Ad Image

“مؤتمر النسوية” يختتم أشغاله في الرباط بالتشديد على ترسيخ التمكين الاقتصادي للنساء كرافعة للعدالة والمساواة

أحمد بيضي الأحد 1 يونيو 2025 - 14:41 l عدد الزيارات : 36031

أحمد بيضي

في سياق وطني ودولي يتسم بتفاقم الفوارق الاجتماعية وتزايد التحديات الاقتصادية التي تواجهها النساء، اختتمت الدورة الثانية من “مؤتمر النسوية”، بالرباط، والمنظمة من طرف “جمعية نشر الثقافة والمساواة”، تحت شعار: “العنف واللامساواة الاقتصادية: التعريف، الفهم، العمل”، وقد مثل هذا المؤتمر محطة فكرية ونضالية سنوية متميزة لتأطير النقاش حول وضعية المرأة المغربية، مركزا هذه السنة على التفاوتات الاقتصادية في سوق الشغل وسبل تحقيق التمكين الاقتصادي للمرأة كمدخل أساسي لتحقيق العدالة والمساواة.

انخرط المؤتمر، بمشاركة فاعلات وفاعلين من مختلف الحساسيات والتخصصات، في مقاربة متعددة الأبعاد تربط بين العنف الاقتصادي والتمييز البنيوي الذي يطال النساء، من خلال تحليل آليات التهميش الاقتصادي، سواء في المناطق القروية أو الحضرية، واستعراض العقبات البنيوية التي تعيق وصول النساء إلى الموارد والفرص، ولم يكتف المؤتمر بتشخيص واقع الإقصاء، بل تجاوز ذلك نحو اقتراح حلول عملية تهدف إلى تعزيز الاستقلالية المالية للنساء، ودعمهن للانخراط الفعلي والفاعل في الدورة الاقتصادية الوطنية.

وجاءت مخرجات المؤتمر في صيغة توصيات دقيقة وعملية، تؤسس لتصور متكامل لمحاربة العنف الاقتصادي وتحقيق التمكين، فقد دعت التوصيات إلى “بلورة استراتيجية وطنية شاملة تأخذ بعين الاعتبار النوع الاجتماعي، وترتكز على توفير الموارد المالية الكفيلة بترجمتها إلى برامج ملموسة”، كما شددت على “ضرورة الاعتراف بالعمل غير المهيكل والمنزلي وإدماجه ضمن السياسات العمومية، وتوفير البنيات التحتية الداعمة لتشغيل النساء، من حضانات ووسائل نقل آمنة وسكن لائق”.

ولم تغفل التوصيات مسألة “دعم المبادرات النسائية من خلال تخصيص جزء من الصفقات العمومية لهن، وتيسير ولوجهن إلى التمويل والعقار”، مع التركيز على نساء العالم القروي والمجالات الهشة، ومن بين المحاور المستعجلة التي أبرزها المؤتمر، “إنشاء شباك إداري موحد لفائدة النساء المقاولات”، و”تعزيز الحماية القانونية والاجتماعية للعاملات في القطاعات غير المهيكلة”، و”تمكين الجماعات الترابية من الوسائل الضرورية لدعم الاقتصاد المحلي النسائي”.

 كما أولى المؤتمر اهتماما خاصا ب “ضرورة تطوير نظام معلوماتي وطني لإنتاج معطيات مصنفة حسب النوع الاجتماعي، لتوجيه السياسات العمومية بشكل أكثر دقة وفعالية”، وشملت التوصيات أيضا الدعوة إلى “دعم الجمعيات النسائية والحركات الجديدة التي تقودها الشابات في المناطق المهمشة، باعتبارها ديناميات قادرة على تجديد الخطاب والممارسة النسوية في المغرب”، دون أن يفوت المنظمين التعبير عن أملهم في أن تشكل هذه الدورة رافعة فعلية لبلورة سياسات عمومية أكثر عدالة.

وقد فات لرئيسة جمعية نشر الثقافة والمساواة، عائشة الزعيمي الصخري، أن صرحت بما يفيد أن “اختيار موضوع الدورة الثانية لم يكن اعتباطيا، بل هو استجابة لحالة طوارئ اقتصادية واجتماعية تعاني منها النساء في المغرب”، مستدلة بتقرير المنتدى الاقتصادي العالمي لسنة 2024، الذي صنف المغرب في المرتبة 137 من أصل 146 دولة في مؤشر الفجوة بين الجنسين، معتبرة أن هذا التراجع يعكس استمرار ضعف تمثيلية النساء في سوق الشغل، وارتفاع معدلات البطالة بين الخريجات، خاصة في المدن.

وعرف برنامج المؤتمر تنظيم جلسات نقاش مفتوحة أبرزت القيود النظامية والقانونية والثقافية التي تحد من مشاركة النساء الاقتصادية، كما تم عرض مبادرات ناجحة في مجال التمكين الاقتصادي، ما سمح بتبادل الخبرات والتجارب بين المشاركات والمشاركين، وتشكيل صورة أوسع وأكثر دقة عن التحديات والفرص المتاحة، بينما تميزت الدورة بتنوع المشاركات من مختلف المشارب، في مشهد يعكس دينامية الحركة النسوية المعاصرة في المغرب، التي باتت تستقطب أجيالا جديدة من المناضلات والمؤمنين بقضايا الإنصاف والمساواة.

ويمثل مؤتمر النسوية، الذي أطلقته جمعية نشر ثقافة المساواة سنة 2023، منصة سنوية للنقاش المفتوح حول القضايا النسائية، حيث كانت النسخة الأولى قد نظمت تحت شعار: “ما هو الإصلاح الذي نريده اليوم في مدونة الأسرة؟”، وركزت على تحليل واقع المساواة القانونية وسبل تطوير مدونة الأسرة، فيما شكلت نسخة 2025، امتدادا لهذه الدينامية، من خلال ربط النضال من أجل العدالة القانونية بالنضال من أجل العدالة الاقتصادية، كمشروع تحرري شامل يسعى إلى بناء مجتمع عادل لا يقصي أحدا على أساس النوع أو الطبقة أو الجغرافيا.

وشددت المشاركات في المؤتمر على دعوة صناع القرار والمجتمع المدني إلى تلبية مخرجات هذا المؤتمر لأجل بناء مغرب أكثر مساواة وتوازنا على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، مع العمل على انخراط جماعي وفاعل من طرف جميع المتدخلين، من صناع القرار إلى المجتمع المدني، من أجل جعل التمكين الاقتصادي للمرأة أولوية وطنية تترجم إلى إجراءات ملموسة على أرض الواقع، في أفق تجاوز المعيقات البنيوية التي تعيق الاستقلالية الاقتصادية للمرأة، عبر مقاربات تشاركية تتأسس على الحوار وتعدد الزوايا.

تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

الثلاثاء 3 يونيو 2025 - 03:37

وفاة عبد الحق المريني الناطق الرسمي باسم القصر الملكي ومؤرخ المملكة…

الثلاثاء 3 يونيو 2025 - 03:23

اتحاد جزر القمر يجدد تأكيد دعمه الكامل للمبادرة المغربية للحكم الذاتي…

الثلاثاء 3 يونيو 2025 - 03:21

سيراليون تستنكر مغالطة حول الصحراء المغربية تضمنها تقرير مجلس الأمن إلى الجمعية العامة…

الإثنين 2 يونيو 2025 - 23:37

تراجع حالات الغش بامتحانات البكالوريا هذه السنة…

error: