لم تنعقد جلسة الأسئلة الشفوية ليوم الاثنين 9 يونيو 2025 كما ينص على ذلك الفصل 100 من الدستور المغربي، دون صدور أي بلاغ رسمي أو إعلان عن الجهة المعنية بهذا الإجراء، سواء أكانت رئاسة مجلس النواب أم مكتبه أم ندوة الرؤساء، وهي الهيئات المخوّل لها التداول واتخاذ القرار في شأن الجلسات الأسبوعية، احترامًا لاختصاصات المؤسسات الدستورية.
وقعت هذه السابقة إثر خطوة غير معهودة، بعد أن أعلنت رئاسة الحكومة، عبر بلاغ صحفي، عن تعطيل العمل بالإدارات العمومية والجماعات الترابية يوم الاثنين 9 يونيو 2025، أي اليوم الموالي لعطلة عيد الأضحى المبارك، وذلك بالاستناد إلى مقتضيات المادة الثالثة من المرسوم رقم 2.05.916 الصادر بتاريخ 20 يوليوز 2005، كما تم تغييره وتتميمه لاحقًا.
ورغم أن هذا القرار يدخل في إطار صلاحيات رئيس الحكومة التنظيمية، المنصوص عليها في الفصل 90 من الدستور، فإن ما أثاره من جدل يتجاوز مجرد تعليق إداري، ليطرح أسئلة حقيقية حول مدى احترام مبدأ فصل السلط.
فالاثنين هو يوم انعقاد الجلسة الأسبوعية المخصصة للأسئلة الشفوية بمجلس النواب، طبقًا للفصل 100 من الدستور الذي يُلزم بعقد جلسة أسبوعية مخصصة لمراقبة الحكومة، والمادة 275 من النظام الداخلي لمجلس النواب التي تنص على تخصيص جلسة يوم الاثنين لهذا الغرض.
كما أن المادة 155 من النظام الداخلي للمجلس تؤكد أن الجلسات العامة تُعقد في أيام العمل، والمقصود هنا الأيام الأسبوعية العادية، لا تلك التي تُعطل فيها الإدارة العمومية برخص استثنائية صادرة عن السلطة التنفيذية. ذلك أن البرلمان ليس إدارة عمومية تخضع لأوامر رئيس الحكومة، بل هو سلطة تشريعية مستقلة تتمتع بسيادة تنظيمية داخلية، كما ينص على ذلك الدستور والنظام الداخلي الذي يُعد بمثابة قانون تنظيمي.
والأخطر من كل ذلك، أن لا رئيس مجلس النواب ولا مكتبه أعلن للرأي العام أو للنواب عن مآل الجلسة الأسبوعية، في خرق صارخ للدستور وللقواعد المنظمة للعمل البرلماني. وكأن القرار الإداري للحكومة جرّ وراءه المؤسسة التشريعية، وأدخلها في حالة «عطلة قسرية» دون أي أساس قانوني أو تداول مؤسساتي.
ما جرى ليس مجرد سهو في برمجة، بل هو مؤشر على تعاطٍ مقلق مع مبدأ فصل السلط، وتطبيع خطير مع تعطيل عمل مؤسسة دستورية من دون سند قانوني أو حتى توضيح سياسي. والمؤسف أن مجلس النواب، بكافة مكوناته، لم يلتقط خطورة الموقف، ولم يبادر إلى توضيح رسمي أو بلورة موقف يليق بكرامة المؤسسة التشريعية.
فهل نحن أمام سابقة تؤسس لعرف جديد يُسمح فيه بتعطيل البرلمان ببلاغ إداري؟
وهل أصبحت الرخص الاستثنائية الصادرة عن رئيس الحكومة تُعلّق مقتضيات الفصل 100 من الدستور؟
ثم ما موقع استقلال السلطة التشريعية إذا كانت جلساتها تُلغى دون قرار من داخلها؟
أسئلة ثقيلة الوطء، لا تحجب حقيقة واحدة: لقد جرى فعلاً تعطيل غير معلن لعمل البرلمان، وخرقٌ واضح لمبدأ دستوري جوهري اسمه فصل السلط.
تعطيل البرلمان ببلاغ إداري..!

تعليقات
0