شهيد لرئيس الحكومة.. أين وعودكم الانتخابية؟ وأين الكرامة الصحية للمغاربة؟ وهذه مداخل تطوير المنظومة الصحية…

يسرا سراج الدين الإثنين 7 يوليو 2025 - 18:12 l عدد الزيارات : 4414

أكد رئيس الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية بمجلس النواب، عبد الرحيم شهيد، خلال تعقيبه على جواب رئيس الحكومة بشأن موضوع “السياسة الحكومية في تعزيز الحق في الصحة وترسيخ مبادئ الكرامة والعدالة الاجتماعية”، أن اختيار هذا الموضوع في جلسة المساءلة الشهرية ليوم الاثنين 7 يوليوز 2025، يحمل دلالة خاصة، لارتباطه المباشر بمبدأي الكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية، وهما مبدآن كرستهما المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، ودستور المملكة، والخطب الملكية المتعددة.

وأوضح شهيد أن الحق في الصحة من المبادئ التي يؤمن بها الفريق الاشتراكي في المعارضة الاتحادية، لكنه لن يتحقق دون ضمان الولوج المتساوي لكافة المواطنات والمواطنين إلى خدمات صحية جيدة، دون أي شكل من أشكال التمييز الاجتماعي أو المجالي، مشيرا إلى أن القانون الإطار 06.22 المتعلق بالمنظومة الصحية الوطنية، والذي تم اعتماده كجزء من رؤية وطنية لتحقيق التغطية الصحية الشاملة، جاء تنفيذا للرؤية الملكية الرامية إلى تحسين صحة المغاربة وتعزيز الحماية الاجتماعية، لكنه ما زال بعيدا عن التفعيل الواقعي، مضيفا أن هذا الورش يمثل جزءا من مشروع أوسع لإعادة بناء المنظومة الصحية، يحظى بعناية خاصة من جلالة الملك محمد السادس، ويعكس التزام الدولة بضمان الحق في الصحة والرفاهية لجميع أفراد المجتمع.

وشدد المتحدث على أن الحديث عن الحق في الصحة لا يجب أن يبقى شعارا ترفعه الحكومات، بل هو التزام حقيقي ومسؤولية ثقيلة تجاه المواطنين، لكونه حقا أساسيا من حقوق الإنسان، يفرض إتاحة إمكانية الولوج إلى خدمات صحية ذات جودة، بغض النظر عن الوضع الاجتماعي أو الجغرافي أو الاقتصادي، وفي نقده لجواب رئيس الحكومة، قال رئيس الفريق الاشتراكي: “كان من المفروض، ونحن على مشارف نهاية الولاية الحكومية، أن تقدموا حصيلة عمل ملموسة، وأن تعلنوا بوضوح عن التدابير الواقعية التي تم اتخاذها لضمان الحق في الصحة، ومعالجة العراقيل الاجتماعية والاقتصادية والمجالية التي تحول دون ولوج فئات واسعة من المجتمع المغربي إلى هذا الحق”، مشيرا إلى أن هذه هي المرة الثالثة التي يناقش فيها موضوع الصحة في جلسة السياسة العامة خلال هذه الولاية، دون أن تتضمن الأجوبة الحكومية ما يكفي من التوضيح أو التفاعل مع الملاحظات السابقة التي أثارها الفريق الاشتراكي، معتبرا أن الجواب هذه المرة جاء خاليًا من الحماس، عكس ما سبق في جلسات سابقة.

تنصل من الالتزامات الانتخابية والحكومية..

وقد اتهم رئيس الفريق الحكومة بـالتنصل من وعودها الانتخابية، والتنكر للبرنامج الحكومي الذي نالت على أساسه ثقة البرلمان، قائلا: “اسمحوا لنا أن نُنعش ذاكرتكم ببعض ما التزمتم به أمام المغاربة وفشلتم في الوفاء به نتيجة قصور السياسات الحكومية ومحدودية التدخلات”، ومن بين هذه الالتزامات التي لم يتم تحقيقها حسب تعبيره: “تحويل المستشفيات الإقليمية إلى مؤسسات جاذبة قادرة على تقديم خدمات ذات جودة، في حين أن الواقع يكشف غياب الأطباء، وتعطل الأجهزة، وفشل في القيام بأدوار الرعاية، تعميم نظام “طبيب الأسرة” لتغطية ما بين 300 و400 أسرة، وهو ما لم يفعل، إجبارية المراقبة الطبية للنساء الحوامل، وهي مهمة لم يقدر القطاع العام على توفيرها، تقليص الإنفاق المباشر للمواطنين على الصحة، في حين أن الطبقة الوسطى اليوم تصرف أكثر من 50٪ من دخلها على العلاج دون أي تعويض، توفير بطاقة صحية ذكية لكل مغربي بحلول 2023، وهي الوعود التي اختفت من الخطاب الرسمي، تطوير العرض الصحي، في الوقت الذي لم يتحقق فيه أي شيء على أرض الواقع سوى وعود بعيدة الأجل، تحفيز الأطباء للعمل في المناطق النائية، بينما الواقع أن هؤلاء الأطباء يسارعون إلى طلب الانتقال، أو تقديم الاستقالة، أو البحث عن أي مبرر لمغادرة تلك المناطق، توفير سيارات إسعاف مجهزة وخدمة طبية استعجالية دائمة، بينما ما هو موجود فعليًا لا يتجاوز سيارات نقل عادية تحمل علامات “إسعاف”.

 مستشفيات بلا أطباء… والكرامة غائبة..

وانتقد رئيس الفريق الاشتراكي استمرار مظاهر الفوضى في المستشفيات العمومية، قائلا: “سيد الموقف هو حارس الأمن، هو من يدخل من يشاء ويمنع من يشاء، لأنه لا وجود لطبيب أو مدير مستشفى أو مندوب إقليمي”، مشيرا إلى غياب أي أثر واقعي لشعار “الدولة الاجتماعية” على أوضاع قطاع الصحة، رغم أنه من القطاعات التي نالت اهتماما ملكيا وتشريعيا، مشيرا إلى أن نواب الأمة قدموا أزيد من 1500 سؤال كتابي و1300 سؤال شفوي حول الموضوع إلى حدود يونيو 2025، في دلالة على حجم القلق البرلماني من واقع الصحة بالمغرب، مشددا على أن الحكومة أخفقت في تفعيل ورش إصلاح المنظومة الصحية وتعميم التغطية الصحية، قائلا: “لسنا هنا للمزايدة، بل نريد مساعدتكم على وقف هدر الزمن السياسي والتنموي في بلادنا”.

 الفريق الاشتراكي يقدم مداخل إصلاحية ضرورية..

كما استعرض عبد الرحيم شهيد عددا من المداخل التي اعتبرها ضرورية لتطوير المنظومة الصحية وتكريس الولوج العادل للخدمات، من أبرزها:” غياب استراتيجية واضحة لتفعيل النصوص التنظيمية، مشيرا إلى أن النصوص صودق عليها وسُهل مسارها، لكن التنزيل الميداني ما زال بطيئا، والهيئات الجديدة لم تُفعل بالانسجام المطلوب، الفجوة المالية بين الطموحات والإمكانيات، فرغم رفع الميزانية الصحية بأكثر من 60٪، إلا أنها لا تكفي لتغطية الخصاص، في وقت تتحمل فيه الأسر أكثر من 50٪ من نفقات العلاج، مقابل مساهمة حكومية لا تتجاوز 41٪، الأسعار الخيالية للأدوية، والتي تصل أرباحها أحيانًا إلى أكثر من 100٪، ما يزيد العبء على المواطنين، ضعف أنظمة التأمين الإجباري عن المرض، بسبب غياب المراقبة، وعدم وجود مسالك موحدة للعلاج، وبروتوكولات واضحة، مما يؤدي إلى إنفاق عشوائي يهدد الاستمرارية المالية وصحة المواطنين، ضعف التنسيق بين السياسات العمومية الصحية، وغياب أدوات ناجعة للرقابة وضبط النفقات، نقص مهول في الموارد البشرية، حيث لا تتجاوز نسبة التأطير الطبي والشبه الطبي 1.7 مهني لكل ألف نسمة، مقابل توصية منظمة الصحة العالمية بنسبة 4.45، هجرة الكفاءات الطبية، بواقع 600 إلى 700 طبيب سنويا، مع عجز يقارب 32 ألف طبيب و65 ألف ممرض، الهوة المتزايدة بين القطاعين العام والخاص، مما يُفشل أي محاولة لإصلاح شامل للمنظومة، فشل الحكومة في تعزيز جاذبية القطاع العمومي في الصحة والتعليم، مقابل تمدد مقلق للقطاع الخاص، استمرار معاناة المواطنين مع غلاء الأدوية وغياب أمصال السموم، التي تزهق أرواح العشرات سنويا.

 واقع مرير… وأسئلة عن كرامة منتهكة.. 

وفي ختام تدخله، تساءل رئيس الفريق الاشتراكي: “أين الكرامة لمرضى السرطان الذين لا يُلتفت إليهم إلا بعد فوات الأوان؟، أين الكرامة للنساء الحوامل اللواتي يمتن في الطريق أو على أبواب المستشفيات؟، أين الكرامة للمرضى النفسيين الذين يجوبون الشوارع دون مأوى أو علاج؟، أين الكرامة للمواطنين من الطبقة الوسطى الذين يجبرون على الاستدانة لعلاج أنفسهم أو ذويهم؟ أين الكرامة للمرضى المزمنين الذين لا يتحملون كلفة العلاج ولا يحصلون على تعويضات؟”، ليختم مؤكدا أن الواقع الصحي لا يرتفع بالشعارات، ولن يقتنع المواطنون بـ”خطاب وردي” بعيد عن معاناتهم اليومية حين يضطرون للوقوف في طوابير طويلة أملا في الحد الأدنى من الرعاية.

تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

الإثنين 7 يوليو 2025 - 22:14

العنصرة.. موسم الفرح وذاكرة الأندلس بشمال المغرب

الإثنين 7 يوليو 2025 - 21:50

وكالة بيت مال القدس الشريف تنفذ المرحلة الثانية من حملة الإغاثة الإنسانية للنازحين في مدينة غزة

الإثنين 7 يوليو 2025 - 19:30

مجلس حقوق الإنسان يعتمد قرارا قدمه المغرب…

الإثنين 7 يوليو 2025 - 17:27

عبد الرحيم شهيد: “الحكومة أخلفت وعودها ولم تُوفِّ بالتزاماتها في ضمان الحق في الصحة”

error: