تراجعات متتالية تهز بورصة الدار البيضاء… مؤشرات في المنطقة الحمراء فإلى أين تتجه الأسهم المغربية؟

محمد اليزناسني الأربعاء 18 يونيو 2025 - 19:46 l عدد الزيارات : 7611

تواصل بورصة الدار البيضاء تسجيل أداء سلبي للأسبوع الثاني على التوالي، وسط موجة من التراجعات التي طالت أغلب مؤشرات السوق، ما يعكس حالة من التوتر والحذر في أوساط المستثمرين. فمنذ 12 يونيو الجاري، سلك المؤشر الرئيسي “مازي” مسارا تنازلياً شبه متصل، خاسراً أكثر من 650 نقطة خلال خمسة أيام تداول فقط، ليستقر في نهاية تداولات الأربعاء 18 يونيو عند 17.865,27 نقطة، بعد تراجع يومي حاد نسبته 1,18%.

هذا التراجع لا يقتصر على “مازي” وحده، بل ينسحب أيضاً على مؤشرات أخرى أكثر تخصصاً مثل “MASI.20” الذي يقيس أداء أكبر 20 مقاولة مدرجة، والذي سجل بدوره انخفاضاً بنسبة 1,29%، إضافة إلى مؤشر “MASI Mid and Small Cap” الذي يعكس أداء المقاولات الصغيرة والمتوسطة وتراجع بنسبة 1,19%. وحتى مؤشر “MASI.ESG”، الذي يضم الشركات ذات أفضل تصنيف في مجال الحكامة والاستدامة، لم ينجُ من هذا الاتجاه الهبوطي، متكبداً خسارة بنسبة 1,06%.

توالي التراجعات بهذا الشكل، مع تسجيل أحجام تداول نشطة تجاوزت في بعض الجلسات 600 مليون درهم، كما حدث يوم 13 يونيو، يُبرز وجود ضغوط بيعية قوية، ويطرح أسئلة حول العوامل الكامنة وراء هذا التقهقر المتسلسل في أسعار الأسهم، خاصة أن السياق الاقتصادي الكلي لا يعكس في ظاهره اضطراباً حاداً.

عدة قراءات يمكن تقديمها لتفسير هذا المنحى. أولها أن السوق يبدو بصدد تصحيح فني بعد الأداء القوي الذي شهده منذ بداية العام، حيث وصلت فيه مؤشرات عدة إلى مستويات مقاومة تقنية دفعت العديد من المستثمرين إلى جني الأرباح. كما ساهم غياب محفزات إيجابية جديدة، على المستويين الاقتصادي والمالي، في زيادة التوجس العام، ما أدى إلى تجفيف نسبي لعمليات الشراء.

إلى جانب ذلك، هناك مؤشرات على عودة الحذر في صفوف المستثمرين المؤسساتيين، وخاصة الأجانب، الذين لا تزال تحركاتهم رهينة بالتطورات الجيوسياسية الدولية، وتذبذب أسعار المواد الأولية، ناهيك عن الانتظارات بخصوص السياسة النقدية لبنك المغرب، التي تبقى عاملاً مؤثراً في التقييمات.

القيم الفردية بدورها عكست هذا التوتر، إذ سجلت معظم الشركات المدرجة انخفاضات ملموسة، من بينها “شركة المنجزات الميكانيكية” التي فقدت قرابة 8% من قيمتها في جلسة واحدة، و”فينيي بروسيت” بـ 7%، في حين تكبدت “أكديطال” خسارة بنسبة 3,47% رغم ديناميتها المعروفة في القطاع الصحي. أما الارتفاعات القليلة التي طالت شركات مثل “ستروك للصناعة” و”إنفوليس”، فهي تبقى حالات استثنائية ومحدودة التأثير في المؤشر العام، ولا تغيّر من واقع السوق المرتبك.

من جانب آخر، تُظهر الرسملة السوقية تقلبات واضحة، حيث انخفضت من حوالي 971 مليار درهم منتصف الأسبوع الماضي إلى ما دون 939 مليار درهم يوم الأربعاء، وهو ما يعكس تبخر حوالي 32 مليار درهم من القيمة السوقية في أقل من خمسة أيام تداول.

تطورات هذا المسلسل التراجعي تطرح تحديات كبيرة أمام المستثمرين، لكنها أيضاً تفتح الباب أمام فرص محتملة للمتابعين الدقيقين لحركة السوق. فالأسهم الجيدة من حيث أساسياتها المالية قد تكون دخلت مرحلة تقييم مغرٍ للشراء على المدى المتوسط، خاصة إن لم تترافق هذه الانخفاضات مع معطيات سلبية جوهرية.

في المقابل، يظل الحذر سيد الموقف في الأجل القصير، في انتظار ما ستسفر عنه الأسابيع القادمة من مستجدات سواء على صعيد نتائج الشركات للنصف الأول من السنة، أو على مستوى السياسات العمومية التي يمكن أن تنعش الثقة في السوق. فإلى حين انقشاع هذه السحابة الحمراء التي خيمت على جلسات بورصة الدار البيضاء، سيواصل المتعاملون تتبع نبض السوق يوماً بيوم، ترقباً لانعكاس اتجاهه أو على الأقل لبوادر استقرار قد تُمهد لانطلاقة جديدة.

تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

الأربعاء 18 يونيو 2025 - 21:50

ترامب يلوّح بالتدخل وخامنئي يتوعد: الحرب بين إيران وإسرائيل تدخل مرحلة جديدة

الأربعاء 18 يونيو 2025 - 21:10

الفريق الاشتراكي بمجلس النواب يواصل دوره الرقابي والتشريعي عبر مساءلة الحكومة في عدد من القطاعات الحيوية

الأربعاء 18 يونيو 2025 - 20:01

نحو نظام باكالوريا واحد وفعّال: الحل الأمثل لمواجهة التحديات التعليمية والاقتصادية

الأربعاء 18 يونيو 2025 - 17:39

الاتحاد الاشتراكي… حزب لا يُرهب ولا يُرْهب

error: