أيوب السعود
مدينة سبتة، الثغر المغربي المحتل منذ قرون، لا تزال واحدة من النقاط الأكثر حساسية في العلاقات المغربية الإسبانية، ومسرحًا لتقاطع ملفات معقدة تتداخل فيها السياسة بالهجرة والأمن.
في السنوات الأخيرة، برزت سبتة كأحد المعابر التي يراهن عليها المهاجرون غير النظاميين، ليس فقط باعتبارها نقطة حدودية قريبة، بل بسبب ثغرة قانونية مرتبطة بسياسة اللجوء الإسبانية، جعلت من المدينة بوابة خلفية لدخول التراب الأوروبي.
وفقًا للإجراءات المعمول بها، يتم ترحيل أي طالب لجوء يتقدّم بملفه في سبتة إلى الأراضي الإسبانية (البر الرئيسي) قبل أن تُنظر السلطات في طلبه، سواء بالقبول أو بالرفض. هذا الإجراء، وإن كان يُقدَّم باعتباره التزامًا حقوقيًا من جانب الدولة الإسبانية، تحوّل فعليًا إلى وسيلة يتخذها المهاجرون كخطة بديلة لدخول إسبانيا، خصوصًا بعدما أصبح الوصول إلى أوروبا عبر الطرق التقليدية شبه مستحيل.
هذا الوضع خلق نوعًا من “الحيلة الواقعية”، حيث أصبح كثير من الشباب يرون في طلب اللجوء في سبتة فرصة لعبور البحر من دون قوارب ولا مهربين. فبمجرد تقديم الطلب، تُنقلهم الدولة الإسبانية خارج المدينة المحتلة، ليجدوا أنفسهم داخل حدود إسبانيا القارية، وهناك تبدأ رحلة جديدة من التفاوض على البقاء، حتى وإن تم رفض الطلب لاحقًا.
ما يُغفل في هذا المشهد هو أن هذه السياسات تُشجع بشكل غير مباشر على المغامرة، بل وتزيد من عدد محاولات الاقتحام والعبور الخطير، كما تُكرّس واقعًا شاذًا في مدينة تحتلها دولة أوروبية على أرض مغربية، وتُدار بسياسات لا تخدم لا المهاجرين ولا أهالي سبتة أنفسهم.
تعليقات
0