مجزرة المساعدات.. عشرات الشهداء باستهداف الاحتلال شبانا قرب رفح
ارتكب الاحتلال الإسرائيلي صباح اليوم الأحد مجزرة جديدة في قطاع غزة، حيث أفاد مراسل الجزيرة باستشهاد 30 فلسطينيا وإصابة 120 في استهداف إسرائيلي جديد طال مدنيين تجمعوا قرب مركز أميركي لتوزيع المساعدات غرب مدينة رفح، جنوب قطاع غزة، وفق ما أعلنه الدفاع المدني في القطاع. وأفاد المتحدث باسم الدفاع المدني، محمود بصل، أن الإصابات طالت فئات عمرية مختلفة، مشيراً إلى أن آلاف المواطنين كانوا قد توجهوا فجراً إلى نقطة المساعدات، عندما فتحت الآليات الإسرائيلية نيرانها تجاههم.
الاستهداف الذي وصفه شهود بأنه “مجزرة”، جاء في وقت تمنع فيه قوات الاحتلال وصول سيارات الإسعاف إلى الموقع، وسط نقص حاد في الإمكانيات الطبية والبشرية. وقال مدير الإسعاف في غزة لقناة الجزيرة إن قوات الاحتلال تتعمد استهداف سيارات الإسعاف، ما يجعل عملية انتشال الجرحى محفوفة بالمخاطر، مضيفاً أن بعض المصابين يظلون لأكثر من نصف ساعة في انتظار الإغاثة. وأشار إلى أن مراكز توزيع المساعدات تحولت إلى “مراكز إذلال” في ظل عجز المجتمع الدولي عن توفير الحد الأدنى من الحماية للمدنيين.
في ظل هذه الظروف المأساوية، لا تزال الأزمة الإنسانية تتفاقم على نحو غير مسبوق. الأمم المتحدة أكدت أن المساعدات المسموح بدخولها إلى القطاع لا تمثل سوى “قطرة في محيط”، فيما باتت مدن ومخيمات غزة ركاماً بفعل الحصار والدمار المستمر منذ أكثر من سبعة أشهر. ومع فتح معبر كرم أبو سالم بشكل محدود خلال الأسبوع الفائت، لم تنجح جهود الإغاثة في تلبية الحد الأدنى من الاحتياجات، بل تعرّضت بعض الشحنات الإنسانية للنهب، كما حصل الأربعاء في دير البلح حين اقتحم آلاف الفلسطينيين مستودعاً تابعاً لبرنامج الأغذية العالمي. وفي حادثة مماثلة، أُعلن عن نهب كميات كبيرة من المعدات الطبية والغذائية من مستشفى ميداني وسط القطاع.
على المستوى السياسي، سلّمت حركة “حماس” السبت ردها الرسمي على المقترح الأميركي المتعلق بوقف إطلاق النار، بعد وساطات متعددة، غير أن المبعوث الأميركي وصف الرد بأنه “غير مقبول على الإطلاق”، في مؤشر على تباعد كبير في المواقف. ورداً على ذلك، هدد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس الحركة بـ”القضاء الكامل” ما لم توافق على الصفقة وتُفرج عن الرهائن. في المقابل، أكّد مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو أن إسرائيل وافقت على “إطار عمل محدث”، متهماً حماس بـ”التمسك بالرفض”. وقد دوّت صفارات الإنذار مساء السبت في مناطق جنوب إسرائيل بعد إطلاق عدة قذائف من قطاع غزة، قالت السلطات إنها سقطت في مناطق غير مأهولة.
في سياق آخر، أعلنت إيران أنها تلقت عناصر من اقتراح أميركي بشأن اتفاق نووي محتمل، بحسب ما أفاد وزير الخارجية عباس عراقجي بعد جولات تفاوضية غير مباشرة بوساطة عمانية. إلا أن تقريراً سرياً للوكالة الدولية للطاقة الذرية كشف أن طهران سرعت بشكل لافت وتيرة تخصيب اليورانيوم بنسبة 60%، وهو مستوى يقترب كثيراً من العتبة اللازمة للاستخدام العسكري، في خطوة قد تعقّد المفاوضات قبيل اجتماع مرتقب لمجلس محافظي الوكالة في فيينا.
على الأرض، تواصل إسرائيل فرض عزلتها على التحركات العربية، إذ منعت دخول وفد وزاري عربي كان يعتزم زيارة الضفة الغربية يوم الأحد، معتبرة أن الهدف من الزيارة هو “الترويج لإقامة دولة فلسطينية”، وهو ما ترفضه الحكومة الإسرائيلية الحالية بشكل قاطع.
في دمشق، وفي تطور لافت في العلاقات الخليجية السورية، أكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان خلال زيارته للعاصمة السورية أن المملكة ستكون في مقدمة الداعمين لجهود إعادة إعمار سوريا وإنعاش اقتصادها، مشيراً إلى تنسيق سعودي قطري لتقديم دعم مالي مباشر للقطاع العام السوري، ما يعكس مؤشرات واضحة على انخراط أعمق للرياض في المسار العربي لإعادة دمج سوريا إقليمياً.
وسط هذا المشهد المتداخل من التصعيد العسكري في غزة، والتجاذبات السياسية حول المبادرات الدولية، والتوتر النووي المتصاعد مع إيران، يبدو أن الشرق الأوسط يدخل مرحلة أكثر احتداماً، في ظل غياب أفق واضح للحلول، وتضاؤل قدرة المبادرات الدبلوماسية على احتواء النزاعات المتعددة التي تتفاقم في أكثر من ساحة.
تعليقات
0