مرة أخرى، يعود الهجوم والتهجم على الاتحاد الاشتراكي، وقيادته، ورموزه، بلا سبب وجيه، ولا مناسبة سياسية واضحة.
باتت «مهاجمة الاتحاد» مهنة عند البعض، وشُغلاً شاغلاً عند فئة لا تتقن سوى الصراخ في الفضاء الرقمي، وترويج الأكاذيب، واختلاق القصص، وتزوير التاريخ.
لكن الحقيقة أعمق من ذلك بكثير: إنها ليست مجرد حملة، بل هي حرب سياسية قذرة، تُدار بلا أخلاق، وبلا سقف، عنوانها الحقيقي هو الخوف… لا من الماضي، بل من الحاضر والمستقبل.
الاتحاد الاشتراكي ليس حزبًا عابرًا، ولا قوة ظرفية برزت بفضل موجة أو انتخابات. هو مؤسسة وطنية ناضلت من أجل الديمقراطية، وقدّمت الشهداء والمعتقلين والمناضلين الأوفياء. حزب ساهم في بناء وعي سياسي جماعي، وخاض تجربة التدبير بحصيلة لا تُقارن إلا بما قبلها وما بعدها.
هؤلاء الذين يهاجمون الحزب اليوم، لا يفعلون ذلك بدافع «النقد الديمقراطي» كما يدّعون، بل بدافع الإقصاء والشيطنة، وبهدف كسر رمزية سياسية ما زالت تقض مضجع الطامحين في محو كل أثر للفكر التقدمي، والخط النضالي، والإرث الاشتراكي الوطني.
الاتحاد الاشتراكي لا يخشى النقد، بل يرحب به. مدرسة الاتحاد هي مدرسة النقد الذاتي، والتعدد، والجدل السياسي العميق. لكن ما يمارسه البعض اليوم ليس نقدًا، بل تحامل فجّ، وتحريف متعمد، وتحريض مبيت.
هم لا يعارضون مواقف الاتحاد، بل يكرهون وجوده نفسه. يخافون من حزب أثبت في كل محطة مفصلية أن صوته لا يُشترى، وأن موقعه لا يُستأجر.
نعم قد تتفاوت تقديراتنا في الاتحاد ومقارباتنا لكل القضايا، لكن لم نبع ولن نزايد على الوطن في سوق السياسة. ظل حزبنا وسيبقى صوتًا يزعج من اعتادوا على الصمت، ومن يريدون سياسة بلا اتحاد اشتراكي. إذ حين راهن البعض على نهايته، بعث من رماده، لا طلبًا لمجد شخصي، بل وفاءً لوطن يحتاج كل صوت حر، وكل عقل نقدي، وكل ذاكرة لا تُصاب بالزهايمر.
وما قيل عن اللقاء التاريخي ببني ملال، القلعة العصية، ليس إلا تأكيدًا على أن الاتحاد يملك جذورًا ضاربة في عمق الوطن. أن ينجح الاتحاد في المرور من محطة فاس إلى خريبكة إلى بني ملال بفارق ساعات فقط، فذاك هو الامتداد الطبيعي لحزب لم يُخلق ليكون مجرد هامش، أو خزانًا انتخابيًا، بل قوة تغيير ومشروع أمل. إنهم أرادوا لهذه الجهة أن تبقى خارج قطار التنمية والتقدم، لكن الاتحاد يصر على أن يكون منبعًا للنهضة، ينبثق من القرى والمداشر، ويتحرك بخطى واثقة نحو المستقبل.
والواقع لا يكذب. أكبر قاعة ببني ملال ضاقت بالاتحاديات والاتحاديين: شيبًا وشبابًا، رموزًا ومؤسسين، أجيالًا تمتد إلى جذور المقاومة والوطن العميق. الحشود لم تتسع لها القاعة، فظل كثيرون، رغم حرارة الطقس، خارجها، فقط من أجل الاستماع والمشاركة في مؤتمر إقليمي طال انتظاره. وكان اللافت، بعد الإجماع على انتخاب الكاتب الإقليمي ورئيس المجلس الإقليمي، أن ترتفع الأصوات، وبكل روح نضالية، تطالب بأن تكون ممثلة داخل الأجهزة الوطنية القادمة، وأن يُسمع صوتها، وهي رسالة واضحة مفادها أن بني ملال، بكل مكوناتها، حاضرة في قلب المشروع الاتحادي، وهذا حق مشروع لا يحق لأحد مصادرته.
أما الذين اندسّوا داخل القاعة، فلم يجدوا ما يزوّدون به كُتّابهم سوى الكذب والاختلاق، وهم يعلمون علم اليقين أن حبل الكذب قصير، وأن القطار قد انطلق بالفعل، ولن يحفل بانتظار من يتمنون، في قرارة أنفسهم، لو لم ينطلق أبدًا.
الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لا يطلب امتيازًا، ولا يخاف معركة، ولا يُرهب خصومه كما لا يقبل أن يُرهب. هو حزب وُلد من رحم الشعب، ويعود إليه، مهما تعالت الضوضاء، ومهما تعفنت أدوات الصراع، لأننا نؤمن أن السياسة، كما الوطن، لا تُبنى بالكراهية، بل بالحق، وبالوضوح، وبالمبدأ.
الاتحاد الاشتراكي… حزب لا يُرهب ولا يُرْهب

تعليقات
0