إدريس لشكر يوجه نداء لبناء نظام عالمي جديد قائم على العدالة والسيادة والتضامن…

يسرا سراج الدين الجمعة 2 مايو 2025 - 10:55 l عدد الزيارات : 15905

شدد الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إدريس لشكر، صباح اليوم الجمعة 2 ماي 2025، خلال ترأسه الجلسة الافتتاحية للمنتدى الدولي الثالث للبرلمانيين الشباب الاشتراكيين والديمقراطيين، المنعقد بمدينة مراكش، على ضرورة إعادة التفكير في النموذج العالمي الراهن، داعيا إلى “بناء نظام عالمي جديد، قائم على الحقيقة، والعدالة، والتضامن، وحقوق الإنسان”، ومؤكدا على أن المنتدى يشكل مدرسة للنقاش الحر والمسؤول، ومنبرا لصياغة رؤى جديدة تنبع من واقعنا وتعانق طموحاتنا الجماعية، معتبرا أن الجيل الجديد من البرلمانيين الشباب مطالب بحمل مشعل الحرية والكرامة والتضامن في عالم مضطرب تهيمن عليه الأزمات المتشابكة.

الأزمات العالمية ومآزق الديمقراطية التقدمية..

وفي معرض حديثه عن السياق الدولي، عبر لشكر عن قلقه من حالة اللايقين التي تعيشها البشرية، وسط تصاعد الحروب والنزاعات والجرائم الجماعية، محذرا من التواطؤ الدولي مع قوى الدمار، قائلا: “تتعاظم الحروب المدمرة التي لا تخلّف فقط الدمار بل تصل أحيانا إلى حدود الإبادة الجماعية، وسط دعايات مغرضة وصمت مريب من صناع القرار الدوليين”، منبها إلى أن النموذج الديمقراطي نفسه بات عرضة للشك والتقويض، حيث أن “النموذج الديمقراطي المبني على دولة الحق والقانون، وعلى مبادئ الحرية والمساواة والتضامن، أصبح محط تشكيك خطير أمام صعود رؤى استبدادية تزداد جاذبيتها وسط أزمات الثقة واللايقين”، قبل أن يتوقف عند خطورة الأنظمة التكنولوجية الحديثة التي أصبحت، في رأيه، تهدد حرية الإنسان وتخلق وعيا مزيفا خارج إرادته، مما يتطلب إعادة تموقع القوى التقدمية لمواجهة هذا التحول.

نموذج اقتصادي بديل قائم على العدالة والتوزيع والمساواة..

ودعا القيادي الإتحادي إلى تجاوز الشعارات نحو الفعل الجماعي المنظم من أجل التغيير الحقيقي، من خلال بناء نموذج اقتصادي جديد وعادل يضع الإنسان والبيئة في صلب الاهتمام، معتبرا أن “العدالة المجالية، والعدالة بين الأجيال، وإعادة التوزيع، والعدالة الضريبية، وتنظيم الاحتكارات، وتعزيز السيادة الاقتصادية” يجب أن تكون محاور أي مشروع مستقبلي بديل، حيث طرح في هذا السياق، الحزب الاشتراكي المغربي أولويات واضحة تمثلت في الدعوة إلى عدالة بيئية شاملة من خلال ميثاق أخضر عالمي، والمساواة الشاملة عبر سياسات تدمج النساء والأقليات، وديمقراطية قوية تصون المؤسسات وتكافح التضليل الرقمي، وسلام إنساني دائم يرتكز على احترام سيادة الدول وعدالة انتقالية حقيقية.

استعادة سيادة الجنوب والقطع مع التبعية..

وفي كلمته، لم يتردد لشكر في الإشارة إلى المظالم التاريخية التي تعرضت لها شعوب الجنوب، والتي ما تزال تتجدد عبر أشكال الهيمنة الجديدة، مؤكدا أن “الإصلاح الحقيقي لا يكمن فقط في إضافة مقاعد لدول الجنوب ضمن هيئات القرار، بل في الاعتراف بالمظالم التاريخية التي تعرضت لها هذه الدول نتيجة الاستعمار، واستغلال الموارد، والديون المجحفة، ونقل الصناعات الملوثة”، مشددا على أن “استعادة شعوب الجنوب لسيادتها الشاملة ثقافيا، وعلميا، واقتصاديا، وسياسيا هو الشرط الأساسي لبناء تعددية عالمية حقيقية وديمقراطية، تضمن التعاون لا الهيمنة، والكرامة لا الخضوع، والتنمية لا الاستغلال”، قبل أن يدين في هذا الصدد كافة الممارسات التي تسعى إلى فرض نماذج اقتصادية مدمرة أو احتكار المعرفة.

وحدة التراب الوطني ركيزة مقدسة لا مجال للتفريط فيها والدفاع عن القضية الفلسطينية هو التزام..

كما أكد المسؤول الحزبي على أن الاتحاد الاشتراكي يظل وفيا لمبادئه الداعمة للقضية الفلسطينية، مشدداً على أن “الدفاع عن القضية الفلسطينية ليس خيارا سياسيا عابرا، بل هو التزام مبدئي نابع من إيماننا بعدالة الحقوق الإنسانية”، داعيا إلى وقف إطلاق النار الشامل وفتح المعابر لتأمين المساعدات، معتبرا أن “أي مقاربة حقيقية لإرساء السلام العادل والدائم تمر عبر إنهاء الاحتلال، ووقف سياسة الاستيطان، وتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس الشرقية”، مبرزا أهمية مبدأ احترام سيادة الدول ووحدة أراضيها، محذرا من محاولات تغذية النزعات الانفصالية وفرض وصايات جديدة على الدول الوطنية، ومؤكداً أن “وحدة التراب الوطني ركيزة مقدسة لا مجال للتفريط فيها”.

الهجرة ليست أزمة بل انعكاس لاختلالات التنمية..

وفي تناوله لملف الهجرة، عبر لشكر عن رفضه للمقاربات الأمنية الضيقة، معتبرا أن “الهجرة ظاهرة إنسانية تعكس اختلالا عميقا في التنمية الدولية”، داعيا إلى احترام حقوق المهاجرين ومكافحة شبكات الاتجار بالبشر، والعمل على معالجة الأسباب الجذرية للهجرة، حيث قال أن “الاتحاد الاشتراكي يدعو إلى التعاطي مع قضايا الهجرة عبر دعم حق الدول الأصلية في التنمية، واحترام الحقوق الإنسانية للمهاجرين”.

العدالة المناخية والتزام تجاه الدول النامية..

وأكد الكاتب الأول أن التغير المناخي أصبح التهديد الأكبر لاستمرار الحياة، خصوصا في بلدان الجنوب التي لم تساهم تاريخيا في التلوث الصناعي ولكنها تتحمل تبعاته، داعيا إلى “إعادة النظر في آليات التمويل الدولي، وتوفير الدعم للدول النامية لتعزيز قدراتها على التكيف والانتقال الطاقي العادل”، كما دعا إلى ربط العدالة المناخية بالعدالة الاقتصادية والاجتماعية، في إطار تعاقد عالمي جديد أكثر إنصافا.

الدبلوماسية البرلمانية لبنة للتعاون جنوب-جنوب.. وجيل جديد بمسؤولية كبرى..

وفي ختام كلمته، أبرز الكاتب الأول لحزب. الاتحاد الاشتراكي، أهمية الدبلوماسية البرلمانية كوسيلة لتعزيز التعاون بين دول الجنوب، وبناء تحالفات استراتيجية للدفاع عن قضايا السيادة الوطنية والحق في التنمية، موضحا أن “الدبلوماسية البرلمانية تمثل أداة حيوية للحوار بين الشمال والجنوب، خاصة بين الفاعلين السياسيين والبرلمانيين الشباب من العائلة التقدمية، في إطار من التعاون والاحترام المتبادل”، مشددا على ضرورة جعل صوت الجنوب مسموعا بوصفه شريكا لا تابعا، كما أكد على الدور المحوري الذي ينتظر البرلمانيين الشباب، قائلا: “إن أمامكم مسؤولية جسيمة في هذا الزمن المضطرب: أن تكونوا الجيل الجديد الذي يحمل مشعل الحرية والكرامة والتضامن، بعيدا عن الشعبوية، وبعيدا عن النزعات الانعزالية”، داعيا إياهم إلى التحلي بالوعي النقدي والمسؤولية الوطنية، وصياغة خطاب سياسي واقعي ومبدئي في آن واحد.

تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

الجمعة 2 مايو 2025 - 22:11

من منتدى مراكش.. رئيس البرلمان الأنديني يجدد دعمه للوحدة الترابية للمغرب ويشيد بالمبادرة الأطلسية لجلالة الملك…

الجمعة 2 مايو 2025 - 21:23

إدارة الدفاع الوطني تنبه مستخدمي “Mozilla Firefox” من ثغرات أمنية خطيرة

الجمعة 2 مايو 2025 - 21:02

توقيع مذكرة اتفاق بين المجلس الأعلى للحسابات ومنظمة الأفروساي

الجمعة 2 مايو 2025 - 20:57

الأميرة للا أسماء تزور بواشنطن جامعة غالوديت وتترأس حفل توقيع مذكرة تفاهم بين مؤسسة للا أسماء وغالوديت

error: