الجنس مقابل اللجوء.. فضيحة تهز الشرطة الإسبانية وتستهدف مهاجرين في وضع هش

أيوب السعود

انفجرت في الأيام الأخيرة فضيحة أخلاقية مدوية داخل جهاز الشرطة الإسباني، بعد الكشف عن تورط أحد ضباط الأمن في استغلال مهاجرين غير نظاميين مقابل تقديم تسهيلات في إجراءات اللجوء وتسوية الوضعية القانونية. الفضيحة التي تفجرت تفاصيلها تباعًا في وسائل الإعلام الإسبانية أثارت موجة من الغضب والاستنكار، لا سيما في أوساط المنظمات الحقوقية المعنية بحماية الطفولة والمهاجرين.

الشرطي المعني، والذي كان يشتغل بمفوضية الهجرة والحدود العامة، استغل موقعه الحساس للوصول إلى مهاجرين شباب من أصول مغاربية يقيمون في مراكز الإيواء بمدينة سبتة وجزر الكناري. وكشفت التحقيقات أنه كان ينسق لقاءات شخصية معهم في غرف فنادق بعيدة عن أنظار زملائه ورقابة السلطات، حيث كان يستقبلهم بملابس غير لائقة ويعرض عليهم خدمات تتعلق بتسريع طلبات اللجوء أو التسوية مقابل علاقات جنسية، أو مقابل تقديم هدايا ومبالغ مالية.

المحكمة العليا في مدريد أيدت مؤخرًا قرارًا بتوقيفه عن العمل لمدة 90 يومًا، ووصفت سلوكاته بـ”المخالفة الجسيمة”، مستندة إلى معطيات دامغة تؤكد إقامته علاقات مشبوهة مع أربعة شبان، أحدهم قاصر، قدم لهم بعد تلك اللقاءات عطايا مالية. المحكمة رفضت في الوقت ذاته مزاعم الشرطي بكون القرار الإداري قد خرق حقوقه القانونية، معتبرة أن المعطيات المتوفرة تبرر الإجراء المتخذ.

من جهتها، عبّرت منظمة “ماتقيش ولدي” المغربية عن صدمتها إزاء ما وصفته بـ”الانتهاك الصارخ للكرامة الإنسانية”، لاسيما عندما يتعلق الأمر بقاصرين ومهاجرين في أوضاع هشّة. وفي بيان رسمي، أدانت المنظمة بشدة هذه الأفعال، مؤكدة أنها تتابع الملف عن كثب، وستتخذ كل المبادرات الضرورية لحماية القاصرين المغاربة أينما وُجدوا، خصوصًا داخل مراكز الإيواء واللجوء.

وطالبت “ماتقيش ولدي” بفتح تحقيق جنائي عاجل وعدم الاكتفاء بالإجراء الإداري، داعية السلطات الإسبانية إلى تحمل مسؤولياتها كاملة في ما يخص حماية حقوق المهاجرين وضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات. كما وجهت نداء إلى المجتمع المدني المغربي والإسباني من أجل التحرك المشترك لكشف هذه الجرائم ووقف كل أشكال الاستغلال التي يتعرض لها المهاجرون، خاصة الفئات الضعيفة منهم.

ورغم حجم الصدمة التي خلفتها هذه القضية، لا تزال الجهات القضائية الإسبانية تكتفي بالإجراءات الإدارية المؤقتة، في غياب واضح لأي تحرك جنائي يرقى إلى خطورة الوقائع. وهو ما يطرح أكثر من سؤال حول مدى جدية المؤسسات المعنية في حماية كرامة المهاجرين، ومنع تكرار هذه التجاوزات في فضاءات يفترض أن توفر الأمن والرعاية للمحتاجين إليها.