لاكازابلانكيز حينما تصرف الملايين ويُغَيب المنطق.

جواد رسام الجمعة 13 يونيو 2025 - 13:36 l عدد الزيارات : 30341

بعد سنوات من الإهمال والركود، عادت المعلمة الرياضية “لاكازابلانكيز” لتفتح أبوابها من جديد في وجه الرياضيين ، بعد أن صرفت عليها مبالغ ضخمة ، في إطار مشروع إعادة التأهيل ، و الذي سلم في الاخير للشركة الوطنية لإنجاز وتدبير المنشآت الرياضية “سونارجيس”، بتكليف من السلطات الجهوية.

هذه المعلمة، التي رصدت لها اعتمادات مالية مهمة لإعادة تهيئتها، كانت تحتاج فعلا إلى نفس جديد يعيد لها قيمتها.
لكن المؤسف أن هذا النفس سرعان ما يتهدده الاختناق، بعدما تم الإعلان عن تنظيم مهرجان موسيقي أول من نوعه على أرضها، وسط تساؤلات مشروعة حول جدوى الفكرة، ومصداقية القرار، ومنطقية اختيار المكان.فكيف يعقل أن تقام تظاهرة موسيقية كبرى داخل منشأة رياضية حديثة، وعلى مضمار جري مطاطي صرفت عليه ميزانية ضخمة ، وقد يتعرض لأضرار كبيرة بعد أيام المهرجان؟
وهل تم فعلا استشارة الخبراء والتقنيين المتخصصين في هذا النوع من المضامير؟ أم أن القرارات تتخذ بمنطق الارتجال والتهور؟
فمن هي الجهة او من هو صاحب فكرة إقامة مهرجان موسيقي وسط منشأة رياضية؟ هل تم تقييم الأثر المحتمل على البنية التحتية؟
ما هي ميزانية هذا المهرجان؟ ومن أين تم تحويلها؟ أين مستشارو الجماعة والمقاطعة من كل هذه القرارات؟ هذه كلها أسئلة مشروعة في ظل غياب لإجابات شافية.

إننا أمام نوع من العبث المالي والإداري الذي يغيب مبادئ الحكامة والمحاسبة.
فالأموال التي صرفت على تهيئة المركب، ثم تلك التي ستصرف على تنظيم مهرجان دون رؤية واضحة أو خلفية استراتيجية، هي أموال دافعي الضرائب. ومن حق المواطنين أن يتساءلوا عن مآل هذه الأموال، وعن جدوى صرفها في أنشطة موسمية، غير دائمة الأثر ولا ذات صلة بحاجيات المدينة التنموية.

صحيح أن شركة سونارجيس تضطلع بتدبير وصيانة المنشآت الرياضية الكبرى، لكن ذلك لا يعني أنها مسؤولة عن نوعية الأنشطة التي تحتضنها هذه المنشآت، بل إن مهامها تبقى تقنية وتدبيرية، خاضعة لوصاية الوزارة الوصية.
أما على مستوى البرمجة، فهنا تدخل شركات التنمية المحلية، وعلى رأسها شركة الدار البيضاء للتنشيط والتظاهرات، وهي شركة تمول بشكل شبه كامل من ميزانية مجلس المدينة، وتمنح اعتمادات ضخمة لتنظيم تظاهرات يسجل حولها الكثير من التحفظات، سواء من حيث الهوية، أو الأثر، أو الرؤية.

فما الفائدة من تمويل شركة تنمية بـملايين الدراهم، إن كانت مشاريعها منفصلة عن الواقع المحلي، ولا تستند إلى خريطة طريق واضحة، ولا تتقاطع مع أولويات التنمية المجالية أو انتظارات المواطنين؟

إن ما يقع اليوم هو نتيجة مباشرة لغياب التنسيق، وتهميش المنتخبين المحليين، وإقصاء الكفاءات من دوائر القرار.
فبدل أن تصرف الميزانيات على البنيات التحتية المستدامة، أو دعم البرامج التربوية والثقافية الجادة، تهدر في أنشطة لحظية قد تنتهي بإتلاف ما بني بشق الأنفس.

وعليه، أصبح من الضروري إعادة النظر في آليات تدبير المال العام، وفي مهام شركات التنمية، وفي الأدوار الحقيقية للمؤسسات المفوض لها التسيير. كما وجب فتح نقاش عمومي صريح حول المشاريع الكبرى التي تقام فوق تراب المدينة، وإشراك المنتخبين والمجتمع المدني فيها، باعتبارهم شركاء في القرار، لا متفرجين على مآلاته.

تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

السبت 14 يونيو 2025 - 08:43

أبرز عناوين الصحف اليومية الصادرة اليوم السبت 14 يونيو

السبت 14 يونيو 2025 - 08:10

إليكم آخر تطورات التصعيد العسكري الغير مسبوق بين إيران وإسرائيل

السبت 14 يونيو 2025 - 07:28

طقس يومه السبت: أجواء حارة وزخات رعدية مرتقبة بعدد من المناطق

السبت 14 يونيو 2025 - 07:06

يهم المغاربة:ضريبـتا السكن والخدمات في عهدة المديرية العامة للضرائب .. إليكم تفاصيل الوضع الجديد

error: