جرى، الإثنين، تدشين المقر الجديد للقنصلية العامة للمملكة بمونبلييه، في خطوة تعكس التزاما متواصلا من أجل تقديم خدمة قنصلية حديثة، سهلة الولوج، ومتلائمة مع حاجيات أفراد الجالية المغربية المقيمة بهذه الجهة الواقعة جنوب فرنسا.
ويأتي تدشين هذا المقر الجديد، الذي يوفر ظروف استقبال مثالية ويسهل الولوج إلى خدماته، في إطار استراتيجية تحديث شبكة التمثيليات القنصلية الوطنية، الرامية إلى توفير خدمة عمومية ذات جودة، تستجيب لتطلعات المواطنين المقيمين بالخارج.
وتندرج هذه المبادرة في إطار التوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، الرامية الاستجابة لانتظارات مغاربة العالم، من خلال الحرص على ضمان قرب الإدارة من المواطن، وتحقيق النجاعة، مع تعزيز قيم الانفتاح والتشبث بالهوية الثقافية الوطنية.
وقد جرت مراسم التدشين بحضور سفيرة صاحب الجلالة بباريس، سميرة سيطايل، إلى جانب عدد من الشخصيات الفرنسية، من ضمنهم ممثلو السلطات المحلية، منتخبون، وأفراد من الجالية المغربية.
وفي تصريح صحفي، أكدت سيطايل أن المقر الجديد للقنصلية يشكل صرحا حديثا وعمليا وقريبا من المواطنين، يستجيب لمتطلبات الدينامية التي تشهدها العلاقات المغربية-الفرنسية.
وقالت: “نحن أمام أداة قنصلية عصرية وقريبة من المواطنين، صممت خصيصا لاستقبال نحو 200 ألف مغربي يقيمون بالجهة، وتعزيز الروابط الإنسانية والثقافية والاقتصادية مع فرنسا، بما يتماشى مع التوجيهات الملكية السامية”.
وأضافت أن القنصلية الجديدة، بما تتوفر عليه من مرافق حديثة، لا تشكل فقط فضاء إداريا، بل تعد كذلك نقطة تلاقي رمزية وإنسانية بين مغاربة العالم وبلدهم الأم.
وتغطي الدائرة القنصلية لمونبلييه ستة أقاليم بجنوب فرنسا، وهي هيرولت وغار وأرديش وأفيرون والبرينيه الشرقية وروديز، حيث يقيم ما يقارب 200 ألف من أفراد الجالية المغربية.
ويمتد المقر الجديد للقنصلية على مساحة تقدر بـ 850 متر مربع موزعة على ثلاثة طوابق، وهو مجهز بالكامل لاستقبال الأشخاص في وضعية إعاقة حركية. ويضم المقر حوالي عشرين مكتبا، قاعتين للاجتماعات، قاعات للأرشيف والاستقبال، وموقفا للسيارات.
وقد تم اقتناء المبنى في نونبر 2024، ليخضع بعدها لأشغال إعادة تهيئة كبرى، قصد ملاءمته مع المعايير المعتمدة في مجال جودة الاستقبال والأمن.
وشملت أشغال التهيئة إضافة لمسة معمارية مغربية على واجهة المبنى، وديكورا داخليا يعكس الهوية الثقافية الوطنية، مما أضفى على الفضاء طابعا عمليا ودافئا في آن واحد.
من جهتها، أكدت القنصل العام للمملكة بمونبلييه، سمية البحاميدي، في كلمة لها خلال حفل الافتتاح، أن هذه المنشأة تأتي في إطار رؤية صاحب الجلالة الملك محمد السادس، الهادفة إلى توطيد الروابط بين الجالية المغربية والوطن الأم، من خلال خدمات قنصلية عصرية، فعالة وقريبة من المواطنين.
وشددت القنصل العام على أن افتتاح هذا المقر الجديد يندرج أيضا ضمن الدينامية الجديدة التي تعرفها العلاقات المغربية-الفرنسية، والتي تعكس إرادة مشتركة وطموحا متجددا لإرساء تعاون مستقبلي يقوم على المسؤولية المشتركة، والحوار المنفتح، والشراكة المتكافئة بين بلدين صديقين وذي سيادة.
وأضافت أن هذا المقر الجديد “يعكس روح المغرب”، ويحمل في ملامحه “هوية المملكة الغنية والمتناغمة، باعتبارها ملتقى لحضارات عريقة، ومعارف متقاسمة، وفن راق”.
وتابعت قائلة: “لكن، فوق كل اعتبار جمالي، فإن هذا الفضاء هو أداة في خدمة مواطنينا، جسر بين الضفتين، ويد ممدودة لكل من يحمل في قلبه حب المغرب”.
وأعربت البحاميدي عن اعتزازها بالدور الذي يضطلع به الفاعلون في المجتمع المدني المغربي-الفرنسي بالجهة، الذين يمثلون، كل بطريقته، “سفراء لمغرب منفتح، تعددي ومتضامن، ويعملون كحلقة وصل بين البلدين”.
من جهتهم، رحب أفراد الجالية المغربية التابعة للدائرة القنصلية لمونبلييه بافتتاح هذا المقر الجديد، الذي يشكل رمزا للقرب والحداثة والإصغاء، مشيدين بفضاء عصري وعملي ومتاح للجميع، يعكس العناية المتواصلة التي يوليها جلالة الملك لمغاربة العالم، عبر توفير خدمات ذات جودة في بيئة ملائمة وودية.
وأعرب عدد منهم عن امتنانهم للجهود المبذولة لتحسين الاستقبال القنصلي، وتبسيط المساطر الإدارية، وتقريب الخدمات من متطلبات الحياة اليومية للمواطنين.
من جانبه، نوه حاكم إقليم هيرولت، فرانسوا كزافييه لوش، بمتانة الصداقة المغربية-الفرنسية، مؤكدا أنها “تنبض بالحياة وتتجدد باستمرار من خلال التبادلات المتواصلة والثقة المتبادلة بين مؤسسات البلدين”.
وقال: “نحن نمضي قدما جنبا إلى جنب. إنها صفحة جديدة تُكتب اليوم، أكثر قوة والتزاما، وتتطلع بثقة إلى المستقبل”، مشددا على أن هذا المقر القنصلي الجديد يشكل جسرا حيا بين الضفتين، ويوفر فضاء دافئا لاكتشاف مغرب حديث ومنفتح.
من جهته، أعرب عمدة مونبلييه، ميكائيل ديلافوس، الذي قام مؤخرا بزيارة إلى المغرب على رأس وفد هام من رجال الأعمال، عن إعجابه بالدينامية التنموية التي يشهدها المغرب والمشاريع المهيكلة التي تم إطلاقها، والتي تعكس “إرادة قوية لجعل المملكة مندمجة في نموذج تنموي مستدام”.
وأضاف أن المغرب، تحت قيادة جلالة الملك، يرسخ مكانته اليوم كفاعل رئيسي في مجالات استراتيجية، لاسيما الطاقات المتجددة والهيدروجين الأخضر، التي “تشكل مصدر إلهام لسياساتنا العمومية”.
كما أبرز الروابط العريقة والعميقة التي تجمع مدينة مونبلييه بالمغرب، والتي تعززها جالية مغربية-فرنسية كبيرة مندمجة بشكل تام في الحياة المحلية، مجددا التزامه بجعل مونبلييه فاعلا رئيسيا في هذه الشراكة المبنية على الاحترام المتبادل، والتكافؤ، والطموح المشترك نحو المستقبل.
واختتمت مراسم الافتتاح بلحظة ود ومشاطرة، جمعت الحضور على إيقاع النكهات المغربية وأنغام الموسيقى التقليدية.
تعليقات
0