تقرير موضوعاتي يكشف وضعية وواقع الذكاء الاصطناعي بالمغرب

أنوار التازي الجمعة 9 مايو 2025 - 14:36 l عدد الزيارات : 12968

كشف تقرير مجموعة العمل الموضوعاتية المؤقتة بمجلس النواب، حول الذكاء الاصطناعي وتأثيراته وآفاقه، أن العالم شهد طفرة نوعية على مستوى جميع الميادين نتيجة استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وإن كان اليوم يعرف صراعا بين القوى الكبرى حول الريادة في هذا المجال، فالدول النامية تسعى جاهدة للالتحاق بهذا الركب السريع ابتغاء الاستفادة من مزاياه الجمة مع الحرص على تحصين مجتمعاتها مما يمكن أن يترتب عنه من مخاطر وتحديات.

وأشار التقرير، أن هذا الانتشار الواسع للذكاء الاصطناعي كان حديثا نسبيا، فتطور هذا الأخير يرجع إلى خمسينات القرن الماضي ، كما تم استخدامه من قبل الدول في العديد من مجالات التنمية. إلا أن تطوره السريع، جاء بفضل تطور التقنيات المستعملة كأنظمة التعلم الآلي” العميقة” التي تحاكي الشبكات العصبية البشرية وتطور البنى التحتية الرقمية من جودة الربط بالإنترنيت، وسعة التخزين وقدرة الحوسبة. وقد ساهم وصول هاته التقنيات إلى العموم وإتاحتها لمختلف مستخدمي الأنترنيت مع تطبيق chatgpt وغيره في تغيير معالم العديد من المجالات وطريقة الأداء.

وفي هذا الصدد، وحسب استطلاع ل Boston Consulting Group فقد احتل المغرب المركز الثاني عالميا من حيث استخدامه للذكاء الاصطناعي، حيث إن %38 من المغاربة يستعملون تطبيق chatgpt بشكل يومي و 80 واعون به كأداة للذكاء الاصطناعي.
وفضلا عن الاستعمال المتزايد لهاته التقنيات من طرف أفراد المجتمع، حضي موضوع الذكاء الاصطناعي باهتمام مؤسساتي، حيث نجد عددا من المؤسسات المغربية والدولية التي أصدرت دراسات حول هذا الشأن ، راصدة جاهزية البنى التحتية لتطوير هذه التقنيات، وحالة استخدامها وأفاق تطوريها وكذا الرهانات المطروحة.

وذكر التقرير، أنه يمكن تقييم ورصد واقع الذكاء الاصطناعي بالمغرب من خلال تصنيفاته الدولية وكذا من خلال النظر إلى جاهزية بناه التحتية المادية واللامادية، وتحليل مدى تكامل وانسجام المبادرات المتخذة ومستوى نضجها، ومدى توافقها مع الرؤية الشاملة لتطويره بالمغرب.

وبخصوص وضعية المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي على ضوء المؤشرات الدولية، أكد التقرير، أن المغرب عرف استثمارات مهمة في مجال الرقمنة مما ساهم في تعزيز وتحسين البنى التحتية الرقمية لاسيما تلك المتعلقة بالاتصالات وتطوير تكنولوجيا المعلومات والبيانات، وهو ما جعله يتبوأ مراتب متقدمة على مستوى مجموعة من المؤشرات والتصنيفات على الصعيد الإفريقي، ونخص بالذكر مؤشر تطوير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، مؤشر الانترنيت الشامل، مؤشر الأمن السيبراني العالمي وكذا مؤشر البيانات المفتوحة. إلا أن ذلك لا ينعكس على تصنيفاته الدولية حيث يحتل مراتب محتشمة ومتوسطة في المجال الرقمي.

وسجل التقرير، أن تصنيفات المغرب الدولية في الذكاء الاصطناعي تشير إلى تأخره النسبي في هذا المجال، حيث شهد ترتيبه تراجعا على مستوى بعض المؤشرات بين سنتي 2023 2024، كمؤشر جاهزية الحكومات للذكاء الاصطناعي مثلا ” Gouvernement IA Readiness Index” 190 والذي يعتمد في مهجنتيه على تقييم ثلاث ركائز الحكومة وقطاع التكنولوجيا والبيانات والبنية التحتية، حيث تم تصنيف المغرب في المرتبة 101 عالميا سنة 2024 بعد ما كانت رتبته 88 سنة 2023.

ولفت التقرير، أنه مع ذلك، فقد حقق المغرب تصنيفا متقدما نسبيا فيما يخص المؤشر العالمي للذكاء الاصطناعي المسؤول Global Index on Responsible id، حيث احتل الرتبة 51 عالميا من أصل 138 دولة نظرا للمجهودات المبذولة في هذا الشأن، ونشير هنا على سبيل المثال، إلى مقاربة المجلس الوطني لحقوق الانسان المعتمدة على تقديم استشارات وطنية ودولية حول حقوق الإنسان والفضاء الرقمي ونظم الذكاء الاصطناعي، وإصدار تقارير ودارسات ونخص بالذكر تلك المتعلقة بحقوق الانسان وعلاقتها بالذكاء الاصطناعي ، وكذا الرصد والتتبع والترافع الدولي حول قضايا حقوق الإنسان في قلب دورة حياة النظم.

وذكر التقرير، أن معالم الوضعية الرقمية بالمغرب على ضوء تطور مجموعة من المؤشرات ذات الصلة تشير إلى بعض التحسن في البنى التحتية، إلا أنه يجب بذل المزيد من الجهود قصد تطويرها وتعزيزها للانخراط بقوة في مجال الذكاء الاصطناعي كفاعل وليس كمستهلك فقط.

كما لفت التقرير، إلى غياب استراتيجية خاصة بالذكاء الاصطناعي، ويعزى التراجع الملحوظ على مستوى مؤشر جاهزية الحكومات، كما تمت الإشارة سابقا إلى عدم التوفر رؤية واضحة ولا سيما استراتيجية خاصة بالذكاء الاصطناعي والتي تعتبر من أبرز المحددات التي تتصدر عملية تشخيص واقع الذكاء الاصطناعي بالمغرب، حيث تعتمدها المؤسسات في تصنيفاتها الدولية.

وفي هذا الصدد، نجد أن كل من تقرير المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي وكذا تقرير منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (UNESCO)، حيث أشاروا إلى ضرورة التوفر على استراتيجية تعنى بتطوير الذكاء الاصطناعي وفق نظرة تشاركية نظرا للطبيعة المركبة والمتشعبة للمجال والتي تطال جميع الميادين.

وشدد المصدر ذاته، أنه رغم المجهودات المبذولة وانفتاح المغرب الدائم وكذا انخراطه الفعال في العديد من المبادرات الدولية في مجال الذكاء الاصطناعي الصورة أسفله، حيث كان من السباقين بالتزام بتنفيذ توصية منظمة اليونسكو حول أخلاقيات الذكاء الاصطناعي وكذا مساهمته في دعم قرار الأمم المتحدة – الولايات المتحدة بشأن أنظمة الذكاء الاصطناعي الآمنة، والموثوقة لتعزيز التنمية المستدامة والمشاركة في أشغال التحضير لقمة العمل حول الذكاء الاصطناعي وكذا “Sommet pour l’action sur l’Intelligence Artificielle” المنظمة بفرنسا المشاركة في رئاسة مجموعة عمل “الذكاء الاصطناعي للمصلحة العامة. غير أن التصنيفات الدولية لا تعكس مدى انخراطه الدولي، حيث ترتكز في تقييمها على وجود استراتيجية للذكاء الاصطناعي.

وفي هذا الإطار، نذكر أن المغرب ورغم عدم توفره على استراتيجية خاصة بالذكاء الاصطناعي، فقد عرف حديثا إصدار استراتيجية “المغرب الرقمي لسنة 2030” والتي تعنى أساسا بالانتقال الرقمي والهادفة لجعل المغرب قطبا رقميا لتسريع التنمية الاجتماعية والاقتصادية للمملكة ويشكل الذكاء الاصطناعي رافعة عرضانية ومسرع لتنزيل الاستراتيجية.

وفي هذا الصدد، وقصد تفعيل الرؤية الشاملة للاستراتيجية، تمت بلورة وإطلاق بعض المبادرات الهامة لكن ولتطوير هذا المجال يجب تبني رؤية تشاركية واضحة تحدد الأولويات وتؤسس للانتقال من دور المستهلك إلى الفاعل المبادر ، فتناول الذكاء الاصطناعي يتجاوز فرضية اعتباره دعامة للانتقال الرقمي، بل يمكن التعامل معه كقطاع قائم بذاته نظرا لحجم الاستثمارات والتأثيرات الناجمة عنه.

وشدد التقرير، على أن الإطار التنظيمي والتشريعي يعد من أبرز محددات مسار تطوير مجال الذكاء الاصطناعي في الدول، حيث يهدف إلى تقنيين الممارسات والاستعمالات المرتبطة به، بما يضمن استفادة قصوى من أثاره ومنافعه وتقليل المخاطر الناجمة عنه.

وفي هذا الصدد، فالإطار التشريعي لا يقتصر فقط على قانون واحد مؤطر للمجال بل يهم منظومة شاملة تؤمن تبادل المعطيات تحمي المستهلك، تشجع على الابتكار، وتهتم بالحفاظ على السيادة الرقمية، لهذا فتطوير الذكاء الاصطناعي مرتبط بترسانة قانونية كبيرة خاصة وأن المجال بطبيعته الثورية فهو متجدد ويصعب مواكبته بإطار تشريعي واحد، فالزمن التشريعي لا يواكب وثيرة التطور التكنولوجي.

وفي هذا الإطار، بادر المغرب إلى وضع أسس منظومة رقمية شاملة تساهم في تطوير واستخدام هذه التكنولوجيا. كما وقعت بلادنا على العديد من الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالحقوق المدنية، وحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، ومحاربة الجرائم السيبرانية، والتزمت بتفعيل توصيات اليونسكو المتعلقة بأخلاقيات الذكاء الاصطناعي أول دولة افريقية وعربية تتخذ هذه المبادرة، وكذا قرار منظمة الأمم المتحدة الداعي إلى الاستخدام المامن والموثوق للذكاء الاصطناعي لأغراض التنمية المستدامة. ومع ذلك، فإن هذه الالتزامات الوطنية والدولية تواجه صعوبة في تجسيدها إلى إجراءات ملموسة، في ظل غياب آليات خاصة للحكامة والتقنين.

وبالنظر إلى القوانين التي يتوفر عليها المغرب، ذكر التقرير، أن الإطار التنظيمي يعد إيجابيا ويشكل قاعدة لتطوير الذكاء الاصطناعي، حيث تعتبر هذه القوانين على العموم مهمة ومتطورة في مجال الرقمي والتكنولوجيات الحديثة، مما يجعل المغرب على نفس مستوى بعض الدول المتقدمة نسبيا في هذا المجال وتطال هذه الترسانة القانونية عدة مجالات كحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي والأمن السيبيراني وحماية المستهلك وتنظيم التبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية كما أنها تشكل ركيزة لتأطير المجال مع ضرورة العمل على تحيينها بما تفرضه مستجدات وطبيعة الذكاء الاصطناعي .

ولاحظ التقرير، أن هذا الاهتمام يعكس الوعي الكبير بأهميته ودرجة الاستعداد لتبنيه كرافعة لتحسين جودة وفعالية خدمات القطاعات. إلا أنه يوجد تفاوت وتباين في مستوى نضج هذه التدابير بين قطاعات مدركة للفرص التي يتيحها تقنيات الذكاء الاصطناعي وتطور استعماله، وأخرى لازالت عالقة في عملية الرقمنة والتحضير لتطوير منصات من شأنها جمع البيانات.
كما أنه ورغم تنوع المبادرات فهي تتسم ببعض التشتت وغياب للإلتقائية 262 نتيجة تطوير كل قطاع رؤيته الخاصة على حدة على الرغم من وجود بعض الشراكات على مستوى بعض القطاعات إلا أنها تظل ضعيفة وهو ما يحول دون التوفر على رؤية وطنية شاملة ومتكاملة لتطوير هذا المجال. وبالنظر إلى التمويل المخصص لبعض البرامج الرامية تعزيز البحث العلمي في مجال الذكاء الاصطناعي، فهو كما سبق الذكر يظل ضعيفا بالمقارنة مع التمويلات التي ترصدها الدول المتقدمة.

تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

الجمعة 9 مايو 2025 - 22:44

حملة واسعة لتحرير الملك العمومي وتنظيم ميناء الحسيمة

الجمعة 9 مايو 2025 - 20:38

الاتحاد الإفريقي: الدعوة إلى تعزيز قدرات المؤسسات الوطنية الإفريقية لحقوق الإنسان

الجمعة 9 مايو 2025 - 20:31

أمير المؤمنين يهنئ البابا ليو الرابع عشر بمناسبة انتخابه لاعتلاء الكرسي البابوي

الجمعة 9 مايو 2025 - 19:15

فرنسيان من أصول مغربية يرتكبان حادثة سير مروعة بمراكش ويلوذان بالفرار

error: