تحقيق صادم لصحافية إسبانية يكشف زيف رواية تندوف ويقارنها بحياة الصحراويين في العيون

أنوار بريس السبت 21 يونيو 2025 - 14:12 l عدد الزيارات : 8344

ضمن فعاليات الندوة الدولية التي تنظمها اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر بالرباط، شاركت الصحافية الإسبانية باتريثيا ماجيدي بشهادة مثيرة حول تجربتها الاستقصائية بين تندوف والعيون، موضحة الفارق الصادم بين الرواية الدعائية للبوليساريو، والواقع الذي رصدته بعينها وعدستها.

باتريثيا، التي تفخر بجذورها العربية كما تشير في مقدمة شهادتها، قررت خوض مغامرة محفوفة بالمخاطر عام 2018، حين سافرت إلى تندوف دون أي بروتوكول رسمي، بناءً على فضول مهني وضمير صحافي دفعها للتقصي عن الحقيقة بنفسها. وتقول إن الصورة التي كانت تحتفظ بها عن تندوف قبل الزيارة كانت أقرب لخيال مرسوم في الأذهان الإسبانية: خيمة كاكية وجنود في الأفق. لكن الواقع كان أكثر قتامة مما تخيلته.

تؤكد ماجيدي أنها خضعت منذ وصولها إلى مراقبة لصيقة من قبل البوليساريو، ومنعت من إجراء مقابلات بحرية، واضطرت لفرض وجودها في الميدان للحصول على المعلومة. وواجهت عراقيل متعددة خلال محاولتها الوصول إلى قافلة مساعدات إنسانية محتجزة في وهران، لم تتمكن من تتبع مصيرها رغم وعود وتصريحات المنظمين.

ما وجدته في المخيمات كان صادماً: سوق سوداء مكتملة الأركان، تُباع فيها الأدوية والمياه التي يُفترض أنها مساعدات إنسانية مجانية، كما رصدت محالّ وصيدليات يديرها مقربون من قيادات الجبهة، فيما السكان مجبرون على شراء ما يُفترض أن يُمنح لهم مجاناً. مستشفى بلا تجهيزات، ولا حتى قرص أسبرين واحد، وصيدليات تابعة لمسؤولين رسميين تبيع كل شيء.

وفي شهادتها، أشارت إلى لقائها مع أحد الصحراويين الذين لا يوالون البوليساريو، تعرض للتعنيف بعد محاولته تقديم شكوى، مؤكدة أن السيطرة المفروضة على المخيمات مزدوجة: من الجيش الجزائري ومن البوليساريو، مع قيود صارمة على الحركة والدخول والخروج، في مشهد أقرب إلى احتجاز جماعي منه إلى “لجوء إنساني”.

بعد هذه التجربة، قررت باتريثيا الانتقال إلى الأقاليم الجنوبية المغربية، وتحديداً إلى العيون، دون ترتيب رسمي، ودون لقاء أي مسؤول مغربي، لتتفقد الواقع بنفسها. هناك، فوجئت بوجود مطاعم عالمية، وحرية تنقل، وأجواء حياة مدنية عادية. اكتشفت أيضاً أن معظم المسؤولين المحليين الذين التقتهم من أبناء المنطقة، يعرفون عشائرهم جيداً وينتمون فعلاً للصحراء، ما يناقض تماماً رواية “الإقصاء” التي تروّج لها البوليساريو.

أما اللحظة الفارقة بالنسبة لها، فكانت مشهد نساء صحراويات ومغربيات يتبادلن التحية والمودة في الشارع، ما اعتبرته دليلاً ملموساً على كذب أطروحة “العداوة” التي تم تسويقها في إسبانيا.

وأكدت أنها غادرت العيون وهي على قناعة بأن الرهائن الحقيقيين هم الصحراويون الذين لا يخضعون لسلطة البوليساريو في تندوف، وأن الصورة التي تُرسم في الإعلام الإسباني مليئة بالتحريف والتضليل، وتهدف إلى إدامة نزاع لا يخدم الصحراويين أنفسهم.

ختمت ماجيدي شهادتها بالإشارة إلى مقابلة أجرتها مع البشير الدخيل، أحد مؤسسي البوليساريو، الذي عبّر عن موقف مغاير تماماً للتنظيم الذي ساهم يوماً في إنشائه، مشيرة إلى أن هناك سردية حقيقية تغيب عن الإعلام الإسباني، وتحاول هي من خلال وثائقيها “من تندوف إلى العيون: طريق الكرامة” تصحيحها أمام الرأي العام الدولي.

هذه الشهادة لا تكتفي بطرح الأسئلة، بل تكشف عن الحاجة الملحة لإعادة النظر في الخطاب الغربي حول النزاع في الصحراء، وتسلّط الضوء على معاناة حقيقية تُدفن تحت ركام الدعاية والسياسة.

تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

السبت 21 يونيو 2025 - 15:34

من جرسيف الاتحاد الاشتراكي يجدد التزامه بالنضال من أجل المواطن ورفع تحديات التنمية…

السبت 21 يونيو 2025 - 13:11

شهيد.. الاتحاد الاشتراكي لا ينتظر المواعيد الانتخابية لكي يظهر إلى جانب المواطنين…

السبت 21 يونيو 2025 - 13:03

التضخم السنوي يرتفع بـ0,4% والمعيش اليومي للمغاربة يزداد اختناقا

السبت 21 يونيو 2025 - 12:36

بيسان دحبور… أول مغربية-فلسطينية تطرق أبواب الفضاء

error: