قدم مركز الاستشراف الاقتصادي والاجتماعي سبع توصيات أساسية لضمان تحقيق المردودية المستدامة للملاعب المغربية بعد تنظيم كأس العالم 2030، وهي توصيات تتكامل فيما بينها، وتجمع بين البعد المؤسساتي، والبعد الاقتصادي، والبعد الترابي، وتسعى إلى تحويل هذه البنيات من مجرد منشآت رياضية إلى أقطاب تنموية نشطة ومندمجة.
ودعا المركز في ورقة تنفيذية أصدرها تحت عنوان “الرهان الأكبر بعد المونديال: مردودية الملاعب”، إلى إرساء إستراتيجية وطنية شاملة لما بعد المونديال، يتم إعدادها بتنسيق بين القطاعات الحكومية والهيئات الترابية والمجتمع المدني، وتُدمج في الرؤية التنموية الشاملة للبلاد، وتستند إلى أهداف واضحة، ومؤشرات قابلة للقياس، وتربط بين استدامة المرافق وتحقيق العدالة المجالية، وتعزيز الجاذبية الاقتصادية والثقافية للمدن التي تحتضن الملاعب.
وأكد على ضرورة إحداث شركات جهوية مختلطة لتدبير الملاعب الكبرى، تجمع بين القطاع العام والقطاع الخاص، وتمنح صلاحيات كاملة لتسيير الملاعب وفق عقود أهداف، مع إلزامها بتحقيق مردودية اقتصادية واجتماعية محددة، وتخضع لمراقبة مالية وإدارية مستقلة، مما يضمن حكامة فعالة وشفافة، ويحد من التدبير الموسمي والبيروقراطي الذي يفقد الملاعب طاقتها التشغيلية.
وأوصى المركز بربط الملاعب بمنظومات حضرية متكاملة، عبر تحسين البنية التحتية المحيطة بها، وتوفير وسائل النقل العمومي، والمواقف، والفضاءات الخضراء، والمرافق التجارية والخدماتية، مما يُعزز من اندماجها في النسيج العمراني، ويجعلها قطبًا جاذبًا للسكان والزوار، ويمكّن من خلق دينامية اقتصادية مستمرة تمتد إلى محيطها.
وشدد المركز على ضرورة تأهيل الفرق الوطنية الكبرى وضمان استقرارها في الملاعب المونديالية، مع توفير الشروط اللوجستيكية والتنظيمية التي تسمح لها بتحقيق نتائج رياضية ومردودية جماهيرية، وتشجيع الأندية على الانخراط في مشاريع الاستثمار في البنية التحتية، والتسويق الرياضي، وتطوير تجربة المشجعين، بما يخلق حركة منتظمة داخل الملاعب ويمنحها شرعية جماهيرية حقيقية.
ودعا إلى استغلال الملاعب كفضاءات متعددة الوظائف، من خلال فتحها أمام تنظيم فعاليات ثقافية، وفنية، وتجارية، ومجتمعية، على مدار السنة، مع تنويع البرامج لتشمل كل فئات المجتمع، وتخصيص صيغ للاستعمال من قبل المدارس، والجامعات، والفاعلين المدنيين، مما يُكرّس صورة الملاعب كملك عمومي مشترك ومجال منفتح على الجميع.
وأكد المركز على ضرورة اعتماد خطة تسويقية وطنية ودولية للملاعب المغربية، تشمل بناء هوية بصرية وتجارية لكل ملعب، وتسويقها عبر المنصات الرقمية، وشبكات التواصل، والإعلام الرياضي العالمي، مع التركيز على بيع حقوق التسمية، وعقود الإشهار، وتنظيم تظاهرات دولية، مما يدر مداخيل مستمرة، ويُعزز من صورة المغرب كوجهة رياضية وثقافية.
وخلص إلى ضرورة، الاستثمار في التكوين وبناء كفاءات بشرية متخصصة في تدبير المنشآت الرياضية، من خلال شراكات مع الجامعات، والمدارس العليا، والاتحادات الدولية، مع خلق برامج مهنية لتأهيل المسيرين، والمراقبين، والمروجين، والمسؤولين التقنيين، لأن نجاح أي مشروع استثماري مرتبط بالكفاءة البشرية التي تديره، وتضمن تطوره وتكيّفه مع المتغيرات.
تعليقات
0