تدفق أكثر من مليون حاج إلى مدينة مكة المكرمة إيذانا بانطلاق أول أيام مناسك الحج، يوم الأربعاء، وسط درجات حرارة مرتفعة وإجراءات صارمة لمواجهة ظاهرة الحجاج غير النظاميين، تجنبا لتكرار مأساة العام الماضي التي أودت بحياة أكثر من 1300 شخص. وسجّلت السلطات السعودية في موسم 2023 نحو 1301 وفاة بسبب الإجهاد الحراري، بعد أن وصلت الحرارة إلى 51.8 درجة مئوية، أما هذا العام، فقد تجاوزت درجات الحرارة 40 درجة، فيما بلغ عدد الحجاج القادمين إلى المملكة أكثر من 1.4 مليون حاج، بحسب الإحصاءات الرسمية.
وتنطلق مناسك الحج بأداء طواف القدوم في الحرم المكي، حيث يطوف الحجاج حول الكعبة سبع مرات، ويرتدي الحجاج ملابس الإحرام البيضاء، والتي تعكس روح المساواة والتجرد، إذ يلبس الرجال قطعتين من القماش الأبيض غير المخيط، فيما ترتدي النساء عباءات بيضاء فضفاضة لا تظهر سوى الوجه واليدين، ويشترط على الحاج الدخول في حالة “الإحرام” الروحية قبل دخول مكة، وهي تتطلّب سلوكا خاصا يواكب قدسية الشعائر.
وعند وصولهم إلى منى، استقبل الحجاج بالحفاوة، حيث قُدمت لهم القهوة والتمر، في مشهد يعكس حسن التنظيم والاستقبال، وقالت ريم الشغري، وهي مواطنة سعودية تبلغ من العمر 35 عاما، وتؤدي الحج للمرة الأولى: “أنا سعيدة للغاية، إنه شعور رائع”، ويعد وصول الحجاج إلى منى تمهيدا للانتقال لاحقا إلى صعيد عرفات، حيث يبلغ الحج ذروته.
وفي مواجهة التحديات المناخية، كثفت السلطات السعودية جهودها هذا العام بتجنيد أكثر من 250 ألف موظف، وتنسيق العمل بين أكثر من 40 جهة حكومية، وشملت الإجراءات الوقائية توسيع المساحات المظللة بـ50 ألف متر مربع، ونشر آلاف الفرق الطبية، إلى جانب توفير أكثر من 400 وحدة تبريد، كما جرى اعتماد ممرات مبردة للمشاة، بينها ممر بطول 4 كيلومترات يؤدي إلى جبل عرفات، وتعتمد المملكة أيضًا على تقنيات الذكاء الاصطناعي والطائرات المسيرة لرصد الحشود وتحليل البيانات في الوقت الفعلي، مما يُعزّز من كفاءة إدارة الحشود داخل مكة.
تعليقات
0