احتضنت مدينة سلا، مساء الثلاثاء 27 ماي 2025، الجلسة الافتتاحية للمؤتمر العام لاتحاد الشبيبة الاشتراكية الديمقراطية بالعالم العربي، بحضور إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي ألقى كلمة افتتاحية قوية، طبعها البعد الوحدوي، والبعد الديبلوماسي، والقلق من التحديات الإقليمية والدولية المتسارعة.
وفي مستهل كلمته، رحب أدريس لشكر بحرارة بكافة الوفود المشاركة، معبرا عن اعتزاز الاتحاد الاشتراكي وشبيبته باستضافة هذا المؤتمر، الذي يندرج ضمن دينامية الحزب المتواصلة لتعزيز حضور الديبلوماسية الحزبية عربيا ودوليا، بما يعكس انخراط الاتحاد العميق في قضايا أمته وشعوبه.
وقد أكد القيادي الإتحادي أن احتضان المغرب لهذا اللقاء ليس مجرد محطة تنظيمية، بل هو امتداد طبيعي لمسار انطلق منذ سنوات، عندما احتضن المغرب ميلاد هذا التنظيم الشبيبي العربي بمبادرة من الاتحاد الاشتراكي وشبيبته، في لحظة كانت فيها الحاجة ماسة لتجميع الطاقات الشابة التقدمية في العالم العربي حول مشروع حداثي وديمقراطي مشترك.
ولم يفت الكاتب الأول لحزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية التذكير بالسياق الدولي الحرج الذي ينعقد فيه هذا المؤتمر، حيث تتسم المرحلة بسيادة اللايقين، وتسارع التحولات الجيوسياسية، والصعود المقلق لليمين المتطرف والشعبوية، وتنامي النزعات وحروب المصالح، وعودة التوترات المسلحة في أكثر من منطقة من العالم، في ظل بداية نهاية الأحادية القطبية وبروز قوى دولية صاعدة.
عربيا، عبر لشكر عن أسفه لاستمرار تصدع الصف العربي، وتواصل الحرب الإجرامية على الشعب الفلسطيني، في ظل عجز دولي أخلاقي وسياسي فاضح عن وقف هذه المجازر، مبرزا في الآن ذاته التهديد الذي يمثله تغلغل المشروعين العثماني والفارسي في المنطقة، إلى جانب استمرار التضييق على الحريات، والتراجع عن المكتسبات الديمقراطية في العديد من الأقطار العربية.
وإزاء هذه التحديات المتعددة، دعا لشكر الحركة الاشتراكية الديمقراطية العربية إلى الارتقاء إلى مستوى المرحلة، من خلال توحيد صفوفها، وعقلنة خطابها، والتخلي عن الشعبوية، والعمل على بناء مشروع مجتمعي تقدمي واقعي ومتماسك، يضع في صلب أولوياته تطلعات شعوب المنطقة نحو الحرية والكرامة والاستقرار والتنمية، وعلى رأس ذلك، دعم نضال الشعب الفلسطيني من أجل التحرر وبناء دولته المستقلة، بعيدا عن الشعارات التي كادت أن تُضيِّع القضية الفلسطينية خدمة لأجندات إقليمية، لولا ما تبقى من يقظة سياسية تعيق هذا المسار الانحداري.
وختم لشكر كلمته بتأكيد مبدئي لا يقبل التفاوض، مفاده أن أي عمل عربي مشترك، لا يمكن أن يُكتب له النجاح أو المصداقية، ما لم ينبن على الاحترام الصارم للوحدة الوطنية والترابية لجميع البلدان العربية، معتبرا ذلك شرطا أساسيا لبناء ثقة سياسية حقيقية، وفضاء تضامني فعال بين القوى التقدمية في المنطقة.
ويرتقب أن تتواصل أشغال المؤتمر العام خلال الأيام المقبلة عبر سلسلة من الورشات والجلسات الحوارية، التي ستناقش قضايا الشباب والديمقراطية، وقضايا التحرر، ودور الشبيبات الاشتراكية في بلورة مشروع عربي تقدمي بديل.
وشهدت الجلسة الافتتاحية حضور عدد من السفراء وأعضاء السلك الدبلوماسي العربي المعتمدين بالمغرب، إلى جانب رؤساء أحزاب اشتراكية ومجموعة من المثقفين والباحثين، الذين سيشاركون في مناقشة قضايا تهم الشباب، والوضع في فلسطين، والتحديات التي تواجه المنطقة العربية، بالإضافة إلى آفاق الاشتراكية الديمقراطية في السياق الراهن، كما يتضمن برنامج المؤتمر زيارات ميدانية للاطلاع على أبرز المنشآت الثقافية والعمرانية والبنيات التحتية التي تعكس دينامية التنمية بالمغرب، ثم سيقوم الوفد بزيارة لمقر البرلمان ولقاء مع أعضاء الفريق الاشتراكي، إضافة إلى زيارة ضريحي الملكين الراحلين محمد الخامس والحسن الثاني.
تعليقات
0