حميد الحدّاد
شهدت منطقة الجنوب الفرنسي تنظيم محفل مدرسي إقليمي متميز، شكل مناسبة للتلاقي الثقافي والانفتاح المجتمعي، بمشاركة واسعة من مؤسسات تعليمية وهيئات من المجتمع المدني، إلى جانب وفود تمثل مختلف الجاليات المقيمة بالمنطقة. وقد طبع الحدث، المنظم على مشارف نهاية الموسم الدراسي، أجواءً احتفالية تنوعت فقراتها، لكن الجالية المغربية كانت نجمها الأبرز، بفضل حضورها الفاعل وتنظيمها المحكم.
تميزت مشاركة المغاربة في هذا المحفل بلمسة ثقافية أصيلة، حيث حرص العديد من أولياء الأمور على تقديم أبنائهم بزي مغربي تقليدي، كالجلابة والقفطان، في مشهد عكس مدى تمسك الجالية بهويتها الوطنية واعتزازها بثقافتها الأم. كما تخللت الفعالية عروض بصرية تضمنت مقاطع سينمائية توثق لجمالية المدن المغربية وتنوعها الجغرافي والحضاري، مما أضفى على الحدث بُعداً بصرياً استثنائياً وتفاعلاً لافتاً من الحاضرين.
الاحتفاء بالمغرب لم يقتصر على الأزياء والصور، بل تَمَثّل أيضاً في الحضور القوي للفاعلين الجمعويين المغاربة، الذين واكبوا الحدث ونشطوا فقراته بتنظيم دقيق وروح جماعية عكست مدى التلاحم بين مكونات الجالية. وقد عبّر عدد من الحاضرين عن إعجابهم الشديد بالثقافة المغربية وبالطريقة التي قُدمت بها، معتبرين أن الجالية المغربية تمثل نموذجاً يُحتذى به في تأطير الأجيال الجديدة وربطها بجذورها.
وفي المقابل، لم تخلُ أروقة المحفل من ملاحظات صادرة عن بعض ممثلي جاليات أخرى، أبدوا فيها استياءً ضمنياً من الهيمنة الرمزية التي مارستها الجالية المغربية على الفضاء العام للفعالية، وهو ما فُسّر من قبل بعض المتابعين بكونه تعبيراً عن الغيرة الإيجابية أمام مستوى التنظيم والانضباط والثراء الثقافي الذي تميزت به المشاركة المغربية.
هذا المحفل شكل إذن مناسبة لإبراز الدور المتصاعد للجالية المغربية في فرنسا، ليس فقط على المستوى التربوي، بل أيضاً في ما يتعلق بالانخراط المجتمعي والحفاظ على الهوية. وهو ما يؤكد سعي هذه الجالية المتجذرة إلى ترسيخ حضورها الثقافي في المجتمعات المضيفة دون التفريط في عمق انتمائها للوطن الأم. فقد بدا جلياً، من خلال تفاعل الصغار قبل الكبار، أن المغرب حاضر في الوجدان، وأن الهوية ليست مجرد شعار، بل ممارسة يومية تتناقلها الأجيال بروح فخر وانتماء.
تعليقات
0