ترامب يدفع بالجيش إلى شوارع لوس أنجليس وسط احتجاجات متصاعدة على ترحيل المهاجرين

أ.ف.ب / أنوار بريس الثلاثاء 10 يونيو 2025 - 08:14 l عدد الزيارات : 26496

أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية، يوم الاثنين، عزمها نشر 700 جندي من مشاة البحرية في مدينة لوس أنجليس بولاية كاليفورنيا، في إطار تعزيز الإجراءات الأمنية لحماية الممتلكات والمرافق الفدرالية، تزامنًا مع استمرار الاحتجاجات لليوم الرابع على التوالي ضد عمليات اعتقال وترحيل المهاجرين غير القانونيين. هذا التحرك العسكري، الذي جاء عقب إعلان آخر عن نشر ألفي عنصر إضافي من الحرس الوطني بأمر مباشر من الرئيس دونالد ترامب، أثار ردود فعل متباينة بين السلطة الفدرالية وحكومة الولاية، وفتح الباب أمام جدل دستوري وقانوني متجدد حول حدود الصلاحيات في الأزمات الداخلية.

الرئيس ترامب، الذي وصف الاحتجاجات بأنها “تهديد للأمن والنظام العام”، فعّل سلطته كقائد أعلى للقوات المسلحة لتعبئة وحدات من الحرس الوطني، رغم معارضة صريحة من حاكم الولاية غافين نيوسوم. في تصريحات لصحيفة نيويورك تايمز، اعتبر الأخير أن نشر القوات الفدرالية تم دون استشارة أو تنسيق مع سلطات كاليفورنيا، وهو ما يشكل، بحسبه، “تجاوزًا خطيرًا للصلاحيات الدستورية”، واصفًا الخطوة بـ”الاستفزازية” الهادفة إلى زرع مزيد من الخوف والانقسام في الشارع الأمريكي.

في القانون الأمريكي، تنظم العلاقة بين السلطات الفدرالية والولائية من خلال مجموعة من النصوص الدستورية والقوانين الفدرالية، أبرزها قانون الانتفاضة لعام 1807 (Insurrection Act)، الذي يتيح للرئيس استخدام القوات المسلحة داخل الولايات في حالات محددة، مثل التمرد المسلح أو عندما تعجز سلطات الولاية عن فرض النظام العام. إلا أن تطبيق هذا القانون يبقى محاطًا بشروط وإجراءات دقيقة، من بينها ضرورة تلقي طلب رسمي من سلطات الولاية، أو إثبات أن الوضع يتطلب تدخلًا فدراليًا استثنائيًا لحماية الحقوق الدستورية أو تنفيذ القوانين الفدرالية، وهو ما لم يتحقق، وفقًا لمسؤولين محليين في كاليفورنيا.

نيوسوم شدد في منشور على منصة X أن حكومته لم تطلب تدخلًا عسكريًا فدراليًا، مضيفًا أن الرئيس يسعى من خلال نشر أربعة آلاف جندي إلى “خلق الفوضى تحت غطاء الأمن”. الحاكم لوّح بإمكانية اللجوء إلى القضاء الفدرالي للطعن في القرار، معتمدًا على سابقة قانونية تقول بأن السلطة الفدرالية، رغم صلاحياتها الموسعة في مسائل الأمن القومي، لا يمكنها تجاهل سلطات الولايات في إدارة شؤونها الداخلية دون مبرر قانوني واضح.

في الأثناء، واصلت مدينة لوس أنجليس احتواء التوتر في الشوارع بعد ثلاثة أيام من الاشتباكات بين المتظاهرين وعناصر الشرطة، حيث سجل اليوم الرابع من الاحتجاجات نوعًا من التنظيم والانضباط النسبي، بحسب ما نقلته وسائل إعلام أمريكية. وتفيد المعطيات الأمنية بإلقاء القبض على عشرات الأشخاص منذ اندلاع الاحتجاجات مساء الجمعة، على خلفية الغضب الشعبي من اعتقالات جماعية نفذتها إدارة الهجرة والجمارك الفدرالية بحق أكثر من مائة مهاجر غير قانوني، ممن يواجهون الآن إجراءات الترحيل القسري.

المظاهرات، التي امتدت إلى مدن أخرى أبرزها سان فرانسيسكو، شهدت بدورها مواجهات واعتقالات طالت ما يزيد عن 150 متظاهرًا حتى مساء الأحد. وعلى الرغم من محاولة السلطات المحلية تأمين التظاهرات وتجنب التصعيد، فإن نشر مشاة البحرية ورفع عدد عناصر الحرس الوطني يعمق الانقسام السياسي بين البيت الأبيض والحكومات المحلية، ويطرح تساؤلات جديدة حول حدود التدخل الفدرالي في سياق تتقاطع فيه قضايا الأمن والهجرة وحقوق الإنسان.

ووسط هذه المعادلة المعقدة، تجد الولايات المتحدة نفسها أمام معضلة دستورية وسياسية متجددة، حيث تصطدم السلطة التنفيذية برغبتها في فرض النظام العام على المستوى الوطني، بحق الولايات في إدارة أزماتها وفق خصوصياتها ومقارباتها. ومع تزايد حدة الاحتجاجات، يبدو أن الجدل لن يكون فقط حول أعداد الجنود في الشوارع، بل حول طبيعة العلاقة بين الفدرالية والديمقراطية في قلب مؤسسات الحكم الأمريكي.

تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

الثلاثاء 10 يونيو 2025 - 23:05

نزع الملكية بين ظاهر القانون وباطن السلطوية يطرح لنا سؤال من يحكم الدار البيضاء فعلا؟

الثلاثاء 10 يونيو 2025 - 20:29

نارسا تفعل رصد مخالفات السير في الاتجاهين

الثلاثاء 10 يونيو 2025 - 20:12

طنجة المتوسط: انطلاق عملية “مرحبا 2025” لاستقبال المغاربة المقيمين بالخارج

الثلاثاء 10 يونيو 2025 - 20:08

انعقاد المؤتمر السابع لكبار ضباط الصف في الدول الأفريقية بالرباط

error: