أنوار بريس
الثلاثاء 13 مايو 2025 - 22:24 l عدد الزيارات : 4606
سفيان الداودي
في عالم يتسارع فيه إيقاع التغيير التكنولوجي والثقافي، تبرز الحاجة الملحة إلى تجديد الأساليب التربوية وتنويع الممارسات التنشيطية الموجهة للأطفال واليافعين. ومن بين الفاعلين البارزين في هذا المجال، حركة الطفولة الشعبية باعتبارها تجربة مغربية رائدة، بحيث نجحت منذ تأسيسها في ترسيخ تقاليد العمل الجمعوي التربوي المبني على القيم، المشاركة، والإبداع.
لقد واكبت الحركة عبر عقود تحولات المجتمع المغربي، وراكمت خبرات غنية في مجالات التأطير، التنشيط، والتكوين، مركزة على تطوير شخصية الطفل وتعزيز قدراته التعبيرية والفكرية. غير أن السياق الراهن، بما يحمله من تحديات رقمية وسوسيو-تربوية، يدعو إلى طرح سؤال التنشيط التربوي الذكي، الذي لا يقتصر على استعمال الوسائل الحديثة فقط، بل يتجاوزها إلى إعادة بناء فلسفة التنشيط على أسس تتماشى مع حاجيات الطفل المعاصر.
فالذكاء في التنشيط التربوي لا يعني مجرد توظيف الأدوات الرقمية أو إدخال الألعاب التفاعلية، بل يتمثل في القدرة على ابتكار سيناريوهات تربوية هادفة، مرنة، وجذابة، تُراعي اختلافات المتعلمين، وتربط بين المتعة والتعلم، وبين الهوية والانفتاح، وبين الثقافة الشعبية والمواطنة الرقمية.
وهنا يبرز دور المنشط كفاعل تربوي خلاق، يسعى إلى تفعيل ذكاء جماعي داخل الفضاء التربوي، ويُحسن الإنصات والتوجيه وبناء علاقات إيجابية مع الأطفال.
إن رهان التنشيط التربوي الذكي هو رهان على جودة المحتوى، وعمق الأثر، واستدامة التأثير، في زمن تتنافس فيه الوسائط الرقمية على انتباه الطفل وتشكيل وعيه.
وهذا ما يجعل من حركة الطفولة الشعبية، بما تمتلكه من مرجعية تربوية وتجربة ميدانية، فاعلاً مؤهلاً لقيادة هذا التحول، إذا ما أدمجت المقاربات الحديثة في رؤيتها ووسّعت آفاقها نحو شراكات مبتكرة وتكوينات نوعية.
في الختام، فإن طرح سؤال التنشيط التربوي الذكي اليوم ليس ترفاً فكرياً، بل ضرورة حيوية من أجل بناء جيل متوازن، فاعل، وواعٍ بتحديات عصره، وهذا ما يمكن أن يشكل محوراً لنهضة جديدة داخل حركة الطفولة الشعبية ومجمل الحقل التربوي الجمعوي بالمغرب.
كما أن مؤتمر وزان حول التربية الرقمية والاعلامية جاء منسجما مع منطلقات ومبادئ الحركة لجعلها ميدانا لتبادل النظريات والخبرات التي تجيب عن مواضيع واشكاليات مجتمعية ذات طبيعة راهنية ، وهذا ما يدعونا جميعا إلى الانخراط الجماعي بوعي ومسؤولية في مشروع فعل تنشيطي ذكي يتجاوب مع طموحات أطفال اليوم والغذ.
تعليقات
0