الشعبوية تهدد بموت ما تبقى من السياسة في المغرب

عبد السلام المساوي الجمعة 6 يونيو 2025 - 16:44 l عدد الزيارات : 18910

من أكثر ما يهدد بموت ما تبقى من السياسة بالمغرب ، الشعبوية القاتلة ودغدغة العواطف وتوزيع العهود المعسولة دون أدنى مؤشرات حول إمكانية تنزيلها على أرض الواقع ، وخداع الضمير الذي يمارسه جلنا بالصياح والعويل اليومي حول الوضع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي الذي نعيشه ، وبعدها نعود إلى منطقة الراحة والنوم ، وانتظار ذاك المنقذ الخارق الذي لن يأتي أبدا ليحل لنا مشاكلنا التي نتخبط فيها من فشل التربية والتعليم وانتشار البطالة والعنف والسرقة وتراجع نسبة الزواج، والتحولات المجتمعية المتسارعة التي أصبحنا نكتفي بمراقبتها ونقرأ اللطيف دون دعم والمشاركة في بناء استراتيجية واضحة لمواكبتها والتحكم نسبيا في حاضرنا ومستقبلنا .
إن مستوى الخطاب السياسي للأحزاب ، يمنح مؤشرات واضحة حول مدى قدرة الأخيرة على التأطير والاستقطاب وتشجيع الشباب على الانخراط في العملية السياسية ، لأنه بدون نجاح في التسليم الآمن للمشعل لجيل المستقبل ، لا يمكن تحقيق الاستقرار المنشود ولا تطوير العملية السياسية لتصبح منتجة وتساهم في التنمية ، عوض المسخ السياسي الذي نعيشه في حاضرنا ويريد البعض التغطية عليه بهرطقات ومبررات فارغة والنزول بالخطاب السياسي إلى الحضيض .
من أولى الأولويات في التحديات المطروحة الآن أمام المغاربة جميعهم في الداخل والخارج ، استثمار النجاح الديبلوماسي بقيادة الملك محمد السادس ، في نقل ملف الصحراء من مرحلة الدفاع إلى المبادرة ، والدفع في اتجاه إنهاء النزاع المفتعل في أقرب الآجال الممكنة ، بتنزيل قرار الولايات المتحدة الأمريكية فتح حوار جدي على أساس الحكم الذاتي كحل وحيد لملف الصحراء المفتعل تحت السيادة المغربية .
إن أغلب القيادات الحزبية التي لا تواكب رؤية المملكة لمغرب 2030 ، لا تصلح لشيء سوى فرملة التنمية وتضييع المزيد من الوقت بممارسة الشعبوية التي تعتبر من المهدئات الخطيرة وتشكل غشاوة أمام رؤية المشاكل الحقيقية ، حيث تستمر التراكمات دون حلول ، ويرتفع مع ذلك ضغط الملفات الاجتماعية الذي ينذر بالانفجار ، وهو الشيء الذي تخطط له أجندات خارجية باحترافية عالية وسياسة الفوضى المصطنعة التي تتم إدارتها عن بعد .
كل من تابع عن قرب المشاريع الملكية الكبرى ، التي انطلقت قبل سنوات طويلة ، لاحظ الهجوم الذي كانت تتعرض له من الداخل والخارج لضخامة التمويل والتشكيك في تحقيق الأهداف ، وعند جني الثمار الآن وما زال الخير في المستقبل ، الكل غير زاوية النظر لأن لغة الأرقام عصية على التكذيب ، فهل تستوعب بعض القيادات الحزبية أن استراتيجية الدولة لا تبنى على العواطف ولا على الانفعالات اللحظية ولا دغدغة المشاعر ولا الشعبوية القاتلة ، بل على الدراسة العلمية المتأنية للحاضر والمستقبل وامتلاك المعلومة الصحيحة ، لأن من يمتلك المعلومة يسهل عليه اتخاذ القرار الصائب ، وتكون زاوية النظر أمامه واسعة بالقدر الذي يعفيه من السقوط في مطب خدمة أجندات غيره سواء جهل ذلك أو علمه تبقى النتيجة واحدة ، والمملكة المغربية بقدر عملنا جميعا خلف الملك محمد السادس لتكون قوية داخليا في جميع المجالات بدون استثناء تكون قوة تأثيرها في القرارات الدولية ويرتفع وزن انتقادها أو دعمها أو معارضتها لهذه القرارات ، لأن كل شيء في الأخير يخضع لموازين القوى .
لسنا في حاجة إلى المزيد من هدر الزمن السياسي ، في الهرطقات الفارغة والانتصارات الكلامية والمعارك الوهمية مع بعضنا البعض ، بقدر ما نحن في أمس الحاجة إلى تخليق الحياة السياسية وفق الجدية المطلوبة ، ومساهمة الأحزاب السياسية كفاعل أساسي في الميدان في طرح الحلول التي يمكن توفير الشغل والتنمية والحد من الفقر والأمية وإنتاج سياسات عمومية تتسم بالنجاعة ، بدل إنتاج الكلام الساقط والسب والشتم والسعي إلى إشعال الفتنة بتقسيم المجتمع إلى فئات داعمة تنال الرضا ، وتلك المارقة التي تجب محاربتها والطعن في انتمائها ووطنيتها وغيرتها على قضايا الأمة .

تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

السبت 7 يونيو 2025 - 02:46

إدارة الدفاع تنفي اختراق أنظمة المحافظة العقارية…

الجمعة 6 يونيو 2025 - 21:55

بورصة الدار البيضاء تختتم أسبوع التداولات على التراجع.. قراءة في مؤشرات السوق وأداء الشركات

الجمعة 6 يونيو 2025 - 21:31

الدار البيضاء بين مطرقة الهدم وسندان التنمية: أي مدينة يريدون؟

الجمعة 6 يونيو 2025 - 20:17

جلالة الملك يتلقى برقيات تهنئة من قادة الدول العربية والإسلامية بمناسبة عيد الأضحى المبارك…

error: