لا أنكر أن النفس الغاضبة أمرتني‮ ‬بالاجتهاد في‮ ‬البحث في‭ ‬ما‮ ‬يؤلم بنكيران ويثير سخرية الناس عليه،‮ ‬ففكرت في‮ ‬اجتهاد‮ ‬يربط بين مسيرته المشبوهة
ومهمته الحالية وسلوكه المتواتر‮.‬
‭ ‬وسوست‭ ‬‮ ‬لي‮ ‬‭»‬‮«‬هذا الذي‮ ‬يَرْمِيك بالاسم الفسوق،‮ ‬يستحق أن تنعته بالشكامين العام‮» ‬لحزبه،‮ ‬وعذت بالله من التنابز بالألقاب،‮ ‬ثم همست لي‮ ‬بأن هذا الذي‮ ‬يغضب دوما من الاتحاديين،‮ ‬كلما تذكر خروجه من جنة الحكومة أيام‮ ‬2016‮ ‬وجنة المعارضة أيام‮ ‬2021،‮ ‬ألا‮ ‬يذكرك برجل كان في‮ ‬عهد الرسول الأكرم قد‮ ‬غضب من الرسالة وصاحبها،‮ ‬لأنهما ضيعا عليه‮ «‬حكم المدينة‮»‬،‮ ‬وقد صار شخصية محورية في‮ ‬وصف من هم في‮ ‬طبيعته باسم بن‮ «‬سلول‮»‬،‮ ‬‭ ‬فهذا‭ ‬يستحق‭ ‬أن‭ ‬تنعته‭ ‬بعبد‭ ‬الإله‭ ‬بن‭ ‬سلول‭ ‬لما تواتر في‮ ‬الشخصين من صفات‭.‬‮ ‬لعنتُ‮ ‬الشيطان واستعذت بالعلي‮ ‬القدير من شرور نفسي،‮ ‬وأقنعت العبد الفقير لرحمة ربه بالقول‮: «‬إن الله سبحانه وتعالى شاءت حكمته أن‮ ‬المصيبة الكبيرة يحملها في اسمه،‮ ‬عبد الإله بنكيران،‮ ‬حتى تكون كذلك في‮ ‬مغرب اليوم وغدا،‮» ‬ولا‭ ‬راد لقضاء الله‮.‬
ترددت في‮ ‬الرد لما تربطني‮ ‬بالكثير من أبناء الحركة والحزب من مودة وأخلاق وأخوة صادقة،‮ ‬وحده عالم الغيب والشهادة‮ ‬يعلم صدقها،‮ ‬لكن الرجل أساء الى العبد الفقير لرحمة ربه،‮ ‬باعتباره منتميا لحزب ويكتب في‮ ‬جريدته،‮ ‬وحق علي‮ ‬أن أنفر دفاعا عن هاتين الصفتين لأنهما ليستا لي،‮ ‬بل هي‮ ‬شراكة نضالية مع كل الاتحاديات والاتحاديين،‮ ‬ولايحسن بي‮ ‬أن أعفو عن الجهر بالسوء في‮ ‬حق صفة ليست ملكي‮ ‬وحدي‮.‬

يوم 2 يونيو نشرت تدوينة جاء فيها :”متأكد من أن جلالة الملك يمكن أن يتسامح مع الإساءة إلى شخصه، لكن مؤسسات الدولة الدفاعية مثل الجيش والأمن .. أبدا لن تمر الإساءة !
لم يتساهل مع فرنسا بكل قوتها .. أما اللعب بالنار فليس شجاعة أبدًا، إنّه التهلكة والاستفزاز..”
انتهت التدوينة.
تفاعل أزيد من مائة فيسبوكي، كل حسب قراءته للمسار، ومنهم من وجدها فرصة للقذف المعتاد، ومنهم من تفاعل بقراءة رزينة ومتجردة … وانتهى الموضوع بالنسبة لكاتبها ! وثابت أن هناك من ربط بين التدوينة وما قاله بنيكران الذي اطعت عليه عن طريق زميل صحافي، بطلب مني، وكان الجواب، عند الضرورة أن الموضوع ليس حصريا له، وعنده!
وهناك من استنكر قولي إن الملك لن يسمح بالإساءة للمؤسسات، وقد يفعل إزاء الإساءة لشخصه. وهنا ذكرت حادثة لوزير العدل مصطفى الرميد، رواها للصحافيين الذين استقبلهم في بيته، في إحدى مناسبات الإفراج عن معتقلين منهم صحافيون، وأذكر منها ما كتبته بأن ملك البلاد قال للوزير الشفيع بأنه لو كان الصحافي فلان قد مسه شخصيا لتجاوز عنه، ولكنه مَسَّ بالمؤسسات.
التفاعل العاقل، والأخلاقي، والمتجرّد، رَبَّما شجع الأمين العام لحزب سياسي، معروف بالثرثرة السياسية، على التطاول على المواطن والعبد الفقير لرحمة ربه .
“باقي يحرضوا علينا .عليَّ أنا بالخصوص . آش بغیتوا ديروه لیا. اللي بغیتو تدیروه دیروه . الحملة التحريضية الأخيرة، قلت للحاجة (ها هي سولوها فالتلفون) وجدي ليا الحوايج ديالى. إلى كان خاصنى نمشي للحبس، جمعي ليا حوايجی نکون مستعد. نقولها لدوك الشكاما. مجموعة ديال الشكامة في هذا البلاد كان فيهم مع الأسف اللي كينتمي للحزب وتيديرعمود يومي، وما كيحشمش، ربما كتبو من الحج، باش يشكم بعبد الإله بنكيران. ما تحتاجش تشكم بعبد الإله بنكيران. نهار يحتاج يؤدي شي ثمن. نهار قلت لسيدنا نعم أسيدنا أنا وخا ديرنا فالحبس أنا معاك. السياسة تبغي تضحي على كلمة الحق. إخوانا في غزة حنا مستعدين. طريف الخبز ونحن نتقطعو !”
الرد:

لم يكن العنوان مجهولا . ووصل التهجم وأنا في الحج ؛ واستمعت للرجل وھو يرسم لنفسه صورة البطل الذي يتعرض لتربصات الجاسوسية ومحاط بالأشباح، قلت هي عادته في تصريف الجبن، كلما كان عليه أن يتحمل مسؤولية فعله أو مصائبه.
يدرك عبد الإله بنيكران، وهو رئيس حكومة أو رئيس حزب، بأنه كان عرضة لمقالاتي باسمه وصفته، وأني كتبت عنه العشرات في مواضيع عديدة وعليه، ما كان يضرني أن أضيف تدوينة إلى ماسبق.
ومالا يدركه هو أني لم أكتب مقالا، بل تدوينة «على الخفيف» بالرغم من ثِقلْ القضية ذات الصلة بالمؤسسات.
وإذا كان هو يؤمن بأنه قال «رأيا»، فإن رده المأزوم يُشعر القارئ بأنه يدرك بأن ما قام به«إساءة» والدليل على ذلك سلوكه الطائش باتهام النفس. ومادام بابُ الرد مفتوحا، أسأله: هل قُلْتَ رَأْيًا حقا، أم أصدرت فتوى وأنت تتحدث عَمَّا لايجوز شرعا القيام به؟
هل آلمتني الكلمة؟ طبعا، ككل إنسان كريم، ومناضل حقيقي ومغربي له عزة بنفسه، تجرحها نتانة ولو عابرة، ولو على لسان رئيس حكومة سابق. قلت، بقناعة تامة : “هذا رجل وصف الشهيد عمر بنجلون، بالكلب الأجرب ” ما الذي يضرك يا رفيق عمر بأن يجرب فیک خسته مجددًا، أنت البسيط، العادي، الحي الذي يرزق في ضيافة الرحمان.
( من سمع كلام الثرثار سيلاحظ طريقة الاستخفاف وهو يتحدث عن الحج الذي يعد المصرف السياسي له ولأمثاله ).
قلت : خير الجواب السكوت إسوة بالإمام الشافعي، وهو يتحدث عن السفيه عند ما قال: ” إذا نطق السفيه فلا تجبه… فخیر من إجابته السكوت… فإن كلمته فرجت عنه…وأن خليته كمدا يموت”.
لكني اعتذرت للإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي القرشي أمام السنة والجماعة … لأنني لا أريد للأمين الثرثار أن يموت كمدا، ومازال السيرك في حاجة إليه، ومازال دور البهلوان له منذورا. ألح علي الإمام رحمه الله “الصمت عن جاهل أو أحمق، شرف، وفيه أيضا لصون العرض إصلاح. أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة؟ والكلب يخسى لعمري وهو نباح”.
قلت یا أبا إدريس ألست القائل: “كحامل لثياب الناس يغسلها وثوبه غارق في الرجس والنجس ؟” . هذا ما يفعله الثرثار السياسي بالذات. وهذه حجتي أيها الإمام؟.
1. كانت تدوينتي تهم “الجيش والأمن” من بين المؤسسات التي لا يتسامح الملك في الإساءة إليها، ويفعل لمن يسئ إليه، بالرحمة. وعوض أن يقرأ الرجل الذي أثمره الربيع المغربي رئيسا للحكومة – في ما كتبته تقدیرا للملک ، بما هو ملتزم بالمؤسسات أکثر من شخصه، وأن يرى في ذلك ما هو أهل للنظر السديد، والتفكير العميق، استشعر لنفسه منزلة يرى فيها أنه الهدف … والحال أن السياق الذي جعله يعتقد أن “كل صيحة عليه”، والمتعلق بالمناورات العسكرية لم تكن مخصوصة بالتدوينة، وإلا ماذا قال الثرثار عن الأمن مثلا ليستقيم تأويله النرجسي لما كتبه العبد الفقير لحكمة ربه.
يبدو أنه فزع وارتعد وتألم لما كان بعد كلامه، وأراد أن ينسب ما وقع له إلى «وشاية» مني، وثمة، يَطْفُو عمق «هشاشته» فَيَسْلِقُ هذا العبد الفقير بِأَلْسِنَةٍ من حديد ! ككل الذين لعله يعرفهم من الذين وصفتهم الآية الكريمة «سورة الأحزاب 19» أولاء الذين يصبحون شجعانا بألسنتهم بعد زوال الخوف.
1. كانت التدوينة تستحضر هجوما وتحرشا يمس المؤسسات، وعليه كان الدفاع عنها من صلب الدفاع عن البلاد، وليس مسا بأي من الذين يتحرشون بالمؤسسات لكن “الثرثار الدستوري” أراد عمدا أن تكون المضمرات خاصة به، ليصنع لنفسه بطولة لاتنبغي له، ولم يثبت جداراته بها طول مساره السياسي.
كان المنطقي في رجل قيل إنه حيوان سياسي، أن ينتصر للفعل الخطابي المؤسس على تقاليد النقاش العمومي ولأخلاق العيش الكريم، لاسيما وأنه لم يصدر عنا، حتى وهو يُجَرِّب فينا كل انحطاطه البلاغي، أي تعبير يمسه.
كان الأجدر أن يطور القاموس السياسي في الحوار، ويلقننا درسا في النقاش وتأويل الدستور مثلا، لكن الرجل الذي حول السياسة إلى روتيني اليومي، فَضَّل “لمعاطية”، كما في كل الأزقة والحواري والحمامات، فَضَّل ما يعرفه جيدا… الانحطاط.
وفيه يصدق قول المتنبي : لِكُل امْرئٍ من نَفْسِه ما تَعَوَّدَا”. وبما أنه قد تعَوّد«تشكامت» ،فما كان له من لسان يَلْهَجُ إلا بها، ولقاموس له إلا من لسانها.
«الشكام» البياع أو المخبر أو النمام، وكل المرادفات التي تفيد الوشاية تكون عادة، وحسب ما تعلمنا من سيرة الثرثار الدستوري نفسه، كنقل خبر سري، أو معلومات مجهولة أو مخططات إلخ، لا يعرفها سوى أصحابهاـ إلى م يهمهم الأمر.
كيف يعلن بنكيران موقفا أمام الناس، بل يفتخر به ويحسبه بطولة ويزكي به نفسه على الله والرسول والمسلمين ويكرره أمام الملأ ثم يعتبر أن التعليق عليه وإن لم يكن هو صلب التدوينة وشاية؟
هناك شعور بالأسف حقيقي عندي. كل الجدارة الاستخباراتية مع الخلطي والبصري، ولم يعرف بالضبط معنى »شكام» والحال أنها فتحت لك الطريق لكي تصبح «شكام.. ين» عام لحزب وطني كبير.
ستكون أول حالة في الوشاية ذات علاقة بالسلطة يقوم فيها مواطن بسيط، يأكل من عرق جبينه يعمل حتى وقد تجاوز سن التقاعد لضمان كرامته، شخصية من «متلاشيات» الدولة، تدفع له كل شهر 9 ملايين سنتيم وتضع رهن إشارته الحرس والسيارات كأي مكفول دستوري، يتيم سياسيا، ولكنه يعتقد أنه خطر عليها وأنها في حاجة إلى من يبلغ عنه، لماذا؟
والغريب أن السجين الوحيد في عالم الثمانينات والعالم كله الذي فسحت له الدولة القديمة الطريق للقاء بالمعتقلين الآخرين للدعوة إلى خطه السياسي(أقصد خُلْطه السياسي)المبني على معاداة المناضلين اليساريين والديمقراطيين.
4-ينتقل”الشكامين” العام، من سب العبد الفقير لربه إلى الحديث عن ملك البلاد، ويفهم المستمع أنني شكمتُ به إلى… الملك، ولي ملاحظاتان هنا:

1 أعتذر لملك البلاد عن إقحام اسمه الموقر، في هذل السجال مع المتحور السياسي، وأقول لهذا الأخير: الوشاية بك إلى الملك، لايريدها الملك لأبناء شعبه منذ أن حررنا نصره الله من الخُلطيات القديمة والبصْريات المنعم عليك بها.

2­ لماذا «نشكم» بك للدولة، وهي قد وضعت له معلفة حول عنقك، ومدت لك سماطا أمام أعتابها، ووضعت لك صحنا وأكلا فيه على مدار السنة.. نحن فقط نسألها: هل يليق بها أن تمنحك هبة 9 ملايين شهريا لِتَسُبَّ لها مواطنيها وتلصق بهم كل النعوت، وهم يستيقظون كل صباح للعمل وكسب رزقهم بعرق جبينهم.
هل الجدية والجد والكد والكرامة جزاءهما السب والقذف من «مكفولها» الدستوري اليتيم؟
أ-يصاب بالصدمة كل من عاش وهو يؤمن أن السياسة أخلاق، وأن الرسول يشدد على أن الإيمان لايستقيم إلا إذا استقام القلب، وأن القلب لا يستقيم إلا إذا استقام اللسان.
ومصدر الصدمة كالتالي إذا كان السي عبد الإله قد قضى وقتا طويلا من حياته في قراءة القرآن واكتسب السنة وتلاوة أمهات الكتب في السيرة، ولم يؤثر ذلك في لسانة ولغته، ترى كيف كان سيكون كلامه وخطابه وسلوكه لو لم يكن يقرأ القرآن والسنة وابن تميمة؟ أتصور أن هذا الانحطاط الذي نشاهده هو سقوط مع وجود ضمانات دينية.
ب-الرجل يستعجل علينا وعلى الدولة السجن في كل مرة ويهددنا بأنه مستعد للسجن. والحال أن الحقيقة تفرض أن نقول له ما يلي.
­ لم تثبت من قبل قدرتك على البطولة، كما رويت أنت نفسك آخر حوار مع الزميل المهداوي فرج الله كربته ولا أقمت الدليل على أن السجن أحب إليك من الحق في قضية تؤمن بها.
لهذا تعاملك الدولة معاملة الشاعر الحطيئة لخصمه الزبرقان على وزن بنكيران عندما قاله له دع المكارم لا ترحل لبُغْيتها واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي.
فما أخال مروءة الهجاء اللعان السباب أن تتجاوز أن تأكل وتلبس، أما المكارم ففاقد الشيء لايعطيه ولعل المجاز العقلي يسعفك هنا، في كونك تنسَب للطعام والكساء، وعليه إذا حدث والتقيت المروءة بلغها سلامي، ولاتغتم إذا هي لم تتعرف عليك.
ج-الإساءة إلى الملك :لقد استكثرت على ملك البلاد أن يفهم مغزى كلامك استكثرت عليه أن يدرك ما أردت قوله حتى أنه في حاجة إلى سطرين من أحد أبناء شعبه «ليفهم» لمزك وهمزك.
هذه أولى، والثانية، لقد دسست في غمزك أنه يدخل الناس السجن، ويحبس الناس لقول قالوه، وهذه أنكى وأخسأ ، وزدت بقولك” أنه سيدخلك السجن وتبقى معه وإلى جانبه” كما لو تؤكد أنك بطلٌ وفيٌ ومُوَلّهٌ بصاحب الصولة والصولجان ،لكنه يَزّج بِكَ في السجن.
محمد السادس أكبر بكثير من تخرصات” مازوشيتك السياسية”، تُريد أن تكون فيها الوفي المنبوذ، والبطل المسجون، والزعيم الذي يجتهد في انحطاطه السياسي للارتقاء في الترتيب الانتخابي.
ختاما، نسأل الله حسن الخاتمة…وأن يلهمنا الشجاعة وقت الفعل. مثل رفض التطبيع في وقته، وليس انتظار سنة ونصف حتى نخسر الانتخابات، ثم نغضب لأننا لم نتلق المكافأة المنتظرة عن موقف التوقيع. أما الشجاعة بعد وقوع الحدث بسنوات، فإن فلسفتها لخصتها مي الهرنونية بالقول”حتى نقضت لوضو عاد…جمعت رجليها! وختام الختام : “لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عليما”سورة النساء .. ولكن …
رحم الله نوبير الأموي وجازاه الله عنا خيرا في الرد على زعيم آخر زمان الذي تربى بين أحضان البوليس العتيق، وقد قال ما يصدق على هذا الصنف من الزوعما …حقا وحقيقة : “شحال من شكاما ولاو زوعما…”!
واللهم تقبل مناسكنا واجعلنا ممن رباهم الدين وأحسن تربيتهم !!!