عبد الرحيم شهيد: ملتمس الرقابة لم يكن مؤامرة بل تمرين ديمقراطي اصطدم بتهرب البعض وسلوكيات “العدالة والتنمية”

أكد عبد الرحيم شهيد أن ملتمس الرقابة لإسقاط الحكومة، الذي تقدم به الفريق الاشتراكي، تبلور داخل أروقة الحزب بعد المصادقة عليه من قبل المجلس الوطني، الذي يضم كافة الاتحاديات والاتحاديين. وقد جاء هذا الملتمس في سياق وطني كان يتسم بغلاء المعيشة والعديد من الإضرابات التي شهدتها قطاعات اجتماعية حيوية كالتعليم والصحة، بالإضافة إلى قضايا شغلت بال الرأي العام، مثل استيراد الأبقار والأغنام.

وشدد عبد الرحيم شهيد، رئيس الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية بمجلس النواب، مساء الثلاثاء 28 ماي 2025، خلال حلوله ضيفًا على برنامج “نقطة إلى السطر” على القناة الأولى، على أن الحزب طرح ملتمس الرقابة في ذلك السياق لخلق جو من النقاش السياسي والتفاعل مع القضايا الأساسية المطروحة. إلا أن أحزاب المعارضة آنذاك تهربت من الانخراط في المبادرة وعبرت عن رفضها، خاصة حزب العدالة والتنمية، الذي اعتبر أمينه العام في أبريل 2024 أن الملتمس مؤامرة، رغم كل التوضيحات التي قدمها الفريق الاشتراكي بخصوص كون الخطوة تمرينًا ديمقراطيًا يهدف إلى إعطاء نفس جديد للحياة السياسية في ظل حالة اللاتوازن المؤسساتي وهيمنة التغول.

وأضاف شهيد أن الفريق الاشتراكي، انطلاقًا من إيمانه بأن كل آلية مؤسساتية من شأنها أن تساهم في خلق التوازن المؤسساتي، عبر بكل مسؤولية عن انخراطه في مبادرة تشكيل لجنة تقصي الحقائق حول دعم استيراد الأغنام، رغم الهجوم الذي تعرض له من قبل آلة الدعاية التي يطلقها حزب العدالة والتنمية، مشيرًا إلى أن الفريق النيابي الاتحادي جمع توقيعات كل أعضائه وأعلنها للرأي العام الوطني.

وفي تفاعله مع أسئلة المحاورين، كشف شهيد ما اعتبره كذبًا ومحاولة للهروب إلى الأمام من طرف أحد مكونات المعارضة، وبشكل واضح حزب العدالة والتنمية. فبعد أن طرح الفريق الاشتراكي مجددًا مبادرة ملتمس الرقابة داخل مجلس النواب لإسقاط الحكومة والتنسيق بشأنه لضمان نجاحه، حاول حزب العدالة والتنمية الركوب عليه مرة أخرى، موضحًا أن هذا الأخير اقترح من خلال مجموعته النيابية إجراء قرعة لاختيار الفريق الذي سيتقدم بالملتمس، دون أي احترام للتمثيل النسبي أو الأعراف البرلمانية، علمًا أن الاتحاد الاشتراكي هو أول حزب في المعارضة.

وشدد شهيد على أن الاجتماعات التي جمعت فرق ومجموعة المعارضة بشأن التنسيق حول ملتمس الرقابة، ركزت بشكل كبير على الشكليات وطرق الإخراج، بعيدًا عن جوهر ومضمون الأوراق المقدمة وروح المبادرة التي تقدم بها الفريق الاشتراكي.

كما أكد شهيد أن ما صرح به إدريس الأزمي، نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، بخصوص أن الفريق الاشتراكي تهرب من اجتماع كان مقررًا بين فرق المعارضة لمباشرة طرح الملتمس وقرر الانسحاب قبله، هو ادعاء كاذب لا أساس له من الصحة، ويشكل محض افتراء. وأوضح أنه لم يكن مبرمجًا عقد أي اجتماع بين مكونات المعارضة بتاتًا، وأنه تم عقد اجتماعين فقط، وظل الفريق الاشتراكي ينتظر رد باقي مكونات المعارضة، الشيء الذي لم يحصل، ومن ثم جاء القرار بوقف التنسيق والانسحاب.

وأشار شهيد إلى أن قرار الانسحاب ووقف التنسيق مع مكونات المعارضة بشأن ملتمس الرقابة، اتخذته القيادة السياسية لحزب الاتحاد الاشتراكي بعد اطلاعها على كل الحيثيات والظروف المحيطة بالمبادرة، وخاصة ما اعتبره عدم الجدية ومحاولة السطو على المبادرة من طرف حزب العدالة والتنمية.

ودحض عبد الرحيم شهيد ادعاءات إدريس الأزمي ومزاعمه بخصوص وجود “صفقة” أو “مقامرة” بمبادرة ملتمس الرقابة، مؤكدًا أن الحزب المعني “يكذب وسيظل يكذب حتى يصدق كذبه”، وأنه يعمد إلى نشر وترويج إشاعات وادعاءات لا أساس لها، تنهج أسلوبًا مفضوحًا لتبرير فشله في تدبير الشأن العام خلال عشر سنوات.

وفي سياق متصل، أكد شهيد أن حزب العدالة والتنمية وأمينه العام يعيش حالة إنكار، وأن الأزمة النفسية التي يمر بها الحزب مردها إلى الفشل الذي عرفه سنة 2016 وما ترتب عن “البلوكاج”، الذي كان بنكيران وحده السبب الأول فيه، مضيفًا أن الحزب لم يستوعب بعد أنه سنة 2021 أصبح في ذيل الترتيب السياسي ولم يعد يقود الحكومة.

وذكر شهيد أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية هو حزب تاريخي نابع من الحركة الوطنية، ناضل من أجل الديمقراطية والبناء الديمقراطي، ويتميز أعضاؤه بحرية التعبير عن آرائهم واختلافاتهم. وأوضح أن أغلبية قيادات الحزب كانت دائمًا ترفض التنسيق مع حزب العدالة والتنمية، وهو ما ظل موقفًا ثابتًا وواضحًا.

وشدد شهيد على أن حزب العدالة والتنمية سمح لنفسه بتبني خطاب شعبوي يقوم على الكذب والسب والشتم والتشهير، في سابقة من نوعها داخل النسق السياسي، حيث بلغ الخطاب الحزبي، خاصة من أمينه العام، درجات غير مسبوقة من الانحطاط والتدني واللا أخلاق واللا مسؤولية. وبلغ به الأمر إلى شتم المسؤولين ونعت المغاربة بأقبح العبارات، وحتى المسؤولين في الخارج لم يسلموا من هجماته.

وأكد شهيد أن المغاربة لم يعودوا يقبلون بأن يتبنى رئيس حكومة سابق هذا النوع من الخطاب المنحط، الذي يقوم على الكلام النابي وغير الأخلاقي، مشيرًا إلى أن بنكيران هو من قام بتحرير أسعار المحروقات سنة 2015، وهو ما جعل المغاربة يكتوون بغلاء الأسعار، ولم يتحدث أحد آنذاك عن وجود صفقة. كما أن حزب الحركة الشعبية، حينما صوت لصالح قانون الإضراب وهو في صفوف المعارضة، لم يتهمه أحد بوجود “هدية” أو “صفقة”، لأن المواقف تُبنى على القناعة، وليس على التبريرات المتهافتة.

وشدد شهيد على أن قرار الفريق الاشتراكي بتوقيف التنسيق والانسحاب من مبادرة ملتمس الرقابة، جاء نتيجة تحرك آلة الدعاية والكذب لترويج مزاعم لا أساس لها.

وفي الختام، ذكر شهيد أن الفريق الاشتراكي يمارس معارضة مسؤولة وبنّاءة ومؤسساتية، بعيدة عن الشعبوية، ويتجلى ذلك في عدد الأسئلة التي وجهها كآلية رقابية لمساءلة الحكومة حول قضايا أساسية، بالإضافة إلى المقترحات والمبادرات التي قدمها أعضاؤه طيلة هذه الولاية.

وخلص إلى أن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يعيش دينامية تنظيمية حقيقية، ويتقدم بنسق تصاعدي في قطاعاته المهنية والنسائية والشبيبية، وعبر فروعه في الجهات والأقاليم، مؤكدا أن الحزب يستعد لعقد مؤتمره الوطني الثاني عشر في أكتوبر المقبل بكل مسؤولية والتزام ودينامية، وأن كل اللجان تشتغل وتضع اللمسات النهائية على الأوراق التنظيمية والسياسية.