في خطوة تشريعية تروم تعزيز الحكامة الجيدة ومحاربة الفساد، تقدم الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية بمجلس النواب بعدة مقترحات قوانين ترمي إلى تتميم مقتضيات تشريعية قائمة، بهدف تقوية آليات التصريح الإجباري بالممتلكات لفئات واسعة من المسؤولين العموميين والمنتخبين، وجعلها أكثر فعالية وشفافية.
وقد شملت هذه المقترحات تتميم مواد من الظهير الشريف المحدث للهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، والقوانين التنظيمية لمجلسي النواب والمستشارين، بالإضافة إلى القانون رقم 54.06 المتعلق بإحداث التصريح الإجباري بممتلكات بعض المنتخبين المحليين والغرف المهنية وبعض فئات الموظفين أو الأعوان العموميين.
و أوضحت المذكرات التقديمية المرفقة بالمقترحات أن هذه المبادرة تأتي استجابة لمتغيرات دولية ومحلية تفرض تعزيز آليات الرقابة على الذمم المالية للمسؤولين، في سياق تتسع فيه رقعة الفساد وتتعاظم المطالب الاجتماعية والمؤسساتية لاسترجاع الثقة في المؤسسات العامة.
وأكد الفريق الاشتراكي أن الهدف الأساسي من هذه القوانين هو ترسيخ مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، عبر تتبع تطور الثروات والمداخيل للمعنيين، ومنع الإثراء غير المشروع، وتكريس ثقافة الشفافية داخل المرفق العمومي.
من أبرز المستجدات التي جاءت بها المقترحات، التنصيص على إمكانية التصريح بالممتلكات عبر منصة إلكترونية خاصة، وإضفاء الطابع الرقمي على مساطر التتبع والمراقبة، بما يتماشى مع توصيات المجلس الأعلى للحسابات، الذي ألح في تقريره الأخير لسنتي 2023-2024 على ضرورة استكمال رقمنة المنظومة وتعزيز الانسجام بين النصوص القانونية المعنية.
كما وسعت المقترحات من نطاق الملزمين بالتصريح، لتشمل إضافة إلى المسؤولين الحكوميين والبرلمانيين، أعضاء المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري، ورؤساء المجالس الجهوية والغرف المهنية والجماعات الترابية، مع إلزامهم بتقديم تصاريح دورية كل سنتين أو ثلاث سنوات، وتحديثها عند كل تغيير جوهري في النشاطات أو الممتلكات أو المهام.
شددت النصوص المقترحة على أن التصريحات تودع في ظروف مغلقة، ولا يمكن استعمال محتواها إلا للأغراض المنصوص عليها حصراً في القوانين المعنية، حفاظاً على خصوصية المعطيات الشخصية للمصرحين، وضماناً لتوازن مطلوب بين الشفافية واحترام الحياة الخاصة.
وأبرز الفريق الاشتراكي في مذكراته أن نجاح هذه المنظومة القانونية رهين بإخراج نصوص تنظيمية مرافقة، تتعلق بالنماذج المعتمدة للتصريح، وبالهوية الموحدة، والتوقيع الإلكتروني، وطرق تبادل المعطيات بين الهيئات الرقابية، حتى تكون آلية التصريح بالممتلكات رافعة حقيقية لحماية المال العام ومواجهة الفساد البنيوي.
تعكس هذه المبادرة التشريعية للفريق الاشتراكي توجهًا نحو مقاربة شمولية في مواجهة الفساد المالي والإداري، من خلال أدوات قانونية واضحة وملزمة، ترتكز على الشفافية والرقابة المؤسساتية. وتظل نجاعة هذه المقترحات رهينة بسرعة مناقشتها داخل المؤسسة التشريعية، وبتوفير الإرادة السياسية الجماعية لتفعيلها على أرض الواقع.
تعليقات
0