل هذه المبادرات النوعية خير دليل على حيوية الحزب وعلى استعداده للانخراط في معارك المستقبل بشجاعة وثبات.
إن الإمكانيات الكبيرة التي يمتلكها الاتحاد الاشتراكي مستفيدا من خبراته في الدبلوماسية الموازية وعلاقاته مع الأحزاب الاشتراكية والاشتراكية الديموقراطية عالميا، وفي ظل اقتناع دولي كبير بمقترح الحكم الذاتي تجعل منه أيضا، مؤهلا اكثر من غيره
لتعزيز الشرعية الدولية للمقترح عبر شبكاته الدولية وللترويج لمقترح الحكم الذاتي كحل جدي وواقعي للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، مستفيدا من دعم دول كبرى وتصريحاتها الإيجابية بشأن جدية المقترح كما يمكنه استلهام نماذج ناجحة للحكم الذاتي من دول أخرى، مما قد يساعد في صياغة مقترح يتماشى مع المعايير الدولية ويعزز التنمية المحلية،
فمن خلال رؤيته الاشتراكية، يمكن للحزب أن يضمن أن يتضمن المقترح برامج تنموية تعزز من الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في المنطقة كذلك.
وفي الأخير، يمكن القول إن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، من خلال استراتيجيته المتقدمة في الدبلوماسية الموازية، يُثبت أن العمل الحزبي يمكن أن يكون أداة فعّالة لتعزيز المصالح الوطنية على الساحة الدولية وأن التزامه بمبادئ التضامن الأممي، واحترام سيادة الدول، والدفاع عن القضايا العادلة، يجعله نموذجا مميزا في كيفية توظيف العلاقات الدولية لخدمة القضايا الوطنية. ومع استمرار التحولات الجيوسياسية، يبقى الاتحاد الاشتراكي في موقع مهم لتقديم رؤى مبتكرة وحلول عملية، تعزز من مكانة المغرب كدولة ديمقراطية وحديثة، وتدعم تطلعاته نحو تحقيق تنمية مستدامة وعدالة اجتماعية.

تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

الجمعة 2 مايو 2025 - 23:46

حوار خاص مع حميد الدراق: الاتحاد الاشتراكي بتطوان يسترجع قوته والتنمية مسؤوليتنا المشتركة

الجمعة 2 مايو 2025 - 22:11

من منتدى مراكش.. رئيس البرلمان الأنديني يجدد دعمه للوحدة الترابية للمغرب ويشيد بالمبادرة الأطلسية لجلالة الملك…

الجمعة 2 مايو 2025 - 21:23

إدارة الدفاع الوطني تنبه مستخدمي “Mozilla Firefox” من ثغرات أمنية خطيرة

الجمعة 2 مايو 2025 - 21:02

توقيع مذكرة اتفاق بين المجلس الأعلى للحسابات ومنظمة الأفروساي

error: