في خطوة تعكس الرؤية الاستراتيجية لجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، وانطلاقًا من عنايته الموصولـة بالعالم القروي والقطاع الفلاحي، تم الإعلان رسميا خلال المجلس الحكومي المنعقد اليوم الخميس ، عن تنفيذ ورش ملكي متكامل لإعادة تشكيل القطيع الوطني، بهدف حماية الثروة الحيوانية، وتحقيق الأمن الغذائي، وضمان استدامة النشاط الرعوي بعد سنوات من الإهمال والضغط المناخي الحاد.
ويأتي هذا الورش، الذي أكد جلالته على ضرورة إنجازه بكل مهنية ووفق معايير موضوعية، تتويجًا لتوجيهات سامية أعطاها جلالته مؤخرًا، بعد أن أظهرت المعطيات الميدانية هشاشة البنية الحيوانية الوطنية وتراجع العناية بالفلاحين ومربي الماشية، وهو ما فرض التدخل الملكي العاجل لتأمين مستقبل القطيع وضمان كرامة الأسر القروية المرتبطة به.
ويعتمد الورش على خمس محاور رئيسية، تم تصميمها بدقة لتُحقق الأثر المباشر والمستدام:
1. إعادة جدولة ديون مربي الماشية
إلغاء 50٪ من الديون التي تقل عن 100.000 درهم، ويستفيد منها أكثر من 75٪ من صغار المربين و إلغاء 25٪ من الديون التي تتراوح بين 100.000 و200.000 درهم كما ستتم إعادة جدولة باقي الديون مع إعفاء من فوائد التأخير وذلك لتحرير المربين من أعباء مالية خانقة تعيق استمرارهم في تربية الماشية.
2. دعم مباشر للأعلاف
تحديد ثمن الشعير في 1.5 درهم للكيلوغرام مع دعم الأعلاف المركبة لتصل إلى 2 دراهم للكيلوغرام.
كلفة هذا المحور تناهز 2.5 مليار درهم، ما يعكس إرادة قوية لضمان الأعلاف في ظل تقلبات السوق.
3. ترقيم إناث الماشية ومنع ذبحها
الشروع في ترقيم أزيد من 8 ملايين رأس من إناث الأغنام والماعز وصرف دعم مباشر بقيمة 400 درهم لكل أنثى تم ترقيمها ولم تُذبح، لضمان الحفاظ على رأس المال الحيوي للقطيع.
ويهدف هذا الإجراء إلى الحفاظ على الخصوبة والإنتاج وتفادي نضوب الإناث في الأسواق.
4. حملات علاجية ووقائية وطنية
علاج وقائي يشمل 17 مليون رأس من الماشية، لمواجهة الأمراض المرتبطة بتداعيات الجفاف.
كلفة الحملة تقدر بما بين 150 و200 مليون درهم، وهي سابقة في تاريخ الرعاية البيطرية للقطيع.
5. تأطير تقني وتحسين السلالات
خلق منصات للتلقيح الاصطناعي والمواكبة الميدانية، مع برامج للرفع من الإنتاجية وجودة السلالات.
الكلفة المرصودة تصل إلى 50 مليون درهم، وهي استثمار نوعي في البنية الوراثية للقطيع المغربي.
رؤية استشرافية بأفق 2026
سيبلغ الغلاف المالي لهذا الورش الملكي الطموح حوالي 3 مليارات درهم بنهاية سنة 2025، على أن يُستكمل خلال سنة 2026 بدعم إضافي قدره 3.2 مليار درهم مخصص للمربين الذين التزموا فعليًا بالحفاظ على إناث الماشية وتطبيق مقتضيات الورش.
هذه المقاربة متعددة الأبعاد تُعد منعطفًا حاسمًا في تدبير ملف الثروة الحيوانية بالمغرب، بعد سنوات من الارتباك والتقاعس، وتُكرّس إرادة ملكية سامية في إعادة الاعتبار للعالم القروي وضمان سيادة غذائية وطنية مستقرة ومستدامة.
تعليقات
0