أحمد بيضي
تزامنا مع الذكرى السنوية لهدم “حارة المغاربة” في القدس الشريف، أطلقت “مؤسسة باب المغاربة الدولية” حملة إعلامية واسعة النطاق، تحت شعار: “أهل المغرب في قلب القدس – حكاية الحارة وبشارة الطوفان”، وذلك خلال الفترة الممتدة من 9 إلى 15 يونيو 2025، بهدف تسليط الضوء على أحد أبرز معالم الوجود المغربي في فلسطين المحتلة، وإعادة الاعتبار إلى تاريخ هذه الحارة التي شكلت جزءً من الذاكرة الجماعية للمغاربة.
وتهدف هذه الحملة التاريخية إلى إحياء الذاكرة المغاربية في القدس، مقابل مواجهة محاولات طمس الهوية وتزييف التاريخ، حيث دعت “مؤسسة باب المغاربة الدولية” جميع المعنيين، من أفراد ومؤسسات، إلى الانخراط في الحملة عبر التسجيل في استمارة مخصصة تتيح لهم الحصول على المواد الرسمية للحملة، والتي تشمل تصاميم ووسائط مرئية ووسوم وتعليمات النشر، من خلال الرابط: https://forms.gle/9nkcsAPxqb2qidecA وسيتم تزويد المشاركين بملف متكامل عبر Google Drive يحتوي على جميع الوسائط اللازمة.
دون أن يفوت هذه المؤسسة التذكير بالموقع التاريخي ل “حارة المغاربة” التي كانت تعرف قديما بـ”القُبّة”، والمشيدة غرب المسجد الأقصى، وقد أنشأها الملك الأفضل علي بن صلاح الدين الأيوبي، ووقفها على المالكية، لتكون مقرا دائما للمغاربة الوافدين إلى القدس، لمشاركتهم في تحريرها ولما أبدوه من تعلّق بالمدينة، إذ بعد تحرير القدس على يد صلاح الدين، أوقف الملك الأفضل الأراضي والمساكن المحيطة بحائط البراق لطائفة المغاربة، سنة 589 هـ / 1193 م، إبان سلطانه على دمشق، ما جعل هذه الحارة تعرف باسم “حارة المغاربة”.
وشكلت هذه الحارة على مدى قرون، وفق المؤسسة، فضاء دينيا وثقافيا مزدهرا، إذ شهدت إنشاء المدرسة الأفضلية، التي وُقفت على فقهاء المذهب المالكي، إلى جانب المسجد العمري الواقع جنوب ساحة كنيسة القيامة، والذي بنيت منارته في القرن التاسع الهجري (1465م)، وفي منتصف القرن العشرين، تحولت هذه المدرسة إلى مقر سكني لفقراء المغاربة، ودُفن فيها أحد أعلامهم المعروفين باسم الشيخ عيد، غير أن الاحتلال الإسرائيلي دمر هذا المعلم بكامله بعد نكسة 1967.
ولم يفت المؤسسة المذكورة التذكير بإقدام جرافات الاحتلال على هدم “حارة المغاربة” بالكامل، بحجة كشف الرؤية إلى حائط البراق، فطالت الجرافات المدرسة والمساجد والزوايا والأبنية السكنية، في واحدة من أبشع عمليات محو المعالم الإسلامية والعربية في القدس، واليوم، تعود الذاكرة، وتعود معها أصوات المغاربة، لتؤكد أن “حارة المغاربة” ليست فقط جزءً من تاريخ القدس، بل شاهد حي على عمق الارتباط الروحي والتاريخي الذي يربط المغاربة بأولى القبلتين وثالث الحرمين.
تعليقات
0