من المرتقب أن ينعقد، يوم الخميس المقبل، مجلس للحكومة برئاسة السيد عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، وذلك لبحث عدد من النصوص القانونية في مقدمتها مشروعا قانونين يهمان قطاع الصحافة والإعلام في المغرب، في سياق يتسم بتزايد النقاش حول واقع حرية التعبير ومكانة الإعلام المهني في البناء الديمقراطي.
وأفاد بلاغ صادر عن رئاسة الحكومة أن المجلس سيفتتح أشغاله بدراسة مشروع قانون يهم إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، وهي الهيئة المحدثة بموجب قانون سنة 2016، والتي تمثل سلطة تقنين ذاتية في المجال الصحافي، وتمارس مهام التأديب والضبط والتنظيم المهني، إلى جانب صلاحيات تتعلق بمنح البطاقة المهنية وتحديد معايير الممارسة الأخلاقية للمهنة.
ويأتي هذا المشروع في وقت تعيش فيه الهيئة أزمة بنيوية منذ انتهاء الولاية القانونية الأولى لأعضاء المجلس، مما استدعى تمديدًا استثنائيًا بمقتضى مرسوم حكومي، ثم تمديدًا ثانٍ بموجب قانون. وهي وضعية أثارت جدلًا واسعًا في صفوف المهنيين والفاعلين الحقوقيين بشأن مدى استقلالية المجلس، وشروط تجديد هياكله، وأسس التمثيلية داخل أجهزته.
أما المشروع الثاني، فيتعلق بتغيير وتتميم القانون المتعلق بالنظام الأساسي للصحافيين المهنيين، وهو الإطار التشريعي الذي ينظم شروط ولوج المهنة، وحقوق الصحافيين وواجباتهم، والضمانات القانونية لممارسة عملهم، بالإضافة إلى الإطار العام لتوزيع البطائق المهنية، والتكوين المستمر، والمعايير المهنية التي ينبغي الالتزام بها.
ويُنتظر أن يتطرق المشروع الجديد إلى مراجعة بعض مقتضيات القانون الحالي رقم 89.13، بهدف مواكبة التحولات التي تعرفها المهنة، لا سيما في ظل التطورات المتسارعة التي تعرفها الصحافة الرقمية، وواقع المقاولة الإعلامية، واستحقاقات التحول الرقمي، فضلاً عن النقاش المتجدد حول الحماية القانونية للصحافيين وظروف اشتغالهم، وتحديات الاستقلالية والاحتراف.
وتأتي هذه الخطوة الحكومية في سياق حرج، حيث تسجل تقارير دولية ومهنية تراجعًا في مؤشرات حرية الصحافة بالمغرب، وتزايد الأصوات المطالبة بإصلاحات تشريعية عميقة لتأهيل الحقل الإعلامي، وضمان التعددية والاستقلالية، وتقوية دور الصحافي كمحور في البناء الديمقراطي.
ومن المرتقب أن تثير مناقشة هذه المشاريع القانونية اهتمامًا واسعًا لدى النقابات المهنية، والناشرين، ومنظمات المجتمع المدني، وسط ترقب لتفاصيل النصوص التي ستعرض على أنظار المجلس الحكومي، والتي ستشكل مدخلًا لمساءلة الإرادة السياسية في إصلاح منظومة الإعلام والارتقاء بها إلى مستوى تطلعات المهنيين والمجتمع.
تعليقات
0