في اليوم الـ600 من الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة، أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أمام الكنيست أن الجيش الإسرائيلي اغتال محمد السنوار، القيادي البارز في حركة حماس وشقيق زعيمها في غزة، يحيى السنوار، في غارة جوية نُفذت في وقت سابق. ولم تؤكد حركة حماس بعد مقتل السنوار، فيما يتزايد الغموض حول مصير قيادة الحركة الميدانية.
هذا الإعلان يأتي في وقت يعيش فيه قطاع غزة على وقع مجازر متواصلة. فقد قُتل منذ فجر الأربعاء 16 فلسطينياً على الأقل، فيما ارتفع عدد الشهداء خلال اليومين الماضيين إلى أكثر من 66، معظمهم سقطوا جراء غارات استهدفت منازل وملاجئ ومواقع مدنية. ومع تجاوز حصيلة القتلى 54 ألف شخص، وارتفاع عدد المصابين إلى أكثر من 120 ألف، يزداد الوضع الإنساني سوءاً في ظل دمار شبه كلي للمقومات الحياتية.
تزامن ذلك مع فشل أول تجربة لتوزيع المساعدات وفق النظام الجديد الذي وضعته إسرائيل، عبر مؤسسة غامضة تُدعى “مؤسسة غزة الإنسانية”، بدعم أميركي، حيث تحولت عملية التوزيع في رفح إلى مأساة إنسانية خلّفت عشرات الجرحى، وشهيدًا على الأقل، في ظل تدافع آلاف الجائعين وفوضى عارمة أعقبتها طلقات نارية أطلقها جنود الاحتلال. وقد دانت الأمم المتحدة بشدة هذا النموذج من توزيع المساعدات، واعتبرت أنه يهدف إلى “صرف الأنظار عن الفظائع” المرتكبة في القطاع، بحسب ما صرّح به مدير مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، أجيت سونغهاي.
وصف المسؤول الأممي المشهد بأنه “مهين وغير آمن”، مؤكدًا إصابة 47 فلسطينيًا، معظمهم بنيران الجيش الإسرائيلي، في حين أفاد مستشفى ناصر بوصول عشرات الجرحى، بعضهم مصابون بالرصاص، ووجود حالات وفاة. رغم ذلك، أصرت القيادة الإسرائيلية على وصف ما حدث بـ”نجاح”، معتبرة الفوضى “فقدانًا مؤقتًا للسيطرة”، كما قال نتنياهو.
في المقابل، انتقد فيليب لازاريني، المفوض العام لوكالة الأونروا، التفويض الممنوح لمؤسسة غير خاضعة للأمم المتحدة، ووصفه بأنه “إهدار للموارد” ومحاولة للالتفاف على الدور الإنساني للمؤسسات الأممية، في وقتٍ تعاني فيه غزة من مجاعة تلوح في الأفق، ويفتقر السكان لأدنى مقومات الحياة، من ماء وغذاء وكهرباء ومأوى.
وفي الوقت الذي تتصاعد فيه المأساة، تواصل إسرائيل عملياتها العسكرية، وأعلنت قصفًا جديدًا استهدف مطار صنعاء في اليمن، زاعمة أنه استهدف طائرات تابعة لجماعة “أنصار الله”، في إشارة إلى اتساع دائرة التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب.
وعلى صعيد ميداني متصل، صادقت حكومة نتنياهو على بناء 22 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية، تزامنًا مع دعوات متزايدة من رؤساء مجالس استيطانية لضم الضفة بالكامل، في تحدٍ صارخ للتحذيرات الدولية. وفي غزة، يستمر الناس في النزوح دون أمل، تحت الخيام المهترئة وفي ظروف بالغة القسوة. تقول هبة جبر، وهي أم نازحة من مدينة غزة: “الموت بالقصف أرحم من إذلال الجوع، أن تعجز عن توفير الخبز والماء لأطفالك، هذه أقسى لحظة في حياة أم”.
في الداخل الإسرائيلي، تجددت الاحتجاجات ضد استمرار الحرب. فقد تجمّع المئات صباح الأربعاء في عدة مدن، خصوصًا في تل أبيب، مطالبين بهدنة تفضي إلى استعادة الرهائن المحتجزين في غزة. ورفع المتظاهرون لافتات تحمل الرقم 600، في إشارة إلى عدد أيام الحرب، وشارات صفراء ترمز للمختطفين، فيما حمّل بعضهم الحكومة مسؤولية الفشل في إعادتهم.
وتفيد تقديرات الجيش الإسرائيلي بأن 57 رهينة لا يزالون في قبضة حماس، بينما تأكد مقتل 34 منهم، في حين تشير أحدث المعطيات إلى أن عملية السابع من أكتوبر أدت إلى مقتل 1218 شخصاً في إسرائيل، معظمهم من المدنيين.
وسط هذا المشهد، تغيب أي مؤشرات على قرب التوصل إلى هدنة، رغم ضغوط أميركية متزايدة على الطرفين، ومساعٍ خلف الكواليس لدفع الطرفين إلى اتفاق مؤقت يوقف نزيف الدم ويفسح المجال أمام دخول المساعدات. لكن في غزة، الزمن ينفد بسرعة، والجوع أسرع من الحلول.
تعليقات
0