* الفساد صورة للخلط بين السلطة السياسية والسلطة المالية
* أي درجة من الملكية البرلمانية نريد؟
* القضاء ونقطه السوداء
* الفئات الاجتماعية الحاملة للدستور؟
* تعثرات تطبيق القوانين ودور التوافق الرخو في ذلك
موجة جديدة من المطالب الدستورية، لا تعني أن النص الحالي استنفد احتياطه الإصلاحي، بقدر ما ينتظر تجاوز ما سمَّته الباحثة الدستورانية نادية البرنوصي، حالة الاختمار التاريخي، ووضع ساعف ثلاثة مسارات لهاته الدستورية التطبيقية الجديدة المفروض التفكير فيها.
أولا، أفق الملكية البرلمانية، انطلاقا من النص والممارسة، وبمعنى آخر، كما يقول ساعف، إن الملكية البرلمانية لها راهنية حقيقية وكبيرة اليوم، لكن علينا تحديد درجة الأفق الذي نرسمه لها، هل هي ملكية برلمانية دنيا، أو في مستوى متوسط أو تلك التي تقترب من المعايير المتعارف عليها دوليا؟، وهو تقدير يلمح إلى الملكية البرلمانية في إسبانيا وبريطانيا، وغيرهما من دول الشمال.
في المستوى الثاني، يستوجب التأهيل القضائي للمملكة وضع سؤال العدالة، والتي تفرعت عن واقعه إشكالات كبيرة حول الحق في العدالة والمحاكمة العادلة واستقلالية القضاء والعلاقة ما بين الفاعلين القضائيين وواقع النيابة العامة.
ولعل في قلب هذه الإشكالية درجة التوازنات المطلوبة معالمها، كما يجب أن يلمسها المجتمع المغربي.
ولعل المفهوم من مثل هاته الإشكالية هو القضاء كنقطة غير واضحة الملامح، ما بين «استقلال القضاء واستقلاليته»autonomie et indépendance.
وكان ساعف واضحا في الحديث عن إشكال يسترعي الانتباه وسماه الفساد وهو في تجسيده الدستوري، يتعلق بالخلط بين السلطة السياسية والسلطة المالية أو الاقتصادية، ولعله أسهب في هاته النقطة باعتبار أن تحيينه وتدقيقه في الدستور يمكنه أن يغذي الموجة القادمة من الإصلاحات أو المراجعات أو التدقيقات الدستورية.
والمطالب الجديدة تتطلب، من باب النزاهة والموضوعية، أن نتساءل عن المدى الذي بلغه تطبيق الدستور نفسه وتفعيله، وبلغة أخرى ما هي الدرجة التي بلغها تطبيق هذا الدستور حتى نطالب بتحقيقات أو مراجعات جديدة؟
والواضح أن ذلك لا يرتبط بالعقل المركزي للدولة أو مكوناتها فقط، بقدرما يشمل كل الفاعلين الرئيسيين في الحقل الوطني.
الشراكات الدستورية التي تتأسس تحدد بشكل كبير مآلات تطبيق الدستور، فتكون الإرادة أحيانا هي تطبيق كلي له، وإن كان هذا الحلم الطوباوي لا يراود الفاعلين أو الباحثين بشأنه أدنى وهم، لأن التطبيق الكلي مسألة فوق واقعية وغير عملية في الغالب، كما أن التطبيق قد يتعطل أو ينقص تبعا للرهانات السياسية، عندما تكون الأولويات السياسية مثلا ذات أسبقية عند الفاعلين، ولعل جزءا من النقاش الذي كان مع تجربة الحكومة الأولى بعد الدستور، شمل بالضبط هاته الأولوية، والتي كانت لها الصيغة التالية: هل الديموقراطية والتوازن الجديد لسلطة الثقافة السياسية الدستورية الجديدة أولى أم، التطبيع السياسي للحزب الإسلامي داخل الحقل الوطني هو الأولى؟ وهو السؤال الذي طرحناه في حينه بل كتبنا فيه مقالات عديدة في وقته.
ويتضح أن سؤال تصريف الدستور وفلسفته داخل الحقل السياسي ما زالت له راهنيته حتى وقد وصل إلى رئاسة الحكومة حزب يجر وراءه قرابة نصف قرن، من التطبيع السياسي، بل هو من أدوات الضبط السياسي للعهد السابق.
وهذا سؤال دستوري طرح نفسه بحدة حتى مع الأغلبية الحالية التي لم يطرح عليها سؤال تطبيع وجودها، إذ هي بحد ذاتها تنتمي إلى ثلاثة أزمنة ملكية، منها الاستقلال زمن محمد الخامس والأحرار زمن الحسن الثاني والأصالة زمن محمد السادس، ولكن الإشكالات الدستورية ما زالت عالقة وإن ربحنا الكثير من مطالبنا ومنها المنهجية الديموقراطية.
الفكرة هنا أن الحسابات السياسية كانت على حساب الدستور لأن صاحب المبادرة السياسية والقرار التشريعي كانت له أولويات أخرى.
الجانب الآخر من معطلات «نواقض الدستور» تكمن في التفاوت بل أحيانا عدم الانسجام بين القوانين ذاتها، وهذا ما اتضح من خلال عبد لله ساعف الذي أشار إلى كون دراسة 20 سنة من الحياة القانونية بينت أحيانا تناقضات في الجوهر بين القوانين، إلى ذلك تضاف فعلية القوانين، من حيث رصد المسافة بين صناعة القوانين وبين تطبيقها.
تعليقات
0