بقلم_صابرين_المساوي
أمضى حزب العدالة والتنمية زمنا طويلا من التهريج الفرجوي في البرلمان ، وكان بنكيران يرد على من يلومونه على ” الحلقة ” التي كان يقدمها أنه ” يعرف كيف يخاطب الشعب ” ، وأن ” الشعب كيبغي هاكا ” .
واليوم انتبه الشعب كله للمقلب ، والجميع يطرح السؤال : كيف مرت علينا ونحن أهل النبوغ المغربي الشهير ؟
بنكيران يستبلد المغاربة ، يكذب عليهم ويعتبرهم بدون وعي ولا ذاكرة ؛ يشوه الحقائق ويؤول تاريخ الاتحاد الاشتراكي تأويلا سيئا ، تأويلا قذرا ؛ إنها عقدة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية التي ترقد تاريخيا في قوى الظلام والتخلف ، قوى المحافظة والمتاجرة بالدين والوطن …ترقد حينا وتستيقظ عند كل انتصار لحزب الوردة ، كما هو الحال اليوم مع بنكيران وهذيانه .
شيء واحد ليس من حق بنكيران ومريديه نسيانه أو تناسيه ، أنه وحينما كان الإتحاد يناضل في سنوات الجمر والرصاص ، كانوا هم يفضلون الإعتكاف في المنازل ، وقراءة الورد ليل نهار ، وأداء الصلاة خفية ، والتستر على كل العلاقات .. أيامها كانوا يقولون عن الاتحاد أنت حزب ملحد ومحاربتك نصرة لله تعالى !!!
حزب العدالة والتنمية حزب صنع في دهاليز الإدارة ، خصوصا إدارة الداخلية في عهد ادريس البصري ، صنع لمحاصرة الأحزاب الديموقراطية الحداثية ، من خلال التشكيك في مشاريعها وأطرها ، وإلصاق تهم الزندقة والكفر والالحاد بكل مناضل يساري ، ديموقراطي وحداثي …
في ظروف تاريخية عسيرة شجعت الدولة ” الإسلام السياسي ” في لبوسه الدعوي والحزبي ، ووفرت له شروط الاشتغال والانتشار بهدف مواجهة اليسار الديموقراطي واستغل الإسلاميون هذا التشجيع ” للتسرطن ” في المجتمع،وستتنبه الدولة إلى خطر هؤلاء مع أحداث الدار البيضاء المؤلمة في 16 ماي 2003 ; فتبين لها أنها تحصد ما زرعت .إن اليسار كان يؤطر الجماهير لتفجر حناجرها في التظاهرات الاحتجاجية ، أما الإسلاميون فيدجنون هذه الجماهير لتفجر أجسادها .
لقد تبين أن الاسلاميين تيار يسكن في المغرب لكنه يقيم روحيا في جغرافيا مفترضة هي إقامة الدولة الدينية في المغرب ، أي الطريق إلى أخونة العالم . وإذا كانت حركة التوحيد والإصلاح تقدم نفسها باعتبارها ثمرة اجتهادات الحركة الاسلامية المغربية ، ونتيجة التجاوب بين اجتهادات الاسلاميين المغاربة وإخوانهم في الشرق ، وبرغم ذلك فإنها تؤكد على ” مسافة تنظيمية من حركة الاخوان المسلمين ” ، وكذلك على مسافة من بعض اجتهادات هذه الحركة .
إذا ما دققنا النظر في هذا القول على ضوء تاريخ الكيانين وهيكلتهما التنظيمية ، وكذلك على ضوء تقييم فترة ممارستها للحكم من خلال حزب العدالة والتنمية في المغرب ( نونبر 2012 الى 2021 ) وحزب الحرية والعدالة في مصر ( يونيو 2012 الى الى يوليوز 2013 ) ، فسنجد أن هناك تماثلا بين الكيانين لا يخرج عن الإطار العام الذي رسمه حسن البنا مؤسس حركة الإخوان المسلمين في الثلث الأول من القرن العشرين .
إعتنق العدالة والتنمية ، منذ نيله الشرعية وانخراطه في العمل السياسي داخل المؤسسات بفضل الراحل عبد الكريم الخطيب ، وبفضل الراحل الآخر ادريس البصري ، شعار الجبهة الوطنية المتطرفة في فرنسا وشعار كل الشعبويين في العالم كله ” كلهم فاسدون ” أو ” Tous pourris ” وظل يقول لقواعده والمتعاطفين معه أن كل الأحزاب المغربية الأخرى مليئة بالمنافقين واللصوص والفاسدين والذين يملؤون بطونهم بمال الفقراء ، والذين لا يراعون الله ولا يريدون دخول الجنة أبدا ولا يكترثون بالشعب المغربي إطلاقا .
دخل الحزب معمعة العمل الحكومي والبرلماني ، وشرع في اكتشاف ملذات الحياة ، وفجأة وجد المغاربة أنفسهم أمام زعيمه بنكيران وهو يمتشق المعاش تلو المعاش ، ويرفض التخلي عن المناصب الدنيوية الزائلة ، أو التي كان يصفها بأنها زائلة ، ويجلس في الدار يراقب الفيسبوك ولايفاته ، ويطلق من خلاله رصاص الرحمة على نفسه أولا ، وعلى حزبه ثانيا ، وعلى العديد من الشعارات التي أمطر بها الناس هو ورفاقه ، أو لنقل إخوانه ، في الحزب سابقا على امتداد عديد السنوات.
تعليقات
0