نحن في حاجة ماسة لحلبة سباق سياسي نظيفة

عبد السلام المساوي الأربعاء 14 مايو 2025 - 23:54 l عدد الزيارات : 8078

إن مؤسسات الجماعات الترابية ليست ملكا للمنتخبين الفاسدين ، كي يتم تركهم يعبثون ويهدمون تراكماتها ومساهمتها في البناء الديموقراطي ، لذلك فقد آن الأوان لتطبيق القانون وفق الصرامة المطلوبة ، لأن ما وصلنا إليه من اعترافات بالفساد والرشوة أمام العموم وتصوير ذلك ونشره بتقنية المباشر فاق كل التصورات ، وطموح المملكة ملكا وشعبا في مستقبل زاهر لا يمر حتما من الطريق التي يسلكها هؤلاء الفاسدون المبتزون، الذين يوجد مكانهم بالسجن ، وعندما يغادرونه مزبلة التاريخ وليس العودة إلى ممارسة المهام ومجالسة المنتخبين والمسؤولين في وزارة الداخلية ، جنبا الى جنب مع كل ما يحمله ذلك من معان سياسية كارثية ترسخ في أذهان المواطنين .
لقد تجاوزت التصريحات الخطيرة بالفساد والرشوة والنصب والاحتيال وجرائم المخدرات وغيرها كل الحدود خلال انعقاد الاجتماعات الرسمية والتداول في نقاط خلال جداول أعمال الدورات ، ما يتطلب تدخل النيابة العامة المختصة لإعادة الأمور إلى نصابها ، لأن المزايدات الانتخابوية لا تعني الفوضى وتشمل انتقاد تسيير الشأن العام المحلي ، مع تقديم ما يفيد بشأن كل اتهامات الفساد ، وليس تدمير وجه المؤسسات الرسمية بالتصريحات الخطيرة والدفع في اتجاه التطبيع مع الفساد داخل المجالس الجماعية وأثناء انتخاب المكاتب المسيرة والحملات الانتخابية .
ومع اقتراب الحملة الانتخابية ، يجب الحسم في شأن الملفات القضائية التي يتابع فيها أعضاء ورؤساء جماعات وبرلمانيون ، والوضوح بشأن عودة منتخبين إلى ممارسة مهامهم بشكل عادي ، بعد قضاء العقوبة السجنية ، وكأنهم كانوا في عطلة استجمام ، بينما الحقيقة هي تورطهم في جرائم خطيرة ، مثل التزوير في محررات رسمية والنصب والاحتيال وبيع أحكام قضائية والاتجار في المخدرات.
وعندما نتحدث عن الحاجة إلى تشريعات قانونية جديدة ، فإن الأمر ليس ترفا قانونيا ، وإنما يتعلق بمواكبة فعالة للتحولات السياسية المتسارعة ، ومحاصرة فيروس الفساد المتحور ، ومنع تزكية الفاسدين التي سبقت متابعتهم قضائيا وذوي السوابق العدلية ، وتوقيف الأعضاء الذين يغادرون السجن عن ممارسة مهامهم ، وضمان عدم عودتهم إلى التسيير .
يجب تقدير تبعات تمييع دورات المجالس الجماعية على المديين القريب والمتوسط ، وردع اختيار منتخبين وبرلمانيين ربط علاقات مع شبكات للتشهير والابتزاز على المنصات الاجتماعية ، وتطور الأمر سريعا لينتقل من مهاجمة الفرقاء السياسيين والصحافيين ، إلى مهاجمة مسؤولين كبار في الداخلية والتشهير بهم واقحامهم في تسريبات خطيرة ، دون اعتبار للمنصب وهيبة المؤسسات التي توجد على المحك .
وفي ظل السعي لتخليق الحياة السياسية بالمغرب ، أصبح من الضرورة تحرك السلطات المختصة استباقيا لمنع استغلال المال العام في الحملات الانتخابية ، مع الانتباه لتدبير كواليس التطاحنات الحزبية التي لا تحترم أدنى الأخلاقيات والتنافس الشريف بعيدا عن المساس بالسلم الاجتماعي ، وتدمير وجه المؤسسات العمومية ، وكسر ما تبقى من ثقة بين المواطن والمجالس المنتخبة .
لقد عادت الأحزاب إياها لعادتها القديمة في ركوب مآسي الأحياء الشعبية ، وتهييج الاحتجاج على سوء الخدمات وغياب المرافق الضرورية ، علما أن المجالس المعنية هي السبب في كل المشاكل لتورط رؤسائها في التشجيع على الفوضى والعشوائية ، حيث تلتحق جل القيادات الحزبية في كل مناسبة انتخابية بجوقة المحتجين على سوء الخدمات وترمي بالكرة في مرمى الدولة التي يلقي الكل بثقل فشله عليها ليخادع الرأي العام ويربح الأصوات والتهافت على سباق الأرقام الانتخابية وليس البرامج التنموية .
يجب العمل على ضمان تكافؤ الفرص في التنافس الانتخابي في المرحلة المقبلة ،ومحاربة الأموال السوداء في استمالة الناخبين ، بالشكل الذي يغري الشباب بالمشاركة السياسية ، واستقطاب الطاقات والكفاءات التي يمكنها إحداث الفارق في تجويد الخدمات العمومية بنكران للذات ، عوض إعادة تدوير العاهات السياسية بمبررات واهية ، وتجريب المجرب سابقا رغم ثبوت فشله وتورطه في قضايا الفساد .
إننا في حاجة ماسة لحلبة سباق سياسي نظيفة واحترافية ، بروح وطنية عالية وبرامج وأهداف واقعية ، وتنافس انتخابي خال من الضربات تحت الحزام واحترام المتنافسين ، واحترام القوانين التي تؤطر اللعبة السياسية في كل الأحوال ، والقبول بالخسارة والعودة لانتقاد الذات وترتيب البيت الداخلي ، وليس الخروج للبحث عن مشجب يعلق عليه الفشل ، والحديث عن كائنات غير مرئية تتحكم في الكواليس ، مع التزام الصمت عند الفوز بالمنصب وتذوق حلاوة السلطة .

تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

الأربعاء 14 مايو 2025 - 23:37

حجز طن و600 كيلوغراما من مخدر الشيرا بالصويرة

الأربعاء 14 مايو 2025 - 22:58

مركز الاستشراف الاقتصادي والاجتماعي يصدر ورقة تنفيذية ترسم ملامح قطب أطلسي إفريقي جديد بقيادة الرباط

الأربعاء 14 مايو 2025 - 21:20

رسائل جلالة الملك إلى الحجاج المغاربة .. توجيهات ودلالات عميقة

الأربعاء 14 مايو 2025 - 21:18

ارتفاع المنتوجات التجارية للصيد الساحلي والتقليدي

error: