حينما يتقدم الفريق الاشتراكي/ المعارضة الاتحادية بمجلس النواب بمقترح قانون لتعديل الفصل 40 من القانون رقم 7.81 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة، فهو لا يفعل ذلك من موقع المزيدات السياسية أو من باب تسجيل المواقف، بل من منطلق الدفاع المبدئي عن كرامة المواطن وحقه المشروع في التملك، الذي يقره الدستور وتؤكده كل التشريعات المدنية والإنسانية.
لقد أثبتت الممارسة أن الفصل 40، في صيغته الحالية، يفتح ثغرات واسعة لاستغلال غير مشروع لسلطة نزع الملكية. ففي كثير من الحالات، وبعد أن ينتزع العقار من مالكه الأصلي بدعوى المنفعة العامة، يترك المشروع الموعود في رفوف النسيان، ويعرض العقار للبيع في المزاد العلني، في مشهد لا يخلو من شبهة تحويل مبدأ المنفعة العامة إلى غطاء قانوني لممارسات تفتقد للعدالة والشفافية، وتخالف روح الدستور وأحكامه الصريحة.
إن مقترح تعديل الفصل 40 الذي قدمه الفريق الاشتراكي لا يسعى إلى تقويض صلاحيات الدولة في تخطيط وتنفيذ مشاريعها التنموية، بل يهدف إلى إقامة توازن معقول بين حق الدولة في خدمة الصالح العام، وحق المواطن في حماية ممتلكاته من التغول الإداري.
فالتعديل المقترح ينص صراحة على أنه لا يجوز لنازع الملكية التصرف في العقار المنتزع بالبيع إلا بعد مرور خمس سنوات، ويمنح في المقابل للمالك السابق حق استرجاع عقاره بنفس الثمن الذي انتزع به، خلال نفس المدة، بشرط الأداء خلال سنة كاملة، وليس 20 يوماً كما هو معمول به حالياً، في خطوة لتوسيع إمكانية الاسترجاع وجعلها واقعية ومنصفة.
ما يطرحه الفريق الاشتراكي ليس أمرا نظريا أو مزايدة سياسوية، بل هو تعبير صادق عن معاناة واقعية لآلاف الأسر المغربية التي وجدت نفسها فجأة وقد فقدت ممتلكاتها، دون أن يتحقق المشروع الموعود، ودون أن تتمكن من استرداد عقاراتها بسبب آجال قصيرة أو شروط مجحفة أو تواطؤات خفية أحياناً.
إننا في حزب الاتحاد الاشتراكي، ووفاء لتاريخنا الطويل في الدفاع عن حقوق المواطنات والمواطنين، نعتبر أن هذا المقترح التشريعي يعيد الاعتبار لمبدأ الإنصاف ويردع أي استعمال تعسفي لمقتضيات نزع الملكية. بل إنه يضع حداً لعبثية «السمسرة العمومية» التي تحول العقارات المنتزعة إلى غنائم في سوق التربصات العقارية، بدل أن تكون أدوات لتحقيق التنمية.
فالملكية ليست فقط حقاً مدنيا؛ إنها امتداد للكرامة، ومصدر أمان اجتماعي، ووسيلة للعيش الكريم. وكل قانون يمس هذا الحق يجب أن يكون متوازنا، شفافا، ومتجردا من منطق الهيمنة الإدارية أو الجشع العقاري.
إننا ندعو كل الفرقاء في المؤسسة التشريعية إلى التعاطي مع مقترح الفريق الاشتراكي بروح المسؤولية الوطنية، بعيداً عن الحسابات الحزبية الضيقة، لأن الأمر يتعلق بمسألة تمس حياة الناس واستقرارهم وأمنهم القانوني والاقتصادي. وليكن هذا التعديل خطوة أولى نحو ورش أكبر لإصلاح شامل لمنظومة نزع الملكية، يضع المواطن في صلب الاعتبار، ويحفظ للدولة هيبتها وشرعيتها، دون أن يتحول القانون إلى سلاح يُشهر ضد الضعفاء.
الاتحاد الاشتراكي، كما كان دائماً، صوت المواطنين وضمير العدالة الاجتماعية.
من أجل عدالة عقارية توازن بين حقوق المواطنين والمصلحة العامة

تعليقات
0